facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




زمن "أضحكني"


فيصل سلايطة
18-04-2023 05:21 PM

إن أردنا وصف العصر أو الزمن هذا الذي نعيشه وسط احتلال شبه تام لوسائل التواصل الاجتماعي و غياب واسع و شامل للمواجهات أو المناظرات أو حتى النقاشات يمكن وصف هذه الحقبة من حياة البشر بزمن " أضحكني "

فبنقرة زر يستطيع المرء كائنا من يكون أن يعبّر عن امتعاضه , عن استسخافه , عن عدم قبوله , عن رفضه لأي شخصية أو حدث أو تصرف بهذا الزر الذي يوفّره لنا مارك , فبات كل شيء يضحك , انطلاقا من الدولة للدين للدنيا للأرض للشجر وصول للحجر ,نعم الحجر فخبر اكتشاف أثريّ بسيط يدعي للفخر و الاعتزاز بكنوز الارض و اسهامات البشر بات خبراً سخيفا لدى البعض , فكل شيء بات يُضحِك ...

زمن الضحك هذا غريب , فبالرغم من تسميته بهذا الاسم إلّا أنّه بعيد كليّا عن معنى الضحكة الحقيقي , و كأنّنا نحن البشر عندما نتعمّق أو نقحم أنوفنا في شيء نُفسده , فقديما كانت الضحكة صريحة , و المذمّة واضحة ,الانتقاد لا غبار على عنوانه , و الاختلاف يخترق كل الابعاد ,,,, أما اليوم فقلّة تُناقش و قليل جدا أن نجد صفحات تُداعب العقل , فالكل في زمن " اضحكني " بات يستخدم هذه النقرة للتعبير عن رفضه دون ادنى محاولة للفهم.

فمثلا عندما نتصفّح انتاج مارك و نقرأ خبرا دينيّا يكون فيه اضحكني هو الوجه السائد , فهل يا تُرى جلب هذا الخبر الابتسامة لهذه الثُلّة , أمْ أنّ الضحك بات لغة تعبير جديدة ؟

وأما في نشاطات الافراد و افكارهم فزر اضحكني اصبح صفعة تُريد هذه الفئة المتحجرة بها أن تُقفل افواه العقول , فهل سيتراجع مارك يوما عن تخصيص الاحساسيس هذا ؟

في المدرسة كانت تقول لنا المعلّمة " الضحك بلا سببٍ ما هي إلّا قلّة أدبٍ " فهل يا ترى مرّت هذه الاصابع التي تُمارس الضحك بلا اسباب تُذكر برحلة المدرسة التربوية التأديبيّة الطويلة ؟

في عالمنا العربي المُتعِب المُتعَب , واحدة من أهم اسباب تراجعنا على كافة الاصعدة هي وأد النقاش , نحن لا نعرف كيف ننقاش , نضع الحدود و الحواجز أمام العقل ثم نسأل بكل بلاهة لماذا نحن هنا ؟ فغالبا نريد أن نضع نهايات لكل شيء , نريد نهاية للشك عنوانها اليقين , نريد نهاية للنقد عنوانه المجاملة , نريد نهاية للخلاف عنوانه عدم القبول الاخرس .

أما الاختلاف و قبوله فحدّث ولا حرج , فالعربيّ يتذمر إن أعدّت له زوجته في كل يوم ذات " الطبخة " أمّا على أرض الواقع فيريد ذات الطبخة , فهل يعقل أن نجد من يختلف معنا في العقيدة ولا نذمّه ؟ و كيف سنقبل افكارا نراها تحرريّة و هي في الواقع تليينيّة و لا نرجمها ؟

يطول الكلام و يتشعّب الشرح في هذه الظاهرة الغريبة , التناقض الرهيب بين المنزل و المدرسة , بين المثالية القاتلة و الرفض الموبوء للاختلاف , أما من يبقى على هامش الحياة في رقعة العرب , فينظر من بعيد لزمن أضحكني .... و بالكاد يضحك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :