facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شركاء لا مجرد مشاركين


جهاد المومني
01-02-2023 12:45 AM

اتفق مع من يقولون أن بعض الشباب الأردني محبط وعازف عن المشاركة في الحياة السياسية في البلد دونما تفسير واضح ومنهجي لهذا العزوف، كذلك هم الكهول أيضاً محبطون مع وضوح، ولكن ثمة تفسير عفوي واحد دارج لهذه الظاهرة المقلقة، فالعزوف شامل لاي حراك وطني شبابي او غير شبابي سواء تعلق الامر بالانتخاب او الاحزاب، والتفسير هنا لا يبتعد كثيراً عن الفهم الشعبي للواقع انطلاقاً من الحالة الاقتصادية وظروف المعيشة وتكاليفها، اي أن الاردني المواطن والمسؤول والشاب والكهل والرجل والمرأة يذهب الى التفسير الأسهل في تشخيص حالة الاحباط الشعبي العام، فعند العاطلين عن العمل تكون البطالة هي السبب، وعند الفقراء يتحمل الفقر وزر حالة الاحباط، وعند اصحاب التجربة الحزبية والمراقبين للمشهد السياسي الداخلي فأن ظاهرة التراجع عن الالتزامات الحكومية وكثرة التجارب التشريعية وما يعتقدونها نوايا مبيته لاشغال الناس، هذه وغيرها من الاسباب تمثل الدافع لعدم الانخراط في الحياة السياسية بل ممارسة اسوأ اشكال الحياد والانكفاء الى مواقع تصيد الاخطاء والتشفي وضخ مقدار هائل من التحريض والدعوات الى توسيع دائرة الرفض لكل مشروع وطني اصلاحي حتى تشكل في الاردن جيش من المحبطين يتولى قيادته فصيل من المحرضين الذين يستغلون سهولة الوصول الى عقل الاردني من خلال شبكات التواصل الاجتماعي لدفعه الى هاوية الانغلاق الكامل والرفض المطلق للقوانين الاصلاحية والاجراءات التي تقوم بها الجهات المعنية من أجل تكريس رؤية الدولة الاردنية وجعلها منهاج عمل مواز لبقية الرؤى الاقتصادية والمجتمعية وغيرها، كل هذا دون ان يكلف المواطن العادي نفسه عناء الاستماع لوجهة نظر ثانية حتى ولو كان مصدرها طرف ثالث كالجهات الدولية التي تتابع الشأن الاردني عن كثب وتصدر تقاريرها دون مجاملة او تحيز، فالاعجاب لا يكون الا بمن يدحض قصة الدولة ويشكك بروايتها بل ويطعن بكل ما يصدر عنها بما في ذلك القرارات الشعبية بل والتشريعات حتى لو كانت تتفق مع اتجاهات الرأي العام ومطالبه.

بعض الناس احيانا لايريدون معرفة الحقيقة وانما البقاء على الصورة التي تشكلت في اذهانهم منذ سنين وتراكمت فوقها محاولات من التجريب وليس التغيير، وقرارات لم تجد الحلول، فما العمل اليوم لنزع فتيل الاحباط واقناع الاردنيين ان الامور تغيرت وان النوايا لم تعد مجرد محاولات وتجارب، ومثلما انكفأ المواطن على نفسه، انكفأت الحكومات ايضاً ومارست طقوساً من التردد والخوف من التغيير.

غير أن الحال تغير منذ عام باقرار قانوني الانتخاب والاحزاب الجديدين وتعديلات دستورية أبرز علامات حسن النية في موادها اخراج الاحزاب من وصاية الحكومات والحاقها بالهيئة المستقلة للانتخاب باعتبارها جهة محايدة ومستقلة بدورها عن وصاية الحكومات، ورغم أن قانون الانتخاب جاء متفقاً مع تطلعات الناس بقائمة وطنية حزبية وقانون احزاب يقدم لأول مرة تعريفاً واضحا للحزب وحماية تشريعية للمنتمين للأحزاب، الا أن ذلك لم يقودنا بعد الى التغير المنشود في ثقافة المجتمع على الرغم من القفزة التشريعية المهمة، فما زالت الاسئلة التي طرحت قبل عشر سنوات تطرح الآن بكثير من التشكيك من ان تكون هذه التغييرات مصيدة ستنقلب عليها الحكومات كلما تغيرت، فالشاب الجامعي خائف من فقدان امتيازات حصل عليها او فرصاً مستقبلية يخطط للوصول اليها عندما يتخرج ويصبح مؤهلاً لدخول بوابة الفرص، فمن يضمن له الأمان اذا ما انتمى للاحزاب الشباب يريدون ضمانات، وهل سيتغير الحال نحو الافضل اذا ما شارك بالانتخابات؟ لا أحد يضمن المستقبل، فمشكلة العالم في هذا الزمن هي عدم الاستقرار والمتغير هو الثابت، والاردن دولة متأثرة بل ومجبرة على التأثر والاستجابة ما دمنا في عوز حتى الى الماء..! ولكن لماذا لا يحظى هذا العوز بتفهم الناس فلا يلتمسون لبلدهم العذر ويهبون للاستجابة والتغيير دونما شروط او ضمانات؟ فما يحدث يشير الى أكثر من مجرد احباط عام سببه الوضع الاقتصادي، ما يحدث شرخ هو الفجوة ما بين قدرات البلد وطموحات بعض مواطنيه، اي ما هو رسمي وما هي شعبي، وغياب للثقة، في موازاة ذلك هوس مفتعل عشعش في عقول الكثيرين بكل ما هو غير اردني وتصغير للوطن وتكذيب فج لروايته، والاخطر من هذا كله التطاول على تاريخه وشرعيته وثوابته ومواقفه القومية والوطنية وانجازاته، فما العمل لاخراج شبابنا من هذه الزاوية، وكيف لنا أن نفرض رؤية الدولة الاردنية لتحتل حيزاً مهما كان متواضعا في عقول شبابنا بحيث تصبح قابلة للحوار حولها لا رفضها قبل طرحها على طاولة النقاش؟

لست ارى الحل في دفع الشباب الى الحزبية او تجميل الصورة لهم على نحو تصبح الاحزاب معها هي الحل لمشاكلنا، لأنها ليست كذلك ما لم تُخضع للتجربة ومحاسبة الناس لها عندما تتولى السلطة التنفيذية واتخاذ القرارات وتنفيذ البرامج، فالاحزاب كما الانتخابات وسيلة وليست غاية، لكن الجمهور يتعامل معها على انها مكسب للحكومات أو كأنها جباية من نوع ما ولذلك تروج لها الحكومة وتعمل لتكريسها، وهذا نابع من جائحة غياب الثقة التي اجتاحت عقول البعض وأوصلته الى مرحلة العزوف عن المشاركة في الانتخابات وفي الاحزاب لأن المشاركة–من وجهة نظري الغريبة العجيبة–خدمة للحكومات، فما العمل؟

انا ارى ان العمل على تغيير هذا الواقع يجب الا يقتصر على الشباب، فالاب والام والمعلم هم من يحتاجون الى الاقتناع أولا قبل ان نقل القناعة الى الشباب، وعلى الرغم من صعوبة تغيير قناعات الكبار، فأن علينا العمل معهم في موازاة العمل مع الشباب من أجل تكريس ثقافة مجتمعية تقوم على اساس المنفعة والا سنظل نراوح برامج الهداية والارشاد التي يتضاءل الطائل منها كلما تكررت الخطب والمفردات وكذلك الاسماء والوجوه، دعونا لا نغرق المجتمع بالكلام المعسول، لنترك للاحزاب فرصة تقديم الوعود بنفسها، ونقتصر وعد الحكومات على حرية العمل والتفكير والاختيار مع ضرورة ربط كل هذه القرارات بالمنافع التي ستعود على من يقرر ان يكون شريكاً في القرار لا مجرد مشارك ينتهي دوره بالادلاء بصوته، علينا أن نغير مفردة الخطاب من (المشاركة) الى (الشراكة).

في هذا الزمن لا عائد يرتجى من التلقين، ولا جدوى من المنع والحظر فكل المحظورات والممنوعات باتت مباحة في جيب اي شاب ومخزنة في هاتفه، فلماذا نغض الطرف عن هذه الحقيقة المهولة، اذ لن يغلب الشاب في الحصول على اية معلومة يحتاجها او يريدها بلا محاضرين عن اهمية الاحزاب والحكومات البرلمانية، يكفي الشاب تصفح الانترنت لمعرفة الاجابات عن جميع الاسئلة التي تجول في خاطره، الأهم من المعرفة توفر السبب المحفز للشراكة، والمقدمة هي المكاشفة ووضع الحقائق كاملة بين يديه، لكن قبل ذلك الاعتراف بكفاءاته وقدراته وانصافه كي يرى ثمرة تعليمه ويتذوق طعمها هو ووالده ووالدته، فاذا اخذ حصته رضيت عائلته وآمنت بعدالة الحكومات واقتنعت ببرامجها ورؤيتها، وبخلاف ذلك سيبقى رهينة لأبواق الاعلام الاجتماعي وصناع الفيديوهات التدميرية لعقول شبابنا، وسيبقى اي حاقد ومنتم للخارج قادراً على صناعة الاحباط ونشره على طول الوطن وعرضه.

(الراي)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :