facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عن رضوان السيد سردية الجبل والمعرفة


د. نزار قبيلات
05-03-2023 10:45 PM

عٌيّن رضوان السيد؛ عميد كلية الدراسات العليا والبحث العلمي في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية قبل أيام وبقرار من مجلس العمداء أستاذا فخريا في الأردنية أم الجامعات الأردنية ورائدتها، وبهذا تكون الأردنية قد شاطرت شقيقتها في أبو ظبي الأفق المعرفي الذي يملؤه العلامة الكبير رضوان السيد أينما حلّ وارتحل، فرضوان السيد أزهري المنبت، ألماني الصرامة والدقة، هارفردي النباهة والجدّة، أستاذُ موسوعي صافح مبكرا العلم والمعرفة، فخبرهما كما خبر حقول الكرز والأرز في جبل لبنان، لقد عاهد رضوان السيد نفسَه ولبنان على المضي نحو كل ما يمكن أن يجعل الأمة قارةً في الرفعة والسمو، ويجعل لبنان ساهما في الأمن والسلم والتعايش.

معرفتي برضوان السيد حديثة، بيد أن تعلقي به أصيل وعريق، وهذه الأيام أجدني كلما دخلت مكتبه هائما أمام كمٍ كبير من عناوين الكتب الحديثة والفريدة، كتبٌ تقترن بمشروعه النهضوي الحديث، والذي من أجله تشكل مؤخرًا تيارٌ فكري ناهض مِنصّته ابوظبي وعنوانه العالم.

وعلى غير العادة يزدحم مكتب رضوان السيد بالأساتذة قبل الطلبة، يطارحهم أفكارهم، ويشاركهم تساؤلاتهم وهمومهم، ويوجّه بوصلتهم المعرفية نحو الكتب الحديثة والأفكار الجديدة، فقد حدث أن رافقته حين دُعي من قبل القائمين على معرض ابوظبي للكتاب فقدّم الدكتور حينها وأمام عددٍ من الطلبة والباحثين الشباب تجربته المعرفية وقصّته في عالم الجامعات والكتب وفي عالم الكدّ والعوز والمكابدة، فقد رأيت بأم عيني كيف ألهبت سرديته تلك قلوب الشباب وزادت من سعير الدهشة في عيونهم، فرضوان السيد صانع معرفة ومؤسسات جامعية يعرف كيف يخلق تيارات المعرفة وكيف يدك حصون الفكر الرجعي المتكلّس بالحجة والبرهان والبيان، فقد عهدته من خلال مرافقتي له عاشقا وَلِها للكتب، يقتنيها وكأنه يقتني الماس الدفين، يحرسها ويحرص على تنضيدها في مكتبه وكأنها أسراب قطا التمت حوله، مكتبه في مبنى جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية يعجّ بالكتب الجديدة والمجلات المعرفية وكذا بالأصدقاء الذين يسميهم شركاءه في المعارف، في الحقيقة لا يمكن أن تقابل رضوان السيد دون أن تعيره وجدانك قبل أذنيك، لا يمكن أن تجلس في مكتبه دون أن يشاركك همّك المعرفي، فينصحك وهو العارف بأسرار الكتابة البحثية ومفاتيحها، إنه باحث عريق لا يبخل بالمعرفة وبأسرارها، إنه أستاذ يلهم ويلهب.

معرفتي برضوان السيد حديثة كما ذكرت لكن مكوثي في قلبه قديم، فصرت أعرف جيداً مدى رهافة قلبه، وكيف يستطيل صبره أمام تزاحم الأعباء وهموم البحث والنشر، فصبره في القراءة بلا حدود، ونهمه اليومي دفقً لا يتوقف، وقلبه عارم بالحبّ والإنسانية، لكنه كغيره من الأكاديميين الرصينين يؤمن بمسطرة المعرفة وقنطارِها، إذ حكمه موضوعي صارم، فلا يفر من أمامه إلا ضعاف الهمّة.

الملفت في سيرة رضوان السيد المعرفية أنه لم يقبل طوال سنين الخطل والهطل التي عاشها في الجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة تبونغن في ألمانيا وهارفرد في أمريكا أن يبقى حبيسا بين رفوف مكتبه وكتبه، فحلّق فوق حقول السياسة الملغّمة؛ فخاطر كثيرا بحياته في سبيل لبنان الذي عرفناه خدّا وضاءً للأمة العربية وتفاحة للشرق العربي، فعندما تهب سيرة لبنان على مجلسه ينقبض قلب رضوان السيد فيخالط الحنين والأسى الكلمات والعبارات، لقد أحببت هذا العالم الراتي وجاورته كثيرا في كل الظروف والملمات، ولم أشاهده إلا حريصا على العلم وطلبته وعلى كرامة المشتغلين في هذه الحقول، لقد شاهدت دقة عدسة قلمه، وسمعت صرير حروفه وهي تتواضع على صفحات بيضاء ظلّ رضوان يخشاها أن تظل شاحبة دون أن تسكب عصارات أفكاره وتحليلاته الفريدة عليها.

لقد اتسم رضوان السيد بسمات عديدة جعلت منه عالماً بحراً غزيراً، ففهم دروب الترجمة ومصاعب التدريس ومكابدة المقالة والقول في السياسة، فحين يكتب رضوان السيد فإنه يشق قلب الأفكار ويطرحها قابلة للتطبيق طازجة جاهزة عيّية على مزاميل النّقاد الذين حاولوا هدم فكر رضوان السيد المعافى من أمراض التطرف والتبجح والإقصاء، إنه عالم مكتنز، أجاد الصمود في قلاع المثقفين والأكاديميين، وتحمّل ساعات العمل والكد والوحدة في جدران مكتبه وكتبه، فتمهل كثيرا قبل أن يقول ما يلزم أن يقوله، وعرف كيف يجابه أفكار الضد والخصم بصبر ورويّة، لن يخشى رضوان سقوط الكتب والكتّاب عليه، ذلك لأنه صنع باقتدار مدرسته الرضوانية التي يتبعها مريدون كثر ويقتفيها باحثون أجلاء.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :