facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




طهبوب يكتب: جيم بيكر ونهاية اللعبة


عامر طهبوب
21-01-2024 07:40 PM

استدعى الملك الحسين طيب الله ثراه مستشاره السياسي عدنان أبو عودة، وطلب إليه السفر إلى واشنطن، ولقاء وكيل وزارة الخارجية الأميركية جيم بيكر بناء على طلب أميركي لشرح مقصد الرئيس بوش من عقد مؤتمر دولي للسلام، وهذا ما حدث، التقى أبو عودة رحمه الله جيم بيكر في مكتبه، وأخذ بيكر يتحدث عن المؤتمر، وبعد ربع ساعة قرع الجرس إيذاناً بانتهاء اللقاء، وقرعت سكرتيرته الجرس من جانبها، وعبرت إلى المكتب لتلقي تعليماته التالية، وقف بيكر وقال: "أوكي سيد أبو عودة". لم يتزحزح "أبو السعيد" عن مقعده، وقال: أوكي على ماذا؟ قال: على ما شرحته لك عن المؤتمر. قال: أنت لم تشرح لي، وكل ما ذكرته لي هو أمر إجرائي. أدرك بيكر أنه لا يتعامل مع رجل ساذج، قال: ماذا تريد أن تعرف؟ قال أبو عودة: أريد أن أعرف نهاية اللعبة. قال بيكر: لن يكون هناك دولة فلسطينية. قال أبو عودة: ما الذي سيكون؟ قال: كيان، أقل من دولة، وأكبر من حكم ذاتي.

وها هو الرئيس بايدن يعلن عن شكل الدولة الفلسطينية التي يقصدها، قال للصحفيين: "هناك العديد من دول أعضاء في الأمم المتحدة، لا تملك السلاح"، وهذا يؤكد بالضرورة أن الدولة الفلسطينية التي يتحدث بايدن عن ضرورة إقامتها من أجل تحقيق السلام في المنطقة، هي دولة منزوعة السلاح حفظاً لأمن إسرائيل، وبالضرورة فإن شروطاً أخرى ستفرض على تلك الدولة. أي تصور أميركي لإقامة دولة فلسطينية، سيقوم على أساس كيان، أقل من دولة، وأكثر من حكم ذاتي، دويلة تسمى دولة، لها علم ونشيد، وعضو في الأمم المتحدة، لكنها منزوعة السلاح، فاقدة السيادة، وتابعة لإسرائيل، اقتصادها مرتبط بتل أبيب، لا حدود لها، وربما يكون لها مطاراً تراقبه إسرائيل، وربما يكون لها حدوداً تتحكم بها إسرائيل.

هل يقبل الفلسطيني أن ينشئ دولة منزوعة السلاح مثل كوستاريكا التي اختارت أن لا يكون فيها سلاح؟ كوستاريكا ليس لها حدود مع إسرائيل، ولا خطر يتهددها من غلاة المستوطنين، لكن الفلسطيني سيكون تحت رحمة إسرائيل، وهذه الدويلة منزوعة السلاح، مهددة في أي لحظة لإعادة الاحتلال، وللقصف، والتدمير، والتهجير، فمن يحمي أمن تلك الدولة الفلسطينية فاقدة المنعة.

إسرائيل لن توافق على اقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، لن تعيد الأرض كما كان الحال عليه قبل احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وستواصل الاستيطان في الضفة الغربية ولن يتفكك، وستواصل إسرائيل التدمير ومحاولات التهجير، وكسر الإرادة، وهدم الحلم، وهي لا توافق على فكرة إقامة الدولة، وليس فقط على إقامة الدولة، ويجمع على هذا الموقف اليسار واليمين، وبالطبع يمين اليمين الذي ينادي بإعادة احتلال غزة، وتهجير أهلها "طوعاً"!

طريق الفلسطيني نحو التحرير والحرية واحدة، طريق ضيقة، في اتجاه واحد، وبلا عودة، طريق غير معبدة، شاقة وشائكة، وطويلة، كثيرة المخاطر، متفجرة ومتعرجة ومظلمة وقاتلة، ولكنها تقود إلى النور، وثمن الوصول إلى نهايته، المزيد من الشهداء والتضحيات، بلا توقف، ولا انتظار، ولا تردد، وطريق "أوسلو" لن تقود إلى دولة، لا تصدقوا أن الفلسطيني سيأخذ حقه بالحوار والمؤتمرات والدبلوماسية، قضي الأمر، وانكشف الحال، وذاب الثلج، وغزة كاسحة ثلوج، رسمت لشعبها الطريق، ولا يحق للفلسطيني أن يتوه مرة أخرى، وأن يتوحد تحت راية واحدة في سبيل الانعتاق من قيد الاحتلال، وهو أوسخ احتلال في التاريخ الحديث، وربما في التاريخ كله، وكلما وصل مشروعه الاستعماري إلى نهاياته، سيزداد توحشاً.

الدرس الأهم الذي تعلمه الفلسطيني من عدوان المحتل على غزة، أنه لن يأتي الآخر ليحك له ظهره، وعليه أن يحك جلده بأظافره، والفلسطيني لا ينسى أرضه، كيف ينسى أرضه وقد كان يتشاجر مع جاره على حدود "الحيطة"، خشية أن تقضم من أرضه سنتيمتراً واحداً لصالح أرض جاره. وكيف ننسى أن قيسارية التي يعيش فيها رئيس وزراء الاحتلال، هي موطن عبد الحميد الكاتب الذي بدأت به الكتابة، وزارها ياقوت، وأكل من موزها وحمضياتها، قبل أن يهجّر أهلها على يد عصابات البالماخ في الخامس عشر من شباط عام 1948، كيف ينسى؟.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :