facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




السرطان يئن داخل جسد أبي .. هزم المرض ثم غادر


عبدالله مسمار
25-08-2023 12:10 PM

كنت أسمع صوت السرطان يئن داخل جسد أبي.. في كل مرة كنت اقترب منه أسمعه أقرب، لم يكن أبي يتألم او يستصرخ جسده، بل كان المرض يعاني من شدة مقاومته، ليس من أجل الحياة قاوم، بل رفضا لأن يغادر مهزوما، فهزم ذلك المنتشر الخبيث مقدما درسا في الصبر والصمود، ثم غادر مطمئنا..

كان وجهه بشوشا مبتسما في آخر اللحظات قبل أن يغادر غرفة المستشفى إلى العناية الحثيثة، كان يدرك إلى أين هو ذاهب، ويعرف ما لا نعرفه نحن، كان متشوقا لملاقاة ربه، فيما ظنناه ذاهبا إلى مرحلة عذاب الاحياء، فلطف به ربه ولاقاه ملاقاة الابطال..

كنت أسير خلف سريره المتجه إلى محطته الاخيرة مسرعا ووجهي مقابلا وجهه، ابتسمت في محاولة لرفع معنوياته فوجدت معنوياته أعلى مما أملك، رفعت له يدي لأحييه في احد ممرات المستشفى، ورفع يده لتحيتي، كان يقوى على ذلك فعلا رغم انه ذاهب إلى العناية الحثيثة، كان مستيقظا تماما مدركا لكل ما حوله ينظر للجميع ويبتسم، فيما نسبة الاوكسجين في رئتيه تقل عن 50 وترتفع إلى 70 في احسن الاحوال، وضغط الدم في جسمه ينخفض لدرجات تُعطِل كل اعضائه..

تلك اللحظة كانت آخر لحظات التفاعل معه، فأنا آخر من شاهده مستيقظا من غير الاطباء الذين منعوني الدخول معه غرفة العناية قبل أن يقوموا بتخديره، كان السلام بيننا هو لحظة الوداع الحقيقية، ابتسامته وبششاة وجهه ثم رده للتحية كلها أمور كانت تقول لي إنه مطمئن، لا أعرف إن كان يقصد الاطمئنان علينا بعد رحيله أم الاطمئنان لملاقاة ربه ام أنه كعادته كان يطلب منا أن لا نخاف عليه، كل ما اعرفه أن سلامنا هذا كان الاخير وجرى عن بعد.. بيني وبينه أقل من مترين اثنين لكنني لا استطيع لمسه، ثم اغلقت الابواب في وجهي، وفتحت له ابواب السماء..

في الأول من ديسمبر العام الماضي كانت أولى جلسات الكيماوي.. كان خائفا بما لا يدع مجالا للشك، لكنه لم يعلن ذلك إطلاقا، رافقته هناك، ورأيته ينظر من نافذة مركز الحسين للسرطان الذي يقدم أفضل الخدمات لمرضاه أيا كانت حالتهم الصحية، نظراته تلك كانت تختلط بها كل المشاعر في لحظة واحدة، خوف من مجهول لا يريد إظهاره، ووداع لوطن أحبه فقدم له الغالي والنفيس وترفع عن كل ما طالته أيدي الآخرين، وإدراك لصعوبة ما هو قادم.. كان يحاول اقناعي بالمغادرة لعدم جدوى ما سيحدث، ولكن أملنا بالشفاء ابقى عليه واقنعته بذلك حتى صار هو مصدر الأمل..

قاطعت نظراتنا المتبادلة ممرضة المركز، هي تنادي باسمه.. رأيت في عينيه فرحة غامرة وحماس للدخول إلى قاعة جرعة الكيماوي الأولى على عكس ما توقعت، كانت ترافقنا خطيبتي آنذاك، وحرص أشد الحرص على أن يبقى ظاهرا قويا متماسكا، فسار أمامنا وتركنا نلحق به..
أدركت حينها أنه أخذ قراره الآن بالبدء في رحلة العلاج.. وكان قرار المقاومة.

أبي هذا الرجل البسيط في ظاهره العميق في داخله، أمضى حياته وهو يقاوم.. في طفولته كان يقاوم كل ما هو أكبر منه ليثبت أنه الأكبر رغم صغره، فكان فلاحا يقاوم الأرض لانبات القمح وحصده وحراسته وبيعه، ويقاوم الجبال متسلقا إلى مدرسته، كما يقاوم حياة البؤس بحثا عن الفرح، وفي بداية شبابه صار يقاوم كل ما هو قوي ويحنو على الضعيف ليقف في وجه الظلم والاستبداد، ثم مقاومة الاحتلال الاسرائيلي دفاعا عن أرض فلسطين وإرث الأردن، ومقاومة الوحدة والاغتراب من أجل الدراسة في سوريا وايطاليا، ومقاومة جبال السلط ليصل كل يوم إلى الأغوار في الوظيفة قبل أن ينتقل عمله إلى عين الباشا ثم عمّان، وكم من مقاومة ومقاومة في الوظيفة لتبقى ايديه نظيفة.. لكنه اليوم يقاوم السرطان.

منذ هذه اللحظة بدأت ملامح حياته تختلف، كان عليه أن يزور المركز يوميا لتلقي جرعة العلاج الاشعاعي، ثم زيارته مرة واحدة اسبوعيا لتلقي جرعة الكيماوي، وزيارته مرة بين كل زيارتين لملاقاة الطبيب المختص، وزيارات متفرقة لاجراء الصور والفحوصات، صار ارتباطه في المكان الذي يكرهه كبيرا، إلا أن قراره بالمقاومة قد صدر..

كان يكره المكان لما يراه به من حالات تثير شفقته، فلم أر في الدنيا شخصا أكثر حساسية منه، كان يشفق على الجميع حتى من هم في حال أفضل من حاله..

سرطان في الرئة.. هذا كان تشخيص حالته، لكن الورم الخبيث كان قد توسع في الانتشار لحظة اكتشافه وبات في مرحلة متقدمة، فوصل إلى الدماغ، ثم إلى الغدة الكاظرية، جهود مضنية بذلت حتى قبلت حالته في المركز ووضعت الخطة العلاجية، عندها لم يكن يعرف شيئا عن مرضه بعد، فقررنا أن نرتب الأمور أولا ثم نترك مختصا من المركز الأشهر عربيا والحائز على الثقة العالمية ليبلغه التفاصيل، اتخذنا هذا القرار لإدراكنا أهمية العامل النفسي في العلاج ومدى اهتمام اطباء المركز به ومهارتهم في التعامل مع الحالات نفسيا وطبيا.. في ذلك اليوم كنا مرعوبين من رد فعله المتوقع او نكرانه للواقع ورفض العلاج، لكن ابتسامته الآسرة وقوة ايمانه بقضاء الله وقدره كانا صادمين لنا، إذ قال: الله يجيب الي فيه الخير..

بعد يوم الجرعة الأولى كان قد قرر عدم التراجع، وصار مسؤولا عن قراره، يروج له في كل مكان وكل جلسة وأي لقاء، يظهر أمام الجميع بهمة عالية وفي أفضل ترتيب مهما كان تعبا، وما أن يعرف أن احدا جاء لزيارته حتى تختلف ملامحه كلها فيصبح كمن ليس به علة.. يتماسك بالوقوف ويسير على قدميه كعسكري في يوم استعراض وطني، فلا يترك مجالا لأحد ان يشعر بالشفقة عليه حتى وإن كان أحد ابنائه، بل كان الأحرص على أن يراه ابناؤه بأفضل حالاته.

من تلك الشرفة كان ينظر هو إلى عمّان، وكنت من خلفه أنظر إلى العالم بأسره، رأيته يحتضنه.. ربما كان يتحدث في داخله إلى جبال عمان وضواحيها وبناياتها، في القرب من هذا الجسر أمضى معظم أيام حياته حيث كان مقر وزارة الزراعة، هو يعرف هذا الطريق جيدا، ويعرف ردهاته كافة، وفي كل زقاق له ذكرى، شريط سنواته الـ 74 مر أمام عينيه، وكذلك مرت كل ذكرياتي المتعلقة به امام عيني.. كنت استقبله طفلا عند عودته من العمل، وانتظره في الشارع أمام المنزل، ونغني له واخوتي عند وصوله فرحا، كنا لا نأكل طعام الغداء إلا عند حضوره، ولا يبدأ هو إلا بعد اجتماعنا جميعا على الطاولة، وفي المساء يصحبني يوميا رغم صغري في نزهة إما إلى وسط البلد، او نمر بها بدكاكين صويلح، كان يحبه الجميع ويحترمونه، ولا بد في كل نزهة من التوقف في محطات رئيسية أولها أمام بائع الفستق السوداني المحمص قرب دوار صويلح، ثم أمام بائع الفلافل، وفي طريق العودة عند بائع المثلجات في وسط سوق صويلح، وفي وسط البلد كان لا بد من التوقف عند حبيبة لتناول الكنافة الساخنة، وكذلك عند بائع الفستق السوداني الاشهر، وتناول عصير قصب السكر الذي كنت افضله انا ولا يحبه هو، وكنا نمر في سوق البخارية قبل أن يتقلص إلى دكانين فارغتين ليس من البضائع بل من ذكريات أبي..

كان أبا حنونا عطوفا مهذبا سريع البديهة، صادق لا يكذب على ابنائه او أي أحد أخر، انتهج تربية حديثة قبل استحداثها، لم يكن يعاملني إلا كصديق منذ نعومة أظافري، علمني الشطرنج والرسم والكتابة والتفكير الناقد، وكان يحاول شرح كل شيء لي ويسألني عن رأيي قبل اتخاذ القرار، ولدت أنا ومات هو قبل أن يضربني مرة واحدة بحياته أيا كان خطأي، وعمل كل ما بوسعه ليجعل حياتي واخوتي أفضل..

اما أنا فكنت أحاول دوما أن اتخذ قراراتي بنفسي لاثبت له أنني كبرت، لكنني عندما كبرت صرت الجأ اليه في كل كبيرة وصغيرة، فكان له دوما منظور ثالث للأمر يعطي فيه رأيه بنصيحة الأب الحاني، وكذلك يوكل إلي هو الأمور كبرت ام صغرت بكل ثقة..

ادركت أنه يعاملني كما لا يعامل غيري من ابنائه.. هو يعطي الدروس لمن حولي، ويدفعني انا إلى الاتزان، فإذا وجدني متشددا دفعني نحو التراخي، وإذا وجدني متراخ يدفعني إلى التشدد وفي الحالتين يتركني في الوسط، فتتزن الأمور ثم يرفع يده ليشاهدني.

بدأ عنده العد التنازلي منذ وقوفه أمام تلك الشرفة، هذا ما أدركه هو وظننته بعيدا أو تمنيته أبعد، فأنا لا أقوى على تخيل الفكرة، لكنه أدرك أيضا أن عليه أن لا يهزم، والبقاء واقفا حتى اللحظات الأخيرة، فراح يهون الأمر على كل من حوله..

انهينا الجولة الأولى من جلسات الكيماوي، وكنا نخشى على مناعته من الانخفاض، وفي الأول من آذار كان زفافي، بدأ أبي بارتداء الشماغ على رأسه ليخفي تساقط شعره، كنت أحب مشاهدته بالشماغ قبل أن يصاب بالمرض، وكان يفضل هو تصفيف شعره والابتعاد عن تغطيته حتى في الشتاء، لكنني في هذا اليوم كنت أحن إلى شعره الأسود الناعم الذي تساقط قبل أن يشيب، وكذلك ارتديت أنا الشماغ لنظهر سواسية في مناسبة كان ينتظرها بحماس وترقب منذ أشهر..

استيقظنا صباح العرس على صوت أمي تنادي.. ماذا يجري في الغرفة، سقط أبي على الأرض، كان فاقدا لتوازنه، وتوجهنا مسرعين إلى مركز الحسين للسرطان، التهاب الرئة يتزايد، واجراءات طبية لإعادة توازنه له، بعد ساعة قرر ابي الخروج من الطوارئ لانقاذ العرس، رفضنا ورفض الاطباء، وأصر هو على ذلك، حتى وقف على قدميه وصار يمشي لاقناعنا واقناع الطبيب، وبعد أخذ ورد وافق الطبيب على خروجه على مسؤوليته الشخصية شريطة عودته صباح اليوم التالي..

وبالفعل حضر الزفاف بهمة عالية رغم اصفرار وجهه، وطلب عدم اخبار أحد بما سيحدث غدا، ولم يكن يعرف في ذلك سواي واخي، ووقف عند مدخل قاعة الزفاف يستقبل الحضور ويتلقى التهاني، وشارك بالفعاليات بفرح وبقي حتى النهاية، ثم خلد إلى النوم واستيقظ مبكرا مستعدا لتجنيب الطبيب أي مسؤويلة، وعلى إثرها أدخل المستشفى 4 أيام بقي خلالها على جهاز الأوكسجين..

كانت تضحية عظيمة منه أن لا يريد لحفل زفافي التعطل او حتى تنغيص بهجة الفرح بعدم حضوره.. وربما كانت أنانية مني أن قبلت بذلك، شعرت بهذا في اليوم التالي بعد دخوله المستشفى، وعلى الفور ألغيت فكرة سفري وتوجهت إليه، كان مبتهجا بالزفاف رغم ما هو به.. للتو غادر عمي وابناء عمومتي من عنده، كان يحدثهم عن فرحه لا عن ألمه.. فحدث الزفاف هو المسيطر على كل ما بداخله.

هو لم يكن يتحدث عن ألمه قط.. دائما يحمد الله على حاله، ويتظاهر بقدرته على القيام بكل ما يريد، ويؤكد في كل يوم أنه أفضل من سابقه، إلا عند اقتراح خطة ما للخروج وامضاء بعض الوقت خارج المنزل، فلم يكن يفضل هذه الفكرة، ولا يقول "لا" إلا عند طرحها..

أصبح أبي بعد تقاعده من العمل بيتوتيا، يفضل البقاء في المنزل على الخروج منه، بعد أن كان دائم الحركة والخروج.. كنا قد كبرنا وتخرجن اخواتي الثلاث من الجامعات وبقيت أنا واخي الذي يصغرني بعامين طلبة، هو كان دائم الفخر بخمستنا، لكن صار لكل منا حياة شخصية يبحث عنها، ولم نعد نمضي معه معظم وقتنا كما في السابق رغم أننا لا نخرج دون ابلاغه، وصار هو من ينتظر عودتنا ليلا متنقلا من نافذة إلى أخرى، ولا ينام الليل حتى يطمئن أن الجميع خلد إلى نومه..

رفض أبي بداية قبول فكرة أننا أصبحنا قادرين على حمل مسؤولياتنا بأنفسنا، هو ما زال يرانا طيوره الصغيرة التي يريد لها البقاء مختبئة تحت جناحيه ليحميها، فظل يحثني على ترك عملي خلال دراستي الجامعية رغم أنه لم يجد لذلك مبررا مقنعا، إلا أن عينيه تقولان ما بداخله، هو لا يريد لأحد منا الخروج عن مسؤوليته قبل الوقت المناسب لذلك فما زال أب لنا جميعا.. قرأت ذلك مرارا وتكرارا لكن الزمن يمر يا أبي، وكان علينا خوض تجارب الحياة لنتمكن من ايجاد مكان لنا بها.. هو أيضا كان يدرك ذلك وكام يريد لنا خوض تجاربنا إلا أن عاطفته الجياشة هي من تتحدث، ولذلك لم يمنعنا وإنما بقي ينصحنا.

خرج أبي من المستشفى في اليوم الرابع بعد زفافي.. كان في صحة جيدة نوعا ما، إلا أنه استخدم جهاز الأوكسجين بضع أيام حتى استقرت الأمور.. بدأ فصل الربيع وكذلك كان ربيعه، تفتح وجهه كالزهرة ونما شعر رأسه مجددا، وخلع عنه غطاء الشتاء..

عاد سير الأمور إلى تناسق حتى كاد ينسى أنه مريض ونسينا معه، فما كان يذكرنا وأياه سوى مراجعات دورية إلى المستشفى، اليوم الكل متفائل وينتظر لحظة إعلان الشفاء، فأبي هزم السرطان.. كانت هذه قناعتي الشخصية فأنا اشاهده يوميا، وقد عادت حياته إلى طبيعتها..

أشهر عدة مرت على هذا الحال، لكن الصور الطبية والفحوصات كانت تقول غير ذلك.. ما زال المرض ينتشر، يقول الطبيب، وعلينا البدء بجولة ثانية من جلسات الكيماوي بعد أيام.. خيبة أمل اصابتني وأصابته، حتى الطبيب يؤكد أن الحالة على الورق تختلف عن ظاهرها الخارجي، فمن ير أبي لا يشك بأنه مريض..

لم يخيرنا الطبيب المسؤول بين الاستمرار بالعلاج او الابتعاد عن الكيماوي، كان متفائلا بالنجاح، ومتحمسا للسيطرة على المرض، لكن الخوف بدأ يملأ قلوبنا ووضعنا كل الخيارات على الطاولة، ومنها وقف الكيماوي، وكان قرار أبي أن نتابع ما يريده الطبيب رغم قناعته بأن لا فائدة من ذلك، هو قال لي ذلك.. أبلغني أن مهما فعلنا لن يؤخر ساعة كتبها الله له..

4 جرعات من الكيماوي كان عليه تلقيها خلال 12 اسبوعا بين الأولى والثانية 3 أسابيع، على أن تقيم حالته بعد كل جرعة... ذهبنا إلى الأولى، وبدأت تختلف معالم خارطة الحياة بعدها، فرغم مقاومته لم يهنا بيوم واحد، فإذا أكل تألم ويستمر بالأكل حتى لا يشعر من حوله، وكذلك إذا جلس أو نام او مشي... كان جبارا على نفسه عطوفا رحيما على كل من حوله حتى في أصعب ظروفه.

قبل مرور الاسبوع الثالث على الجرعة الأولى من الكيماوي المركز تلقى أبي اتصالا من الطبيب المسؤول، أراد سماع صوته والاطمئنان عليه، كانت نتائج الصور الطبية قد ظهرت، يقول الطبيب إن الأمور في تحسن، واتصل ليبشر أبي ويبشرنا، رفع هذا الاتصال معنويات الجميع.. يعني ذلك أن ما يحدث من أعراض الكيماوي سألت الطبيب، والذي أكد ذلك.

يومان مرا على اتصال الطبيب حتى جاء الخميس، استيقظ أبي غير قادر على النهوض.. رفض الذهاب إلى المستشفى رغم كل المحاولات.. توجهت إليه بعد انتهاء دوامي وحذرته من استمرار رفضه مفتعلا اتصالا وهميا أطلب من خلاله الاسعاف.. كان يقول لي إن كل شيئ قد انتهى، ولا فائدة حقيقة من المستشفى.

قال لي ما لم اطيق سماعه، "كنت أقاوم المرض فأذهب إلى المستشفى.. لكننا اليوم لا نقاوم مرضا، وإرادة الله لا راد لها"، فهمت ما رمى اليه وأجبته بيأس: "إذا كانت هذه ساعة النهاية فاجعلها بين ايدي الاطباء ولا تحملنا وزر إهمال الوقت"، فوافق على الذهاب شريطة أن اتركه حتى يودع صديقه الاخير باستمتاع، وكان له ذلك - سيجارة اخيرة دخنها في غرفة الجلوس-، وخرج من المنزل سائرا على قدميه، وكذلك دخل المستشفى..

هناك كان كل شيئ مستقر لحظة وصولنا.. لكن الساعة كانت قد اقتربت، وما هي إلا يومين ثم غادرنا رادا الأمانة إلى بارئها، راضيا مرضيا، منتصرا على مرضه مسلما بقضاء الله وقدره..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :