facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عذرا يا نفسي


م. عادل مساعدة
15-07-2023 06:51 PM

في جلسة ذات مساء جمعتني بعدد من الأصدقاء وزملاء العمل حيث سأل أحد الأصدقاء سؤالا، هل نحن مقصرون بحق أنفسنا في غياهب رحلة الحياة بإرهاصاتها مدا وجزرا؟! وفي ميدانها المتناقض تعبا وراحة تارة أخرى؟! في حرارتها وبرودتها تارة ثالثة؟! بإقبالها وإدبارها تارة رابعة؟!.. وكل يطرح رأيه مابين التفاؤل والتشاؤم، ومابين العسر واليسر، وما بين الانجاز والطموح في ظل التحديات ومواجهة الصعاب.. وخلصت من هذه الجلسة الحوارية المفعمة بالتجارب الحلوة والمريرة ونحن سادرون في غفلة نسينا فيها أنفسنا، وراودني قلمي أن أخط كلمات حملت عنوانا " عذرا يا نفسي" حاولت من خلاله تجميع الأوراق المتناثرة من هنا وهناك التي تعبر عن حالة عامة نعيشها ونتعايش معها حيثما حللنا أو ارتحلنا آملا أن أكون قد سبرت أغوار نفس الانسان أينما وجد ... فالانسان هو الانسان بمشاعره واحاسيسه وإن اختلفت التجارب وبعدت المسافات.

عذرا نفسي على ما قد مضى واسمحي لي أن أفتح صفحة جديدة مع الحياة، وأن أمزق كل الأوراق الصفراء التي كتبتها وترقد بين حروفها أشلاء قلبي المكسور، وبين كلماتها بقايا روحي المتعبة وكثير من الوعود الكاذبة والأحاديث المستهلكة والصور الزائفة كي أخرج من الصراع والتردد وأعطيك الطمأنبنة والسلام والأمل.

عذرا نفسي فقد حان الوقت للتوقف عن الإخلاص للوهم والعيش على حافة الماضي، ومطاردة خيال ربما لن يأتي واسمحي لي وامنحيني الأذن لإعادة ترتيب الفوضى التي تسكن في داخلي وان انتزع حريتي من أسر العادة ومن قيود التعود، وأن أفتح مسامعي قبل عيوني كي أشعر بالدفء بعد شتاء الأحزان والقهر والألم,

اعطيني الأذن بالسير ولو بأقدام نازفة وعيون دامعة، كي أهرب من صقيع الوحدة ومن وجع الخذلان بحثاً عن الصدق المزعوم وعن الوفاء المفقود وأمنحيني أيتها النفس قوة الرفض كي انتصر لكبريائي، وأقول بملء فمي ألف «لا»، وأرحل دون التفات للوراء كي أعيد ربط الخيوط التي انقطعت بيني وبين الحياه .

امنحيني أيتها النفس القوة كي أستمع الى صوت الحياة والتمييز الصحيح بين الأشياء التي اختلطت علي من كثر ما مر أمام العين ومن شدة الزحام ،لا تتركيني وحيدا بأفكاري ومشاعري يلاحقني الارهاق وكوني معي لا أتقبل أنصاف الأشياء، وأن لا أرضى لقلبي نصف الاهتمام وأن أرفض المكوث في منتصف الطريق.

أيتها النفس كم كنت أصرخ كل ليلة ألف مرة وبلا صوت من وجع الحنين وعذابات الشوق وبات من حقي أن أتعافى، وأن أفتح مع بزوغ كل فجر تفاؤلا بحجم الكون، وأن أتنفس بعمق حتى تلتئم جراحي التي نزفت ولم يلتفت لها أحد وأن أهزم خوفي من المجهول، وأتغلب على ضعفي كي أقوى على فتح ذراعي لقادم جديد.

أيتها النفس حان الوقت كي أهجر المكان الذي لم يعد ملكاً لي بحثا عمن يصون الود ويحفظ العهد، ولا يغدر أو يخون، حان الوقت كي أنجو من حصار الذكريات معلنا الثورة على نفسي كي أتحرر من دكتاتورية الإحساس الأوحد والحب الأوحد ومن المشاعر الكاذبة والضحكات الساذجة ومن السعادة المزعومة.

أيتها النفس تحلي بالشجاعه والصبر ومن خوف البدايات الجديدة، وأكذوبة عدم احتمال البعد، والاختيار الخطأ وتحرري من البقاء في الجانب المظلم واجترار الألم كي أسير في طرقات الحياة بلا خوف من الوقت ولا خوف عليه كي أخفف أعباء روحي واسير فيما تبقى من رحلة العمر تحت الظلال الهادئه.

أيتها الذكريات التي تنغرس في ثنايا القلب، وترافقينني على طريق الحياة تتقلبين في قلبي وتتوسدين ما تبقى لي من الليل، حان الوقت أن أشفى منك وأن أوقف نزفك وأن أوصد الباب خلفي وأغلق شباك الحنين كي امضي قدما حاملاً معي أجمل الأحلام أتكئ عليك لننهي سويا ذلك الزمن الذي سرقناه من الزمن.

حان الوقت أن أدفن أحزاني وانكساراتي، وترك الأمس وعثراته وأخطائه وهفواته، وان أختار الوقوف في صف الحياة وليس وراءها، وأن أجدد العهد معك أيتها النفس، وأن أعيد اليك الحياة وألقها وأنسها وأن أنسيك كل اللحظات التي سببت لك الألم كي نخرج سويا من سياج الذاكرة كأننا لم نلتق بها من قبل.

وأخيرا اقول لك أيتها النفس التي تعيشين على ذكرى الماضي وأوهامه، انثري بذورك في أرض جديدة، وجربي بداية أخرى، وامنحي نفسك فرصة تستحقينها مع من يخلص لك، ويجاهد للفوز من أجلك، ودعي الأفكار الرمادية وانهي لعبة التحايل على الأشياء فأي جدوى اذا كنت تصنعين الفرح لغيرك وأنت غارقة في بحور الأسى والألم.

* دبي - الامارات العربية المتحدة





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :