facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أنسنة المعاناة .. أسماء بلغة الأرقام


بسمة العواملة
20-11-2023 01:36 PM

في أيار من عام 2020 ، خصصت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية عبر صفحتها الأولى اسماء و اعمار الاشخاص الذين توفوا بسبب فيروس كورونا، معللة دلك بأنسنة هذه المعاناة بحيث ذكرت من أن هولاء الذي رحلوا بسبب الجائحة ليسوا مجرد أرقام و انما هم خسارة مؤلمة لا يمكن حسابها ، كان هذا العدد للصحيفة استثنائي بشكل كبير بحيث تناولت المقالات بذلك العدد ملخصات و لمحات عن حياة هؤلاء الضحايا عما كانوا من منظور إنساني و بُعد مهني لرسالة الصحافة و الإعلام لجعل الارقام اكثر إنسانية .

حقيقة ما دعاني لتذكر هذه الحادثة هو اصرار بعض المواقع الصحفية العريقة على تزويدنا يومياً بقائمة صماء تتضمن حصيلة باعداد الشهداء و المصابين ، كم نسبة النساء منهم كذلك الأطفال ، قبل ايام وصلتني هذه الاحصائية وأنا بصدد كتابة مقالي الاسبوعي ، هذه الاحصائية جعلتني اصمت لدقائق و انا أتأمل بها ليس من باب التحليل ، و إنما تعجباً و استنكاراً ، فكيف اختزلت مأساة شعب بأكمله و إبادة جماعية من قتل و تشريد و غيرها من ضروب الوحشية بمجرد ارقام ، صماء ؟!..

فالارقام لا تعلق بالذاكرة كما الأسماء عندما اقرأ تلك الاحصائيات ، اشعر بخيبة أمل كبيره تجاه هذا الاداء المخجل لبعض وسائل الاعلام التي حصرت رسالتها بمجرد تجميع لارقام و تعداد الشهداء ، و اكاد اجزم بأن هذا الاعلام اما متواطئاً او فاقداً لمنهجية العمل الصحفي الذي يقع على عاتقه تسليط الضوء على المعاناة الحقيقية لشعب يقبع تحت الاحتلال ، هذه الحرب التي حصدت الكثير من الارواح البريئة ، فهذه الارواح ليست ارقاماً بل اسماء لاشخاص لكل منهم حكاية ، حلم شغف و طموح دُفن معه ، لكل منهما عائلة و اصدقاء و أحبه عانوا جراء هذا الفقد نرفض أن تُستباح ذاكرتنا بأن يصبح كل هؤلاء الشهداء مجرد ارقام لا قيمة لها .

بمقابل أن يحتفل عدونا الغاصب في كل عام بيوم تذكاري بما يسمى بالمحرقة والبطولة، حتى أنه في احد الاعوام كان موضوع الاحتفالية تحت عنوان ( الاطفال في المحرقة ) يالا سخرية القدر قتلة أطفال غزة يحتفون بالطفولة، ومن باب أن لكل انسان إسم، كانت تتلى في هذه الاحتفالية وبصوت مرتفع اسماء الاطفال الذي ماتوا فيها تكريماً وتخليداً لذكراهم .

يالسخرية القدر قتلة أطفال غزة يحتفون بالطفولة، فهل اطفالهم يستحقون الحياة و التكريم واطفالنا يستحقون الموت و القتل؟! ، اطفال غزة الذين رأيناهم رغم كل المعاناة التي مروا بها و كل القسوة التي شهدوها من الاحتلال الغاشم كان يصطحبون معهم حبواناتهم الاليفة في نزوحهم الطويل، ظلوا على فطرتهم السليمة قلوبهم صافية بريئة محبة تمنح الامان و الطمأنينة، ليأتي احتلال غاصب يسلب منهم الحياة و الحلم .

فلكل اعلامي وصحفي يتوارى خلف احصائية منقوله نقول نحن غير معنيين بالارقام والاحصائيات، ولا نريد أن نعتاد المشهد بالتكرار، نريد أن نقرأ ونسمع قصصهم حتى ولو بنبذة بسيطة او حتى بكتابة اسماءهم، فالارقام لا تنصفهم وأنسنة الأرقام توجب توثيق المعاناة بالحديث عنهم ولو بمجرد ذكر اسماءهم حتى لا يصبحوا مجرد ارقام .

"الدستور"





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :