facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الثقافة السلوكية لسلطة الذات في تحمل المسؤولية والقرارات الحاسمة


د. ضرار مفضي بركات
28-08-2023 11:26 AM

إنَّ قوة ارادتنا سُلوكاً وقراراتنا مسلكاً لتنبثقُ من "سلطة الذات" بما توفرهُ من اعتبار ورفعة، بالتي نتوجّهُ بها أيضاً إلى أن تكون مَلَكَة لتحكم وتضبطَ رغباتنا وأهوائنا، ولتجعل من إدارة أولوياتنا ومهامنا تحت "سلطة المنطق"، والتي نُغذّيها، ونُربيها، ونبنيها، ونُعزّزها للفاعلية الهادفة؛ بقدر التخطيط الناجح والمستمر؛ للسير قُدماً، وتحقيقاً للرؤى والطموحات؛ وليكون الفرد والمجتمع كلٌ على قدر قراراته ومسؤولياته: (حملاً لها) بدافعية وحذر وبخطاً ثابتة، لا تحيد عن ثوابتها وهويتها الثقافية والتربوية والاجتماعية، إلى جانب (تحمل) المسؤولية التقصيرية؛ نتيجة الإهمال والتقاعس.

ويأتي هذا المقال وفقَ منهجية "الثقافة السلوكية" وأنماطها؛ توعوياً وإرشاداً وتوجيهاً؛ وإعلاماً للذات بحقوقهِا وما عليها من واجبات؛ ولتقرير موضوع "الثقافة السلوكية لسلطة الذات في تحمل المسؤولية والقرارات الحاسمة" في عدة محاور، على النحو الآتي:

أولاً: تُعد الثقافة نظاماً متكاملاً من التوقعات، لما يجب أن يفعله الناس من مظاهر الحياة المُختلفة؛ لأنها مجموعة من الأنماط (السلوكية) الهادفة؛ متى كانت السلوكيات هي أساس وركن الثقافة وهويتها؛ إلى جانب كونها سلوك اجتماعي، ومعيار موجود في المجتمعات البشرية؛ وما يميز ثقافة المجتمع الفاعل عن غيره! هو ما مدى أثر الثقافة على السلوك الإنساني؛ ضبطاً للتصرفات، وإرشاداً للوجهة النوعية والواعية؟!.

ثانياً: تُعدُ "الثقافة السلوكية" الهادفة السبب الرئيس في التشكيل والتأسيس للوازع والوجدان والضمير الحي للفرد والمجتمع، فهذا هو الدافع الرئيس لضبط السلوكيات؛ ولتقوم على توجيه بوصلة السلوك للفرد أو للمجتمع، وليتحقق به أن يكونَ كل من الفرد والمجتمع على قدر المسؤولية والأمانة، والإتقان في الأعمال والأقوال.

ثـالثاً: تعطي "الثقافة السلوكية" الحافز الرئيس في ضرورة احترام (الذات) بعيداً عن أي سلوك مُخل، وبناء الثقة بمنهجية السلوك؛ تهذيباً وإرشاداً، وكسب ثقة الآخرين وعدم خسارتها، بمنهجية واعية من طريق سلطة (اللا: الرافضة، والنعم: الموافقة) بالأهمية والاعتبار، كلٌ منهما في وقتهِ وزمانهِ ومكانهِ، وفي اتخاذ (القرارات الحاسمة) من طريق البناء الفاعل، مخزوناً وخبرةً، إضافةً الى الجوانب التربوية التي يتخللها دائماً الإرشاد والتهذيب المستمر والبناء؛ ليكون الدور مُهماً وبالغاً، من حيث النظر إلى مآلات الأفعال مُستقبلاً؛ لتبرز القيمة الحقيقية، والأهمية البنائية للشخصية: (الايجابية والفاعلة)، صلاحاً للفرد والمجتمع ككل.

وما تقدم ليسَ من باب النرجسية! بل هي أدوار مهمة جداً، خاصةً في التصرفات والقرارات، التي يقول: الخبراء: (( "إنها تجسيد رائع؛ لثقة الشخص بنفسه".. فهي التي تُخبرنا بأنهُ ليس لنا، ولن نسمح بأن يكون الآخر عاملاً سلبياً مُؤثّراً علينا دائماً، دون أن ننكر بكل تأكيد بأننا نتفاعل مع الآخر، ونحبّه، ونثمّن هذه العلاقة ونحترمها، كما أنّ القوة التي تمدّنا بها سلطة (الـلا) تُشدّد على حقيقة صعبة، تفرضها متطلّبات الحياة: "مسؤولياتي هي مسؤولياتي، وليست مسؤوليات أحدٍ آخر")).

رابعاً: يُعد الجواب بـ(الـلا) أداةً وحاجزاً نرسم ونُرسّخ بها حدود ذواتنا ونصونها.. فــ(الـلا) تقول: أنَّ «هذا هو أنا، وهذا ما أقدّرهُ، وهذا ما سأقوم بهِ، وهذا ما سأمتنع عن القيام به، وهذا هو المنحى الذي ارتأيته لنفسي» نحن نحبُ الآخرين، ونعطيهم، ونتعاون معهم، ونسعىَ لإسعادهم، ولكننا، دائماً وفي جوهرنا، ذواتٌ مستقلة ومنفصلة، هي القدر العظيم من تحمل المسؤولية بقرارتها وتصرفاتها وخطواتها بخطاً ثابتة، وبالتالي نحتاج (الـلا) لكي نصون هذه المساحة ونرعاها؛ تحققاً وحمايةً لنا ولغيرنا.

خامساً: أهمية رسم حدودنا الشخصية في ذواتنا من طريق ما تُرسيه (الـلا) مثلاً، من أننا في معظمنا يستشعر ثقلَ صياغة كينونةٍ نكون فيها "مسؤولين أو متحكّمين" بأنفسنا بصورةٍ كلية، مدركين: النضج والوحدانية, والقوة، التي تنطوي عليها هذه الصورة، -حيث نقارب هذه الصورة خطوتين إلى الأمام، وخطوةً كبيرةً للوراء- مذعنين أحيانًا تحت سيف الحب والعاطفة، وأحياناً تحت سُلطة الخوف، وأحياناً تقهرنا رغابتانا في التردد بالاختيار، فنجد الاختيار قد وقعَ على أمرٍ دونما ضرورة حقيقية! فكلما اقتربنا من إقامة سور الحدود، التي نفرضها نحن، أصبحنا أقوىَ، وهذه القوة تتطلّب سلطة (الـلا).

سادساً: ففي خطورة عدم احترام (الذات)، والشعور بعدم المسؤولية أو إشعار الآخر بعدم الاهتمام والمسؤولية؛ قالت:(د.سابرينا Sabrina Romanoff) أخصائية علم النفس الإكلينيكي: (( رُبما يكون من الشائع أن تُسيطرَ علينا فكرة: "الشعور بالسوء" أثناء مرحلة: (الطفولة، والمراهقة) عند البحث عن هدف حياتنا الأكبر، ومحاولة التعرّف على طموحاتنا، وما نرغب في تحقيقه، فقد يُمكن أن تُسيطر هذه الفكرة لاحقاً في الحياة أيضاً، عندما نقوم مثلاً بتغيير مسارنا المهني، أو عندما نشعر بأننا لا نعيش الحياة التي كنا نتمناها، أو أننا لا نُحقق العديد من الإنجازات، مثل الآخرين من حولنا- لكن أن يُصبح هذا النوع من التفكير "عادة" متكررة ودائمة، فهذا يشير إلى احتمالية معاناة صاحبه من " تدني احترام الذات" أو "الشك الذاتي" "أو لستُ جيداً في أي شيء))!.

وفي تقرير ما تقدم من محاور، نجد ضرورة إعمال الجوانب التربوية والسلوكية، من طريق ما يلي:

1- ضرورة إعمال العقول بكل ما هو مُتاح –علمياً وعملياً- بالذي يعد ضرورة تربوية واجتماعية؛ تحقيقاً لمصلحة الذات، خاصة، والمجتمع عامة؛ وهو أمرٌ واجبٌ شرعاً وقانوناً، قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: " وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ"..(مسلم، صحيح مسلم،(باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن)، ج4، 2074، رقم (2699).

2-ضرورة إعمال الجانب الثقافي والتربوي، وخاصة التربية الإسلامية، فهي تُعتبر مفهوماً تربوياً دالاً على مضامينها الواسعة؛ لأنَّها تُعد نظاماً ومنهجاً له أسسهُ العقدية، والمعرفية، والنفسية، والاجتماعية، وله نظرياته الخاصة، وإجراءاته الميدانية، التي يتم اعتمادها؛ كمنهج ضروري ومهم؛ لتربية الفرد، وتكوين المجتمع، وخدمة الإنسانية، وفق المنهج الرباني.

3- كما أنَّ التربية الإسلامية بمفهومها الشامل، وخصائصها وأساليبها، هي جزءٌ من الشريعة الإسلامية؛ لتتجاوز القول: بأنها مجموعة من المقررات العلوم الشرعية! ينبغي، دراستها أو تدريسها، باعتبارها سلوكا ًإسلامياً، إيجابيا ًمحكوماً بإطارٍ شرعي! بل لا بد من أن يُنظر إليها؛ على أنها جزءٌ من الشريعة، وأنها تربية فقهية وسلوكية، وتراث إسلامي رصين.

4- المقصود من أن نقوّي ثقافة فكرة (الـلا) الداخلية؛ لتكون حمايةً للحواس-عقلياً ونفسياً- بضبط التصرفات: (القولية، والفعلية)، فــ(الـلا) مانعة، ورصينة، وحصينة من الوقوع في الرغبة المدمرة: كالسيجارة والمخدرات الحسية، والاندماج الإلكتروني، كما تحمينا وتساعدنا في ضبط غيظنا وتحمل مسؤولياتنا في البيت ومكان العمل، وفي الشارع والسوق.

" الخلاصة " وأهمُ النتائج:

أولاً: نجد أنَّ سُلطة (الـلا) أو (النعم) تحمل من وجهين، هما: الأول: الوجه الذي ينظر لذواتنا، والثاني: الوجه الذي يرسم الحدود بيننا، وبين الآخرين، والهدف هو حماية الذات من تصرفاتها، تجاه نفسها أو تجاه الآخرين؛ تفادياً للضرر والإيذاء والمسؤولية عليهما؛ قال تعالى:﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾(195: البقرة).

ثانياً: إنَّ سلامة العقل في تفكيره ونضجه المُدرك، هو توفيق من الله سبحانه وتعالى، ولأنَّ العقل مناطُ التكليف، ومصدر مُلهم لنفسه، ويُلهم غيره, في أن يُبدع ويصنع وينمي العقول الأخرى، إبداعاً حضارياً، وثقافياً وانتاجياً، فهذا سر الإبداع، والنجاح الحضاري.

ثالثاً: إنَّ سلامة أغراض الإنسان ومقاصده، بموافقتها للأهداف النوعية، يُعدُ جانباً مُهماً؛ لتحقيق النتائج والطموحات والتطلعات، بعيداً عن التفرد بالقرار غير المدروس، أو التغني بالآراء المجردة، أو عدم نقد الأفكار المبعثرة، أو تبني الأذهان الجامدة، والنوايا الفاسدة، قال: ابن قيم الجوزية-رحمهُ الله-: (( وَكُلُّ مَنْ لَهُ مَسْكَةٌ مِنْ عَقْلٍ يَعْلَمُ أَنَّ فَسَادَ الْعَالَمِ وَخَرَابِهِ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ تَقْدِيمِ الرَّأْيِ عَلَى الْوَحْيِ، وَالْهَوَى عَلَى الْعَقْلِ، وَمَا اسْتَحْكَمَ هَذَانِ الْأَصْلَانِ الْفَاسِدَانِ فِي قَلْبٍ إلَّا اسْتَحْكَمَ هَلَاكُهُ)). (إعلام الموقعين عن رب العالمين، 1991م: ج1، 54 ).

رابعاً: التقرير بالمعادلة: (العقل) بما يُفكر + (الذات) الشخصية الداخلية+ تحديد (الوجهة) و(التوجيه) المُستمر= هُنَّ بمجوعهن أساس اللبنة (جوهرياً وهرمياً) في "بناء الشخصية"، واكتشاف الذات الايجابية (الآلفة والمألوفة) = وهذا يُظهر قيمة وأهمية سلطة (الـلا) في موقعها، وسلطة (النعم) كلٌ في موقعها، وإثراءهما في حصانة الذات، و"ضبط النفس" في التصرفات: (قولاً أو فعلاً)، وما بين وصفها بمظهرها الخارجي (الإيجابي والسلبي) من طريق "الثقافة السلوكية" البناءة والفاعلة، نمواً وتهذيباً وتربيةً وتعليماً، وأُلفةً بالانخراط الأُسري والمجتمعي، والوظيفي بالانخراط في سوق العمل إثراءً وعطاءً، وإنتاجاً وتنميةً.

خامـساً: الاستناد إلى أهمية البناء الفاعل لـ" الثقافة السلوكية لسلطة الذات في تحمل المسؤولية والقرارات الحاسمة"، إلى جانب ضرورة التنبيه على أنَّ احترام (الذات) بالاعتزاز والثقة بالنفس خيراً، والدراية بـ(الحقوق والواجبات) إلى جانب ما يجبُ من ملازمةٍ لهما من (إخلاص وأمانة) وتحملاً للمسؤولية عن كل ما يؤدي إلى إيذاء نفسهُ أو إيذاء غيرهُ، وينتج عنهُ ضرراً أو عِوضاً، أو مؤاخذةً؛ لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أنَّ رسُولَ الله –صلى الله عليه وسلم- قال: " لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ، مَنْ ضَارَّ، ضَارَّهُ اللَّهُ، وَمَنْ شَاقَّ، شَاقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ"(الحاكم، المستدرك على الصحيحين، ج2، 66، رقم(2345) صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه).

والله المُوفق لا رب غيره.

المراجع:

(النيسابوري، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري (ت261هـ)، المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت).

(الحاكم، أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه النيسابوري، المعروف بابن البيع (ت405هـ) المستدرك على الصحيحين، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1990م.

(ابن قيم، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين الجوزية (ت751هـ)، تحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1991م).

(مقال: بركات، ضرار، الثقافة السلوكية لسلطة الذات بين المجاملة وكسب ثقة الآخرين،23/8/2023م،https://www.ammonnews.net ).

(مقال: Psychology Today)) "أن تقول "لا".. كيف يرسم الرفض حدود شخصيتك ويحميها؟" على موقع شبكة الجزيرة الإعلامية)، على رابط: https://www.aljazeera.net/midan//2017/11/29)).

(مقال: محمد صلاح: خبراء(7) سلوكيات للناجحين يظنها الناس نرجسية)، www.aljazeera.net/lifestyle/2023/7/1)).

( Dr. Sabrina Romanoff, PsyD, is a licensed clinical psychologist.-

( “I’m Not Good at Anything:” How to Combat Low Self-Esteem)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :