facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حساب القرايا والسرايا وهيمنة الغرب


داود عمر داود
27-10-2023 04:48 PM

هناك مثل شعبي يقول (حساب القرايا ليس كحساب السرايا). كان هذا المثل متداولاً زمن العثمانيين، وكان يُضرب لتبيان الفرق الكبير بين التفكير والتنفيذ، والفجوة بين الحاكم والمحكوم. فالقرايا تمثل الرعية، والسرايا تمثل السلطة. ونادراً ما تلتقي حساباتهما.

وفي العادة تتعرض السرايا لانتقادات القرايا في كل الأزمنة. وهذه الأيام، تكثر الانتقادات، في كل الاتجاهات، بسبب ترك إسرائيل تستفرد بأهلنا في غزة، وتشن عليهم حرب إبادة غير مسبوقة، دون أن يكون هناك تحرك عملي جاد لصد العدوان عنهم، غير التنديد، والشجب الذي لا يُسمن ولا يُغني من جوع.

الموقف التركي من العدوان:
فعلى سبيل المثال، كان لتركيا نصيب كبير من الغمز والهمز واللمز انتقاداً لموقفها، كدولة، حيال ما يجري في غزة من حرب شرسة وفضائع يرتكبها الغاصبون الصهاينة بحق المدنيين العُزل هناك، انتقاماً منهم بعد أن خسر العدو الحرب الخاطفة التي شنتها المقاومة، يوم السابع من أكتوبر / تشرين أول الجاري، التي كادت تؤدي إلى انهيار الكيان برمته.

صحيح أن الانتقادات طالت جميع الدول العربية والإسلامية، لكن تركيا نالها النصيب الأكبر من الانتقاد لأسباب متعددة. فعموم الناس، عرباً ومسلمين، يتطلعون إليها بعين الرجاء، بسبب مكانتها الدولية في عالم اليوم، وبروزها كقوة صاعدة على المسرح الدولي يُحسب لها حساب. إضافة إلى تقدمها في كافة المجالات.

تركيا والآمال العريضة المعلقة عليها:
فكان من الطبيعي أن تتعلق أفئدة العامة بتركيا إلى درجة أنهم يتمنون أن تكون لديها القدرة على حل مشاكل العالم الإسلامي بكبسة زر. هذا التعلق بتركيا، خلال العشرين سنة الأخيرة، استند أولاً إلى خطابها السياسي في ظل حزبها الحاكم، العدالة والتنمية. وثانياً استند إلى "الكاريزما"، والجاذبية المقنعة، التي يتمتع بها رئيسها رجب طيب أردوغان، الذي أصبح نجماً من نجوم السياسة على الصعيد العالمي.

وهكذا رفع الناس سقف توقعاتهم، وأمنياتهم، وطموحاتهم وآمالهم العريضة، مما قد تفعله تركيا إلى درجة تَفوق قدرة البلاد، ورئيسها، وحزبها الحاكم. ومن هنا شعر الناس بنوع من الخذلان عندما جد الجد واكتشفوا محدودية تركيا ورئيسها في التدخل لوقف العدوان على غزة. فكان العتب على قدر المحبة، كما يقولون.

الحسابات السياسية المعقدة:
فحسابات السياسة معقدة جداً، ودقيقة جداً، وليس فيها مجال كبير للمناورة، ولا يوجد مسؤول يريد أن يتخذ قراراً تكون نتيجته عكسية، خاصة دولة مثل تركيا تجد كثيراً من الجهات تتربص بها الدوائر. فهذه النعم والهبات الإلهية جعلت الناس يُفتنون بتركيا ورئيسها، كونه يتمتع بالدهاء، والمكر، والذكاء السياسي، ويقود بلاده بحذر شديد إلى بر الأمان، كي تستكمل أخذ مكانتها في الريادة.

فهذه هي الأمور التي وضعت أردوغان وتركيا محط الأنظار، وموضع اهتمام العرب والمسلمين هي نفسها التي جلبت لهما عداء الغرب، وخشيته من أن تواصل تركيا صعودها نحو آفاق بعيدة، تخرج معها من تحت هيمنته على العالم.

فالغربيون ينظرون إلى تركيا اليوم نظرة مريبة، بسبب تقدمها، ونزعتها الاستقلالية، وطموحاتها الكبيرة، وصعودها السريع. تُصاحب ذلك حالةٌ من الرعب من أن يتمدد نفوذها في الإقليم، فتخرج من تحت عباءة الغرب، وتفلت من سيطرته، وهي الدولة التي ظلت تدور في فلكه منذ قيام جمهورية أتاتورك، أو حتى قبل ذلك.

الخلاصة: حقل ألغام:
وهكذا ندرك أن من أسباب الانتقاد، الذي تعرض له الموقف التركي، منذ بدء العدوان على غزة، هي الآمال العريضة التي عقدها الناس عليها. كما ندرك أسباب تركيا في التريث والتمهل، وعدم الإنجرار وراء العواطف التي قد ترتد عليها سلباً، خاصة أنها ما زالت تشق طريقها نحو الأعلى، وسط حقل ألغام، لا مجال فيه للخطأ. وما أمر العراق عنا ببعيد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :