لا يمكن اختزال أماني و طلبات الشعوب اليوم ببضعة دنانير تُعطى على مضض، أو أن تُختصرأحلام الناس ببضعة قروش تخصُمها حكومةً مرغمة و هي تعلم أصلاً أنها اقتصتها بطرق لا تمت الى الشرعية بصلة.

و لكن بما ان أجراس التغيير قد قرعت وأثبت الأردنيون أنهم لا يخنعوا و لا يقبلوا بالظيم كما كان يراهن كثير من المسؤولين الذين ظنوا أنهم يستطيعون أن يفعلوا بالأردنيين ما يشاؤون مختبئين تحت عباءة أو متنكرين بأقنعة.، فلقد سقط القناع و انتفض الأردن عليهم و سياساتهم من الشجرة الى العقبة مروراً باربد و الزرقاء و عمان, و مع وقفة اجلال و احترام لذيبان والكرك والطفيلة ومعان.

من الأجدى اليوم أن يلتزم المستشارون المضللون الصمت فكلامهم أضحى يزيد الموقف سوءاً وصعوبة, و كلماتهم المستفزة لمشاعر البسطاء بات السبب الرئيسي بتفاقم فجوة الثقة بين الشعوب و الحكومات. فاليهم نقول:

قد تكون الأوضاع المعيشية محركاً للاحتجاجات لكن يخطئ من يعتقد أن سقف طموحات ومطالب الأردنيين ينتهي عند الأحوال المعيشية, فليعلم الجميع أن رسائل الأردنيين أصبحت واضحة فالكل يدرك ان السياسات العقيمة والشخوص الفارغة هي أساس التدهور الحالي.

اذاً لابد من من اصلاح الامور من جذورها, فالاصلاح السياسي هو الأساس و بهذا يأطر الأردنيون لعنوان المرحلة الشعبية القادمة بانها مرحلة المراجعات والمحاسبة وفتح الملفات الاصلاحية.

لقد استنفدت هذه الحكومة أوراقها وقدمت مرغمة - كما يؤكد رئيسها- كل ما تملك بجعبتها من حلول, وبالرغم من التضحيات الحكومية "الجليلة" فان كل هذا ذهب أدراج الرياح, ومن المهم هنا أن ندرك أنه من المستحيل على من ولد ميتاً أن يكون قادراً على اسعاف الاخرين, فمن يحتضر تختزل أحلامه و أمانيه بالعودة الى الحياة.

من كانت اولوياته و اهتماماته تتعلق بالمصلحة الوطنية يجب أن يدرك أن المطالبات الشعبية هي مطالب وجب الاصغاء لها من جهة ما واعتبارها استحقاقات وطنية غايتها المصلحة الأردنية العليا و هي ليست استهدافات شخصية تقع في دائرة نظرية المؤامرة، فلا يجب أن يعتقد رئيس مجلس الوزراء و النواب أنها تستهدفهما شخصياً مع احترام الفارق بين الحالتين.

فالأردنيون يؤمنون أنهم بأمس الحاجة لقانون انتخاب عصري ولا يمكن لقانون عصري أن يُصاغ في غرفة مغلقة من قبل شخص, فالقانون الذي ننشد يجب أن يُصاغ ضمن اطار تشارك فيه جميع القوى السياسية ضمن اطار وطني شامل. ويدرك الأردنيون أيضاً أن جُل مشاكل الأردنيين سببها شخوص اعتلت كراسي المسرح السياسي عنوةً و لم يكن للأردنيين يد فيها لا من قريب و لا بعيد.

بات واضحاً أن الرحيل الحكومي هو المطلب الأول لكنه و بلاشك ليس الأخير, و ان كانت هذه الحكومة معنية بالمصلحة الوطنية فنستغرب كيف لا تسارع باختيار الرحيل. فمن المستهجن أن يبقى الانسان يصر على البقاء في مكان يرفضه و يطالبه اناسها بالتنحي مئة ألف مرة كل يوم.

الأيام القادمة ستثبت أن المعادلات السياسية دخلت مرحلة التبديل و التغيير و لا بد من مواكبة القادم بحكمة و حرفية و هذا يتطلب الاستماع لأصوات الأردنيين و تلبية رغباتهم. و لنعد لواقعنا و نعمل على تفادي أخطاءنا و نعطي الوطنيين الأردنيين الفرصة ليتولوا دورهم الشرعي بالحفاظ على الأردن و الأردنيين, و كفانا حزناً و ألماً ان أصحاب التويتر و الخلوات و الأوهام و التمثيليات والبرتقال و التفاح قد سجلوا أسماؤهم كمسؤولين في تاريخ الدولة الأردنية.

http://amersabaileh.blogspot.com