facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المشهد من واشنطن ورياح التغيير


د. حسن البراري
28-01-2011 09:24 PM

عمون - نتذكر جيدا موقف الغرب - والولايات المتحدة على وجه الخصوص- عندما تحدّت المعارضة الإيرانية نتائج الإنتخابات الرئاسية قبل عام ونصف تقريبا واندلعت ما أصطلح عليه بالثورة أو الحركة الخضراء، عندها كان الغرب داعما قويا للمعارضة الإيرانية على أمل أن تنجح الثورة الخضراء بتحقيق ما فشلت بتحقيقه السياسات الغربية. وعلى العكس من الحالة الإيرانية يقف الغرب مشدوها لما يجري في العالم العربي ولا نراه داعما لإراداة الشعوب كما كان في الحالة الإيرانية والسبب في الحالتين المصلحة الغربية التي بات واضحا أنها تتطلب لجما لرغبات الشارع العربي.

هذه الأيام تعيش واشنطن حالة من الترقب وهي غير متأكدة من قدرة حلفاءها العرب على الصمود أمام الرفض الشعبي الجامح للسلطوية والاستئثتار بالسلطة والفساد والفقر والبطالة وبخاصة بعد أن تجلت حالة من التونسة بدأت تجتاح أكثر من شارع عربي وبخاصة مصر. وقبل غيرها، تدرك واشنطن أنها تواطئت وما زالت مع كل أشكال السلطوية في منطقتنا، كما وتعرف أيضا أن ارتفاع منسوب المشاعر المعادية لأميركا هي بسبب سياسات الأخيرة التي منها دعم السلطوية على حساب الشعوب، لأن تمرير السياسات الأميركية التي تخدم إسرائيل لا يمكن أن يقبل بها أي نظام يعبر عن مواقف الشعوب العربية، لهذا تستفيد أميركا من الأنظمة غير الديقراطية التي تأتي بحكومات دمية (puppet) لا تتحمل أكثر من مكالمة هاتفية من واشنطن لتنحني!

وعبثا تحاول السفارات الأميركية في غير بلد عربي أن تعثر على مقال واحد لكاتب له مصداقية أو غير محسوب على الغرب لعله يخفف من مخاوف التغيير التي إن حدثت فإنها ستفضي لاصطفافات جديدة ليس بوسع الإستراتيجية الأميركية المتراجعة ولا الإسرائيلية المستفيدة من الوضع القائم التعامل معها، ويبدو أن فجرا جديدا في العلاقات الدولية للشرق الأوسط بدأ بالبزوغ. وتخشى واشنطن من أن تفضي هذه الموجة من الإحتجاجات لإنتاج حكومات تعبر عن نبض الشارع وهي تعرف جيدا أين هو نبضها، فالدمقرطة الحقيقية لا تتسق مع مصالح واشنطن قصيرة المدى في الشرق الأوسط،.

وفي هذا السياق كتب قبل أيام قليلة ديفيد كابلان مقالا في نيويورك تايمز حذر فيه من عواقب الدمقرطة في العالم العربي، ولعله مقالته تعبر بعمق عما يدور في خلد صنّاع القرار في أميركا وإسرائيل، والأخيرة بالمناسبة انقسمت على نفسها بشأن موجات الإحتجاج التي تجتاح رياحها عالمنا العربيّ ولا مجال هنا للتعريج على الموقف الإسرائيلي.

ثمة مدرستان في واشنطن حيال ما جرى في الأسابيع الماضية في منطقتنا العربية وبخاصة في تونس ومصر، فالمدرسة الأقوى والمهيمنة في السياسة الخارجية الأميركية مازالت ترى أن مصالح أميركا الأمنية قصيرة المدى في الشرق الأوسط تتطلب التعاون من أنظمة سلطوية في العالم العربي حتى لو أغضب ذلك شعوبها التي "لا حول لها ولا قوة"، ولو إنتصر زين العابدين بن علي لأيده الأميركيون، فقد رأينا التصريحات المتناقضة قبل وبعد ثورة الياسمين. والمفارقة أن واشنطن تنتقد أنظمة مشابهة في مناطق أخرى من العالم. أما المدرسة الأخرى فترى أن من مصلحة أميركا على المدى البعيد تكمن في دفع الديمقراطية قدما حتى تتمكن الشعوب من التعبير عن آمالها ومواقفها.

وقد أخفقت السياسة الأميركية في وضع الضغط على الأنظمة السلطوية في الشرق الأوسط لاصلاحات حقيقة كان من الممكن أن تستبق حدوث الثورات المتسارعة وكان بإمكانها أن تحافظ على الوضع الراهن. غير أن واشنطن قبلت مقولة هذه الأنظمة المتعلقة بفزاعة الإسلاميين.
مشكلة الإتجاه الأول هي أنه يدفع باتجاه سياسات في المنطقة أفضت إلى تكثيف المشاعر المعادية لأميركا. وهو الأمر الذي يأخذه بالحسبان أصحاب الإتجاه الثاني، غير أن الأمر في تعقيد بالغ نظرا للعامل الإسرائيلي داخل واشنطن. فقوة لوبي إسرائيل والقوى المؤيدة لإسرائيل ترفع من الكلفة السياسية لتغيير المسار في سياسة أميركا، وقد شاهدنا كيف تراجعت إدارة أوباما عندما اتخذت موقفا فٌسر من قبل أصدقاء إسرائيل بأنه مؤيد للفلسطينيين! والمتابع لما يكتب من مقالات ودراسات في مراكز التفكير وكبريات الصحف والمتابع للبرامج الحوارية على شبكات التلفزة الأميركية يلحظ بأن الشارع العربي بدأ ينظر إليه كقوة قادرة على التغيير بعد أن ساد انطباع لردهة من الزمن بأن ذات الشارع لا يمكن له أن يقوم بأي شيء. وفي حديث لي مع أحد ألمع المحللين السياسيين هنا في واشنطن ألمح بأن جدلية العلاقة بين المصالح الأميركية قصيرة وطويلة المدى ستأخذ منحى آخرا ربما يفضي لتغيير في مواقف واشنطن وبخاصة بعد أن استبطن البعض هنا بأن عددا من الأنظمة السلطوية قد تكون عبئا على رؤية وخطط أميركا للمنطقة.

ومع أن العامل الإسرائيلي حاضر في كل خطوة سياسية أميركية تجاه المنطقة إبتداء من إيران وليس انتهاء بغزة، لنا أن نتساءل ماذا لو تغير طرأ على موقف إسرائيل واصبحت تل أبيب ترى أن هناك عناصر تشكل عبئا ليس فقط على مخرجات حل على المقاس الإسرائيلي (لعدم قدرتها على تسويقه) بل على أمن الوضع الراهن؟ هل سيفقد البعض غطاء هاما للبقاء؟ للحديث بقية!
اللافت أن ثقة أميركا بقدرة حلفاءها العرب على ضبط الشارع هي في تراجع، وهذا يفسر التصريحات التي تنطلق من مسؤولي الإدارة الكبار الذين تعملوا درس تونس وبدأوا بالحديث بشكل متوازن حاثين الأنظمة العربية الموالية لهم بأن تبدأ باصلاحات بدلا من الإستمرار بسياسات ثبت أنها وصفة عدم استقرار في غير بلد عربي. طبعا لا يمكن قراءة التصريحات الأميركية التي تبدو متوازنة إلا في سياق رغبتها في ابقاء خياراتها في التعامل مع المعارضة ومع الشعب مفتوحة وأن لا تظهر للشعوب كمن يدافع عن أنظمة فاسدة.

باختصار، باتت أميركا وللمرة الأولى منذ عقود تحسب حساب للشارع العربي، فالشعوب العربية بعثت برسالة بلسان عربي مبين للجميع بأن زمن الوصاية والابوية قد ولى، فلا يمكن للأنظمة العربية أن تستمر في تعميق لعبة الاستعصاء السياسي والاستخفاف بالشارع، ويدرك قادة أميركا أن كثيرا من الأنظمة السلطوية العربية هي أيلة للسقوط والمسألة ليست إذا وإنما متى، لهذا تفاجأ الأميركان كعادتهم بالسقوط السريع لتونس، وبقي على الجميع الانتظار لنرى كيف ستفضي إليه الأيام القادمة التي يبدو أنها حبلى بالأحداث وبخاصة مع تحول في موقف أميركا التي بدلا من أن تنحاز للأنظمة، فهي تقف الآن على قمة الجدار لتقفز باتجاه الفائز.

لهذا علينا قراءة كلمات هيلاري كلنتون التي صدرت اليوم بحذر لأنها اتخدت موقفا محايدا مؤكدة على دعمها لحق الشعب المصري في التعبير عن نفسه وانتقدت ما قامت به السلطات المصرية من الانقضاض على حرية التعبير، وحثت النظام المصري على الاصلاحات بمعنى أنها ما زالت تراهن على بقاء النظام لكنها قالت أنها تريد شراكة مع الحكومة المصرية والشعب معا.
hbarari@gmail.com

خاص ب عمون
د. حسن البراري - واشنطن





  • 1 فادي 29-01-2011 | 12:58 AM

    التغير بات في حكم المؤكد لان الشعوب انتهت من الصبر
    و الشباب يريد الاصلاح

  • 2 يوسف ربابعة 29-01-2011 | 01:27 AM

    الشعوب العربية قد بدات تعرف أن الحياة فيها ما يستحق التضحية، وأن على الغرب وأمريكا ان يدركا أن هذه الحقيقة باتت عيانا.. شكرا لك أخي حسن


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :