facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ويمضي الحبر للشاعرة سكينة مطارنة .. تستدعي اللاوعي للمساحات البيضاء


08-03-2024 09:37 PM

عمون - قراءة محمود الداوود - قصيدة للشاعرة د. سكينة مطارنة حملت عنوان "ويمضي الحبر" تأخذك من نفسك الى سر الكلمة، سر القلم، سر البوح، سر الحبر، سر المعنى، تجعل من الحبر بحرا، ومن الفواصل قواربا، ومن فيض المشاعر نهرا، ومن انسياب الكلمات وادٍ سحيق، ونزف الحبر كالسيل، ومن عالم المجهول في اللاوعي الى عالم محسوس في الوعي، وتسلسل الكلمات المختلفة فوضى حروف، وآخر الكلمات نقاط كأنها تستند الى الرصيف.

صور فنية ومجازات وانحيازات وتشبيهات وتلاعب بالمعنى، تجعلك وأنت تقرأ لا تقوى على التوقف، لا لعجز لديك إنما من سحر تسلسل الكلمات، تدعوك لتقطف المقصود، تُصوِر لك ببراعة لحظة الكتابة، لحظة التجلي، لحظة البوح، تجبرك أن تكمل كل كلمة، كل سطر، كل حرف ليكتمل المشهد بين يديك، فإذا بك أنت الغاية، فاليقين لديك، والقَدرُ يفؤض نفسه بعبارات رسمتها أفكارك، فهل تفهم المعنى أم تذهب أفكارك لتغرق في الوادي السحيق؟ هل تبلغ يقين المعنى أم تخذلك اللغة؟

كأن البوح سفر طويل يمر من بين الغمام، ويتساقط مطرا في شتاء العمر لكنه مطر مستنير، كأن البوح يطوف كل سنوات العمر واضعا ما مر فيه، أو ناطقا بما في أعماقه من تجارب ومعارف ومعاجم، كأنها بركان فيه حرارة المغزى لعل المغزى يقود الى اليقين.

إنها لحظة فارقة، لحظة ولادة لا تأتي سهلة، لحظة تستنفر لها كل جنود الكتابة، بدءا من الحبر الى الحرف الى الكلمة الى النقاط والفواصل والسطور في عالم الحس المُشاهد مرورا بالمعاني الدفينة والمغازي العميقة، والبوح المتساقط فوق بياض الصفحات لتلتقي تلك المحسوسات مع تلك الروحانيات فيتشكل الكلام، وهنا سر الحكاية.

هي لم تقل منذ البداية ويمضي القلم، لأنها لو قالت ذلك لجعلت من فيض البوح شيئا محدودا ينتهي بجفاف القلم، لكنها قالت الحبر، فالحبر يسقي ربما عشرات أو مئات الأقلام، إذن فإن التجلي أكبر وأعظم.
هي لم تقل "ورقة" او "كتابا" بل قالت مساحات البياض وورق رقيق، والورق الرقيق يحتمل الكثافة، والمساحات البيضاء لا حدود لها، والأسطر لا تحدها على ما يبدو حدود، والرصيف لا يعني الحد بقدر ما يعني إمكانية الانسياب نحو الطريق المليء بطرق التفادي والتغاضي، وسيل الحبر يمضي نحو ضفة النهر، وهل يتوقف النهر إلا عند مصبه في بحر كبير؟ وكذلك المطر، فهل يمكن عَد قطرات المطر المنهمر؟ فالبوح إذن لا يتوقف ولا حد له.

آه يا حبر، آه يا بوح، آه أيتها المعاني، كيف لك أن لا تستسلمي لذلك اللاوعي القادم من غياهب الروح الخفية الى عالم محدود في وعي لا يستوعب متاهة الغيب الكبير؟

الدكتورة سكينة لا تكتب لتتسلى فيما تكتب، إنها تدهشك وتبهرك الى عالمها ان استطعت فهمه، لكنك حتى لو لم تدرك معناه، تجعلك تستسلم بأنه يجب عليك أن تدرسه كي تفهمه، أسلوب جاذب، أجزم أنه نادر، تتلقف الكلمات بأسلوب بهلواني ساحر ثم تضعها في سلة المعاني ببساطة وتترك السؤال لديك: كيف حدث هذا؟

والان أترككم مع قصيدة "ويمضي الحبر":

(ويمضي الحبر/ في رحلة اللاوعي/ نحو الوعي في سر الكتابة/ يجتاز أميالا من طرق التفادي والتغاضي/ لا يأبه بفوضى الحروف/ ولا الحبر الغريق/ ولا مساحات البياض/ من الورق الرقيق/ يمضي السطر تلو السطر/ يزاحم سير الفواصل/ يلقي بالنقاط على جهة الرصيف/ ويمضي قاطعا تلك الطريق/ أيوقفه القدر؟/ أيسحبه الغيب نحو متاهة الغيب الكبير؟/ أيسكن الحرف بالقرب من وادٍ سحيق؟/ ويأخذه سيل الحبر في طريقه/ نحو ضفة النهر ويلقيه/ على ضفة البوح الأصيل؟/ سفر في شتاء العمر/ رغم مطر الحرف/ المنهمر بشكل مستنير/ غيم في أعلى الأفق/ يعلو الغيم غيم كثيف/ أين الرؤية في توقدها؟/ أين الضباب إن غابت الرؤية عن معنىً أكيد؟/ واللغة تنثر مجازها على حدود البوح/ سلاح غايتها في استرساله الخطر المثير/ أي تصافح بين أيدي المعاجم/ لتولد حرارة المغزى من السر الدفين/ وأي عمر يحمل بين طياته تجارب السنين؟/ أي سؤال يفوز بالإجابة؟/ أي إجابة تحظى بأسرار اليقين؟)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :