facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصفدي ومعلوف وأمينة ومؤمن


عامر طهبوب
06-12-2023 09:35 PM

*المشهد الأول؛ رسالة صوتية:

السلام عليكم، صباح الخير يا مؤمن، كيف حالك، إن شا الله بخير وكويِّس، (يُسمع صوت جانبي أجش، يردد بالقرب: مؤمن، مؤمن، مؤمن) وكيف أولادك، ومرتك، وكيف صحتك، دير بالك على حالك يمّا، الله يرضى عليك رضى قلبنا، ورضى ربنا رب العالمين، إن شا الله يا رب يِطلعك سالم من هالحرب، يا رب العالمين، يلّا، دير بالك على حالك، والله إني مِشتاقالَك، وكل يوم بَدعيلَك، الله يرضى عليك يا بنيي، بارك الله فيك.

*المشهد الثاني:، رسالة مصورة

أثناء تغطية الحرب الإسرائيلية الشرسة على قطاع غزة، وبخاصة في ساعات الفجر الأولى، تفاجأت بأن غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في منطقة مأهولة بالسكان داخل مخيم جباليا، وهي منطقة كانت عائلتي قد نزحت إليها قبل ساعات من استهدافها، فبعد ساعات من انتقال عائلتي إلى المنظقة، ألقت الطائرات الحربية الإسرائيلية حسب شهود العيان برميلاً متفجراً على المنزل الذي تقيم فيه عائلتي، ما أدى إلى استشهاد 21 فرداً، من بينهم والدي الأستاذ محمود، وأمي أمينة، وأخي الدكتور أيمن، وزوجته الدكتورة ختام، وابنهما محمد، الطالب في كلية الصيدلة، وابنتهما أمينة، الطالبة في كلية الطب، وطفلاتهن ماريا، وفاطمة، وحنين، وزوجة أخي عمار، وأطفالها، وخالتي أسماء، وزوجها المهندس ناجي، وخالتي الصغرى صباح، وزوجها أبو حسين، ولم تتمكن فرق الدفاع المدني من انتشالهم جميعاً من تحت الأنقاض حتى هذه اللحظة، سوى طفلة قذفت من شدة الانفجار إلى سطح مبنى مجاور للمنزل المستهدف، ووجدت مقطعة الجسد، وتم جمع أشلاء الطفلة، ودفنت.

*المشهد الثالث؛ لقاء تلفزيوني
قناة الجزيرة تستضيف وزير الخارجية أيمن الصفدي قبيل سفره مع وزراء خارجية عرب إلى واشنطن، في جهود تسعى إلى إقناع واشنطن بوقف الحرب، ضمن جولة تشمل دولاً أخرى أوروبية وغير أوروبية، أستمع إلى حديثه الذي راق لي بالطبع، ولكني سرحت، فأيمن الصفدي يضع خلفه على زاوية يسرى من مكان جلوسه في مكتبه، رواية أعرفها من غلافها: "التائهون" لأمين معلوف، أتراه تعمد وضع الرواية في زاوية مقابلة لعدسة الكاميرا، أم أن الأمر جاء صدفة غير مقصودة، لا أدري، وليس من المهم أن أدري، المهم أن الصفدي شطرني إلى نصفين، نصف ينصت إليه، وآخر ينصت إلى صوت "التائهون"، أسمع من الصفدي عبارة، وأردد عبارة أخرى على لسان معلوف: ولقد أنيطت بي المهمة المقيتة التي تقتضي التعرف على أحبتي، ثم الإيماء برأسي، لرد الغطاء عليهم، أنا المكلف بالاندثارات، وحين سيأتي دوري، سأتهاوى كما يتهاوى جذع شجرة دون أن ينحني. وأردد: البربرية في الغرب، ليس قوامها التشدد والظلامية، بل الغطرسة وقسوة القلب.

*المشهد الرابع، تأمل وبكاء
تأملت مقولة معلوف: "الهاتف خبيث، مخادع، يضع بين المتكلمين قرباً زائفاً"، استرجعت صوت أمينة، كل ما بقي لمؤمن من أمه، تسجيل صوتي قبل يومين من استشهادها، لكنه لا يستطيع التعرف عليها، ولا يستطيع الإيماء برأسه، حرمه الاحتلال لحظة وداع الأحبة، ولم يمكنه من دفنهم بكرامة. أخذت أكتب برقية تعزية ومشاطرة لمؤمن، قلت فيها: أن يلهمك وذويك الصبر، ثم شطبت "ذويك". لم يبق غير مؤمن، شُطِبت العائلة، إلا مؤمن، دعاء أمينة كان مستجاباً، لكن من يضمن حياة مؤمن بعد أن غابت أمينة، سيتوقف دعاء الأم، قلت لنفسي: دعاء الأم لولدها سرمدي أبدي يستفيد منه الولد، وولد الولد. استعدت صوت والد مؤمن الذي أصر على التدخل في رسالة أمينة الصوتية، فردد: مؤمن، مؤمن، مؤمن، واكتفى. مؤمن الآن يحتفظ أيضاً بصوت والده قبل الرحيل، وبعد قليل شاهدت حطام منزل أمينة، وأخذت أستعيد أسماء الشهداء التي تحت الركام، وغرقت في البكاء، شعرت بالهشاشة، لم يخرجني من تلك الحالة إلا "فيديو" قصير بثته القسام، سمعت عبارة: "جرافة، جرافة، جرافة، جرافة، سيبك منها، يلّا أضرب، الله أكبر ولله الحمد".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :