facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في مضافة الشيخ قويدر العبيدات


النائب الاسبق د. بسام البطوش
18-12-2023 12:03 PM

تشرفت بتلبية دعوة عشيرة العبيدات الكريمة، لحضور حفل افتتاح المرحلة الأولى من ترميم وإحياء، مضافة الشيخ قويدر السلمان العبيدات (1871-1937م)، في بلدة حرثا.

في حرثا إطلالة على الجغرافيا ساحرة ومذهلة حد الدهشة، فشمال الأردن ووادي اليرموك، وشمال فلسطين وجليلها الأعلى، وجنوب سوريا وجولانها، وجنوب لبنان وجبل الشيخ، كلها في مد النظر.

وفي حرثا إطلالة عابقة على التاريخ أيضاً، تاريخ الأمة الممتد من زمن الفتح وسيف الله المسلول، واليرموك إذ تكنس سبعمائة سنة من الاحتلال الروماني- البيزنطي، إلى زمن أيوبي عابق بالنصر والتحرير، فكانت حطين تدّك الفرنجة، على مرمى رمح من حرثا، وتحرّر القدس بعد تسعين عاماً من الاحتلال. ويمضي التاريخ إلى زمن عربي جديد، أبتليت فيه الأمة بفرنجة جدّد، في فلسطين ومحيطها، يأخذ فيه أرادنة الشمال مواقعهم في خنادق الأمة، ويشارك فيه شيوخ العبيدات في العمل الوطني، في زمن المخاطر والتحديات، لا المكاسب والامتيازات. وهذا الشيخ قويدر السلمان العبيدات، ورفيق دربه وإبن عمه الشيخ كايد المفلح العبيدات(1868-1920م)، في طليعة المشاركين في الفعل الاجتماعي والسياسي في المنطقة. ونجد الشيخ قويدر والشيخ كايد والشيخ سعد البطاينة والشيخ سليمان الروسان في سنة 1915م يعترضون على مظالم الاتحاديين وضريبة المساعدة في المجهود الحربي التركي في الحرب العامة الأولى.

ولما انتهى الزمن التركي كان الشيخ قويدر والشيخ كايد المفلح والشيخ محمد السالم العبيدات، ضمن ثلة من مشايخ الكفارات والسرو والوسطية، يوقعون في 8 تموز 1919م وثيقة اتفاق لحماية المنطقة، ودرء الأخطار عنها. وفي هذه المرحلة، دعم الشيخ قويدر السلمان والشيخ كايد المفلح، ثورة قادها أحمد مريود، وعلي خلقي الشرايري، ضد الفرنسيين، في مرجعيون، وجوارها، قبيل معركة ميسلون.

ولم ينعقد لواء للجهاد أو للمكرمات، في شمال البلاد، إلا كان الشيخ قويدر في مقدمة عاقديه، فكان بين زعامات شمالنا الأبيّ في مؤتمر قَم في الوسطيّة بتاريخ 6 نيسان 1920م، لمناقشة أحوال البلاد، في ظل الهجمة الإستعمارية - الصهيونية. وكان الشيخ قويدر مشاركاً في معركة سمخ بتاريخ 20 نيسان 1920م التي استشهد فيها رفيق دربه الشيخ كايد المفلح. وبذلك سجّل أرادنة الشمال الأبيّ في تاريخ الأمة أن أول رصاصة أُطلقت في فلسطين، ضد المشروع الصهيوني والسياسات البريطانية الداعمة له، كانت أردنية. وكان كايد العبيدات وصحبه أول شهداء قضية فلسطين. ولما انعقد اجتماع مشايخ وأعيان الشمال الأردني في أم قيس مع الميجور سمرست بتاريخ 2 أيلول 1920م، كان الشيخ قويدر السلمان حاضراً، وظهر في هذا الاجتماع وعي الأرادنة بالخطر الصهيوني، وبأهمية تشكيل حكومة توحد بلاد شرقي الأردن برئاسة أمير عربي، وبمنع المهاجرة الصهيونية لبلادهم.

وفي الزمن الأردني الهاشمي، كان الشيخ قويدر أحد أعيان العبيدات والشمال، ممن شاركوا في المؤتمر الوطني الأردني 1932م في عمّان. وكان الشيخ قويدر ممن يحرص أمير البلاد عبدالله بن الحسين على زيارتهم واستشارتهم، فلطالما استقبل الشيخ سمو الأمير مراّت عدّة، في مضافته هذه، التي حرص الأحفاد من الجيل العبيدي الجديد، على إحيائها للحفاظ على تراث عشائري وطني أصيل، يستحق احترامه واستلهامه، في خطوة عابقة بالرمزية والدلالات.

راعي الاحتفالية دولة الأستاذ أحمد عبيدات بكلماته المؤثرة، روحاً ونبضاً، صهر هموم الأمة في موقد مضافة قويدر السلمان، المشتعلة وعياً وقهوة وسخاء ووطنية. وأعاد دولة إبن حرثا للذاكرة، أن فلسطين ما غابت عن حرثا، ومضافة قويدر العبيدات في ماضيها، كما لم تغب في احتفالية الأمس، وأنها لن تغب عنها على المدى، فالصلات ممتدة في الزمان والمكان والإنسان.

في الماضي، سنة 1935م، أرسل الشيخ المجاهد عز الدين القسّام، مستعيناً بالعبيدات وبالشيخ قويدر، فأردف الشيخ على فرس القسّام، حملاً من الذهب، دعماً لجهاد فلسطين وثورة القسام. أُستشهد الشيخ القسّام في يعبد 1935م، وتوفي سنده الشيخ قويدر العبيدات في حرثا 1936م. وفي السنة الأخيرة من حياة الشيخ قويدر اشتعلت الثورة الفلسطينية الكبرى 1936م، وكشفت لنا قوائم المتبرعين، لدعم الثورة، أن الشيخ قويدر، كان حاضراً فيها، كعادته.

وفي الحاضر، وفي هذه الاحتفالية، حرص شباب العبيدات- كما أعلن الدكتور هايل عبيدات- على المثابرة على درب الأباء والأجداد، في دعم فلسطين، بالتبرع بمبلغ ماليّ يُسلّم للهيئة الخيرية الهاشمية، دعماً لغزة، في دلالة رمزية عميقة الأثر والمعنى.

وفي الحقيقة، لم تنقطع نخوة العبيدات والكفارات وشيوخها ورجالاتها، ونخوة شمالنا الأبيّ عن مدّ فلسطين، وجهادها الممتد أبداً، إذ قدّمت هذه الديار - كما جميع الديار الأردنية- خيرة الفرسان، والعسكر، والمجاهدين، والمناضلين، والسياسيين، والمثقفين، والأكاديميين، ورجال الدولة، ممن حملوا مشاعل الوعي والنضال، جيلاً إثر جيل، بل كابراً عن كابر.

في الختام، تحية تقدير أزجيها للأستاذ عوني عبيدات، حفيد الشيخ قويدر، لمثابرته على إحياء مضافة جده. وإن الدرس الذي قدّمه الأستاذ عوني، وشباب العبيدات، بالغ الأهمية، وعميق الأثر. ومن الضروري أن نتوقف جميعاً، أمام هذا الدرس النبيل في إعادة الاعتبار لتراث وطني أردني، تحاول موجات التغريب والتشويه طمسه وسلخ الأجيال عنه.

وفي أنحاء الوطن كله، وفي مكوناتنا الاجتماعية كلها، نماذج وشخصيات، ورموز تراثية، مادية ومعنوية، تستحق إعادة الاعتبار لها، بل يتوجب إستلهامها، وبث الحياة فيها؛ كشرط من شروط حماية هويتنا الوطنية الأردنية، التي باتت عنوان وجود، لا مجرد فلكلور.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :