facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




افضل حكومة في اسرائيل !


فيصل سلايطة
18-04-2024 11:50 AM

لا يختلف أيّ صاحب ضميرٍ حيّ , أيّ انسان يمتلك احاسيس و مشاعر فِطرية , على فظاعة ما يجري على أرض الواقع في القطاع , مشاهد لا تُحتمل فاقت مشاهد القتل في هوليوود , و مجازر لا تُصدّقها الاعين وقعت في غزة , جابت مشاهدها العالم بأسره , فحرب غزّة هذه ليست كسابقاتها , فهي اليوم الحدث العاجل في كل مكان في العالم تقريبا , و في ظلّ عِنادٍ انتقاميّ تُمارسه اسرائيل تجاه غزة , تنتقم به من البشر و الحجر عن عدة ساعات اتاحها القدر للانسان الغزيّ أن يعبّر فيها بكل ما أوتي من قوة عن سنوات من الظُلم و التراكمات التي رضعها في الجينات و المُخيّلة من تحكّم اسرائيلي مُطبق .

يختلف كُثر على جدوى السابع من اكتوبر , و هذا أمر طبيعي في ظل مأساة كارثية ، فغزة قبل طوفان الاقصى أكثر أمنا و جمالا بلا احتلال داخلي ، لذلك ترى فئة من الناس السابع من اكتوبر كيوم مشؤوم جلب كارثة لا مثيل لها للناس هناك , كرجل مفتول العضلات ضربه صبي يافع من الخلف , فقام هذا الرجل بضرب الصبي حدّ السحل و القتل و تقطيع الاوصال , هكذا يرى معارضو حماس أو حتى بعض مؤيدوها الذين يفصلون بينها و بين طوفان الاقصى الصباح الاكتوبري المذهل ذاك , أمّا مؤيدو السابع من اكتوبر فيرونه انتفاضة لا مثيل لها سطّرت ضربة عميقة للصورة النمطية التي حاولت اسرائيل صنعها على مدار عقود من الزمن , بيد أن معارضو حماس قد يميلون للمنهج العقلاني الذي يُقيّم الحدث وفق النتائج و الامكانيات و القدرات , يميل مؤيدو حماس نحو المنهج العاطفيّ اكثر , الذي يتكئ على القدرية و العفوية في التعامل مع الاحداث , و الشرعية التي لا تعرف الحسابات.

لا يمكن ابدا انكار ايجابيات السابع من اكتوبر , فبالاضافة لكسر الصورة الحديدية للجيش الاسرائيلي , اثبتت اسرائيل استحالة وحدانية هذا الجيش , استحالة أن يتصرّف فرديا وحيدا دون دعم , فاسرائيل اليوم تعتمد على عدة جيوش غربيّة على رأسها الجيش الامريكي لرفد مخازنها بالسلاح وصولا لللوجستيّات و التخطيط.

من ميّزات السابع من اكتوبر , ايجاد افضل حكومة و رئيس حكومة في اسرائيل , فعند النظر من الباب النفعي لصالح القضية , بنيامين نتنياهو هو افضل من قاد الجيش الاسرائيلي , قد يستغرب البعض من هذا التحليل و يجدني أمدح و اثني على مُجرم حرب ! بالتأكيد لا ...

بل إذا نظرنا إلى طريقة قيادة نتنياهو لملف (غزة _حماس ) سنجد أنّه ملف انتحاريّ لاسرائيل بحد ذاتها قبل أن يكون دمارا لغزة , فلنتخيّل رئيس حكومة اسرائيليّ آخر قرّر العفو عن حماس , و الصفح عن ضربتها العميقة لاسرائيل , ماذا كانت ستجني غزة ؟ أكانت ستتحرّر ببضع عشرات من أسرى الحرب و صواريخ بسيطة بدائية لا تضاهي تلك المتطوّرة في اسرائيل؟

لو فعل نتنياهو هذا , هو أو أيّ صانع قرار اسرائيلي , لظهر الكيان أمام العالم حمامة سلام في وسط غابة من الثعالب , لكانت اسرائيل قد اصطنعت وسائل أخرى طويلة الأمد تخنق بها القطاع اكثر و اكثر لكن بضجّة اقل , من تجويع جزئي و حتى تسميم لماء و هواء غزة يفتك بالبشر عبر السنين !

بالتأكيد لو فعلت اسرائيل هذا لكنّا اليوم لا نتدمّر نفسيّا عند مشاهدة المآسي , لكان عدد الشهداء أقل بكثير و الدمار الواسع شبه معدوم , لكن ما دمنا اليوم في خضم هذه المعركة و دخلنا في نفق لا رجعة منه, علينا النظر و التحليل من جانب آخر مغاير عن التقليدي , نتنياهو اليوم هو أفضل رئيس وزراء اسرائيلي يُعرّي صورة الجيش الاسرائيليّ , يكشفها على حقيقتها امام العالم , دول عديدة بدأت تنظر لفلسطين من باب الشرعية و الاستقلال بعد ادارة نتنياهو للملف الغزيّ , شوارع العالم أنصفت غزّة في مشهد كاسح لم يشهده الغرب من قبل, فالغربيّ اليوم قد لا يعرف حماس و لا قادتها , بل يرى المشاهد الفظيعة و يسعى لانصاف فلسطين في المجمل بناء على ما شاهد.

رابين...
من وجهة نظر اسرائيل , كان رابين خطيرا بقدر خطورة الحُلم الفلسطينيّ بوطن مستقل , لذلك كان من الواجب التخلّص منه , اغتيال اسرائيل لرابين كان الورقة الاخيرة في نعش الحكمة الاسرائيلي في التعاطي مع القضية الوطنية الفلسطينية , فرابين بعد اوسلو كان يسعى لاستقلالية فلسطين خصوصا و أن اوسلو كانت اتفاقية عالمية و ليست ثنائية بين فتح و الدولة العِبرية , لذلك تؤكد اليوم اسرائيل أن نتنياهو جاء لتدمير اسرائيل من الداخل , لتفتيت الشارع الاسرائيلي الذي يتخبّط بوتيرة متسارعة , و يُرجم من دول العالم لفظاعة ما يقترفه في القطاع , و نتنياهو في قرارة نفسه يعي أنّه دخل هو الآخر نفق لا رجعة منه بلا لا بصيص ضوء يستطيع الاسترشاد له , فهو يعرف يقينا بأنّ انتهاء ملف غزة يعني حرقا لكرته خلف القبضان , فنجده يتعنّت في التغّول في غزة بالرغم من الخسائر الفادحة التي يتلقّاها " جيش الدفاع " كما تسميه اسرائيل في القطاع .
من عدّل صورة اسرائيل ؟

الكيان الاسرائيلي يُفكّر بمكرٍ شديد , و يعي بأنّ ورقة ايران هي التي قد تعيده للمربّع الغربي و تنصفهُ تحت ذريعة المظلوميّة , لذلك حاولت تل ابيب ما باستطاعتها أن تستفز ايران باغتيال هنا و تصريح هناك , و ذلك لجرّ طهران نحو ردّ فعل يعيدها لحضن الغرب , و بعد أن ضربت اسرائيل مصالح ايران في دمشق و المبنى التابع لقنصليتها , استوجب على طهران رد اعتبارها , و هنا وقعت في الفخّ و المصيدة الاسرائيلية , فالاخيرة تعي أن بلاد فارس لن تتهور و تدخل في حرب حقيقيّة لا توقيت مسبق لها , و بهذا يصبح أي ردٍّ ايراني مهما كان بسيطا , سبّبا لعودة اسرائيل للغرب, و ذريعة لتكثيف الدعم لها لمواجهة " البعبع " الفارسي , اسرائيل علمت مسبقا أن الرد الايرانيّ سوف يرمّمها داخليا عبر اللُحمة الوطنية لمواجهة العدو التقليدي لها , و الشارع الاسرائيلي سيقف خلف حكومته , و خارجيا تعود اسرائيل لتناول العسل الغربيّ الدسم , لذلك ساهمت طهران برأب الصدوع الاسرائيلية على اختلافاتها.

لذلك اليوم و كل يوم يخسر نتنياهو المواجهة مع غزة , ليس بسبب غزة و صمودها و دفاعاتها القوية , فلنكن واقعيين بعض الشيء, غزة انهارت بشريا و عمرانيا و بالكاد نرى الصواريخ تنطلق منها نحو الكيان , بل خسر عبر ادارته الاجرامية للملف ككل , خسرت تل ابيب صورتها التي بنت شرعية الدولة العبرية عليها بعد " الهولوكوست " فالخلّ الذي سُقيَ منه اليهوديّ ظُلمًا في اوروبا بات يُسقيه بظُلمٍ إشد فتكا للانسان الغزيّ الاعزل في القطاع , فأي صورة هذه التي ستحافظ عليها اسرائيل؟

هي التي تعي بأنّها حتى لو قضت على حماس , ستبقى فكرة المواجهة و التحرير تتناقل عبر الاجيال , و ستنصف فلسطين عبر اجيال مختلفة عربية و غربيّة , حتى من داخل اسرائيل نفسها ستنتفض غدا الاجيال القادمة على ماضي دموي اقترفه الكيان تجاه غزّة يُعادل الهولوكوست إن لم يكن يفوقه !





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :