facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بين "حرد" الإسلاميين وبيت الطاعة الرسمي .. تضيع بوصلة الأغلبية الحائرة


رنا الصباغ
05-08-2007 03:00 AM

يبدو أن الخلاف المتناسل بين السلطة والتيار الاسلامي وصل الى طريق مسدودة على خلفية الدوافع التي ساقها الاسلاميون وراء الإنسحاب من الانتخابات البلدية بداية الاسبوع بعد خمس ساعات على بدء ما اسموه بـ "العرس الديمغوائي", في نبرة تهكم غير اعتيادية.بين الحكومة والحركة تقبع الأغلبية الصامتة والحائرة, يحاول كل من الطرفين استمالتها للدفاع عن موقفه.

لكن بدا واضحا أن انتخابات الثلاثاء وتداعيات انسحاب الإسلاميين عمّقت فجوة الثقة بين الحكومة والشارع, أظهرت قوة العصبية والجهوية وكشفت ضعف الثقافة السياسية والمدنية والتساهل في تطبيق القانون. وجميعها تشكل أسس توطيد ونمو الدولة الحديثة.

يأتي ذلك وسط قناعات بأن الانتخابات البلدية كانت "بروفه" لشكل ومضمون الانتخابات النيابية أواخر العام.

في خلفية المشهد أسئلة كثيرة فيما إذا ساهم انسحاب التيار الإسلامي في تعزيز شعبية الحركة? وكذا حول مستقبل عملية التنمية السياسية الموعودة? وتضاؤل احتمالات مشاركة الإخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية, عبر ذراعهم السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي, في ضوء غلبة تيار التشدد على الأصوات التي تنادي بالمقاطعة بينما تستعر لعبة شد الحبل منذ سنتين بين الإسلاميين والسلطات الأردنية? تسعى الأخيرة لرفع الغطاء عن هذه الحركة الأوسع نفوذا بعد ستة عقود من تحالف مصالح بينهما باعتبار أن الحركة- برأي الحكومات ومراكز القوى- أضحت موضع تجاذب واستقطاب مع دخول حماس على خط التأثير والنفوذ وبالتالي أخذت تتجه لمنافسة الدولة عبر محاولات الاستقواء على الحكومة تمهيدا لمحاولة انتزاع السلطة.

المؤشرات لا تدعو للتفاؤل. فقد بلغ السيل الزبى هذه المرة, على لسان مسؤولين معنيين بهذا الملف كما في خطاب الإسلاميين المعلن الذي اختطفته على ما يبدو قيادات متشددة. كل طرف يريد القاء اللوم على الآخر وتجيير نتيجة الانتخابات لصالح موقفه, بحسب ساسة ونشطاء حزبيين.

وتستمر أجواء التوتر الداخلي إلى ما لا نهاية وسط حرائق تجتاح الإقليم شرق وغرب المملكة.

الدولة, بحسب مسؤولين, تدرس حاليا إمكانية مقاضاة الإسلاميين على خلفية رسالة غير مسبوقة على موقع الجماعة الإلكتروني مسّت ضمنا إستقلالية القرار السياسي للدولة نسبت إلى "المحرر السياسي". سعت تلك الرسالة, بعد ساعات من الانسحاب, لشرح أسبابه بما في ذلك مزاعم بالتزوير وحشد أفراد القوات المسلحة للاقتراع على طريقة "الأمّي" ضد مرشحي الحركة في خمس بلديات محددة ينظر إليها كعنوان نفوذ تقليدي للاخوان: وهي مأدبا, إربد, الرصيفة, الزرقاء والكرك. كاتب الرسالة انتقد مباشرة وبنبرة حادّة دائرة المخابرات العامة مدّعيا أنها أدارت العملية الانتخابية وأرغمت العسكريين على التصويت في مناطق لم يختاروها أصلا ضمن "اقتراع موجّه" أثار انتقادات حتى داخل الدوائر الرسمية.

في المقابل لوّحت الجماعة بمقاضاة الحكومة خارج وداخل البلاد. وعقدت هذا يعني أن الخندقين لا يزالان ملتزمين بقواعد اللعبة الديمقراطية بعيدا عن تصفية الحسابات في الشوارع, بخلاف غالبية دول الجوار.

على أن حدة المواجهة لن تخبو على المدى المنظور بل هي مرشحة للتصعيد.

فالدولة, برأي مسؤولين, عازمة على الاستمرار في قصقصة أجنحة التيار الاسلامي, من خلال الاحتكام للقانون والدستور ضمن آلية بدأت قبل أكثر من عام حين أحالت ملف "جمعية المركز الإسلامي" إلى القضاء بشبهة رصد تجاوزات مالية. هذا المركز- الذي تفوق موجوداته وأصوله المليار دينار, يشكل عصب الجماعة المالي.

تمثّلت الإجراءات الحكومية أيضا بقوننة وتقنين الافتاء, ضبط منابر المساجد والضغط من أجل فك الارتباط بين إسلاميي الأردن وحماس الفلسطينية عبر عزل الرموز المتشددة المؤيدة للحركة الفلسطينية.

لن يهم السلطات كثيرا تقييم الغرب الذي فقد مصداقيته بسبب سياسة المعايير المزدوجة التي يتبعها تجاه العرب, ولأنه جمّد مسعاه لفرض اصلاحات سياسية على الشرق الاوسط لحماية الأنظمة الحليفة بعد صعود نجم الإسلاميين في الانتخابات التشريعية التي جرت خلال العامين الماضيين في فلسطين, العراق ولبنان وأخيرا في تركيا.

يرى أحد المسؤولين في مقابلة مع "العرب اليوم" أن الانتخابات الأخيرة اظهرت بوضوح قاطع "أن الحركة الاسلامية في الاردن اصطبغت بأطياف من خارج الثوابت الوطنية التي حكمت العلاقة بيننا". وهكذا, يضيف المسؤول, أصبحت الحركة مثل حماس, تستعمل لغة التخوين والتكفير والاستقواء على الدولة وعلى رموزها وأجهزتها الأمنية. كذلك باتت تنطلق من قاعدة إما ان نفوز أو نقاطع ونتهم".

إلى ذلك استرجع الرواية الرسمية التي صمّمت منذ الثلاثاء على أن تحرك الاسلاميين كان قرارا "مبيتا" بعدما تبين لهم أنهم متجهون إلى خسارة مواقعهم في البلديات الخمس. فالأمور بحسب رأي مراقبين, لم تكن تسير لمصلحتهم في ضوء موازين القوى التي تحدّدت سلفا وفق نسب التسجيل ووجود احتياطي من العسكريين يحق لهم التصويت وفق قانون البلديات وسط أجواء تنافس تقليدي عشائري جامد.

وشدّد المسؤول على ان الاسلاميين في البداية لم يقفوا ضد مشاركة القوات المسلحة لانهم "كانوا يعتقدون أن بإمكانهم استمالة منتسبيها من المتدينين" وهم كثر بسبب طبيعة المجتمع المحافظ في دولة دينها الاسلام ويقودها ملك هاشمي من نسب الرسول صلى الله عليه وسلم.

اضافة الى ان الحكومة تصرفت بحدود القانون وشروط المنافسة الديمقراطية. كما أن الإعتراضات والشكاوى أمام المحاكم كانت محدودة بضع عشرات تمحورت غالبيتها حول تكرار الاسماء في منطقة الزرقاء- أحد معاقل الإسلاميين- بعد الانتهاء من تصويب آلاف الاسماء خلال فترة الاعتراض. يمضي المسؤول للتذكير بأن الحكومة كانت أول من كشف قضايا تلاعب في الأصوات في قضيتين الأولى في الرمثا والثانية في عمّان. وتمت إحالة المخالفين للمحكمة.

ويتابع أن عددا من مرشحي الحركة لرئاسة البلديات كان يردّد علنا ان الاخوان "يريدون أسلمة المجتمع" في عملية متدرجة للوصول الى ما يسمى في أدبياتهم بمرحلة "الاستعصاء على الدولة" على منوال حماس في غزة.

وخلص كغيره من الأصوات الرسمية الى الاستنتاج بأن الاخوان ارتكبوا "حماقة سياسية" في الانتخابات البلدية سيدفعون ثمنها غاليا اذ كان من الافضل الاستمرار ورصد أي مزاعم تتعلق بالتزوير والطعن فيها دون الحاجة الى الانسحاب.

في المقابل, بات الاسلاميون على قناعة بأن السلطة تستهدفهم بهدف تحييد نفوذهم. يقول المراقب العام الاستاذ سالم الفلاحات إن مشاركة الاسلاميين رغم الاعتراضات والملاحظات تمت "لقناعتنا بأن الديمقراطية نامية ولن تصل الى الصورة المثلى التي نريد وكما سنتحمل المخالفات واجراءات التزوير والتأثير على الانتخابات". لكنه يستدرك أن "ما جرى يوم الانتخابات فاق كل التوقعات". ويرفض الفلاحات المعروف عنه خط الاعتدال, الاتهامات بأن الحركة الاسلامية "أساءت للوطن".

اليوم يدور الجدل داخل الاسوار الاسلامية حول كيفية التعامل مع الاستهداف الحكومي.

صحيح ان الحركة تركت الباب مفتوحا أمام احتمال المشاركة أو المقاطعة. لكن في الخلفية انعكاسا لما حدث على توجهاتهم واصطفافات القوى الداخلية التي تتنازعه لسنوات ثنائية الاعتدال والتصلب السياسي حيال جدوى المشاركة في المعادلة السياسية. في الميزان أيضا علاقة هذا التيار مع حلفائه من قوميين ويساريين, إذ بينما يرى بعضهم ضرورة مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة احتجاجا على "النهج الحكومي الاقصائي والتراجع المنظم عن الحريات العامة" يرى آخرون أنه لم تسجل تجاوزات كبيرة في البلدية تستدعي ذلك, وهم ينظرون إليها كمعركة ديمقراطية لمعالجة أي اختلالات مستقبلية.

من السيناريوهات المتداولة بين الإسلاميين لجوء الحركة إلى مقاطعة الانتخابات لكن من خلال تكتيك يضمن لهم الاستفادة من المدة الزمنية التي تستغرقها الحملات الانتخابية للاتصال بالمواطنين وترويج طروحاتهم الفكرية وحشد أنصار جدّد للجماعة وللحزب, قبل إعلان المقاطعة. وقد تعلن الحركة عن سحب مترشحيها قبل أيام من الانتخابات وتوجّه قواعدها الشعبية لصب أصواتها في صناديق مستقلين مقربين منها, أو عشائريين ينافسون مترشحو الدولة المناهضين للإسلاميين. ثمّة سيناريو آخر يتضمن ترشيح عدد من الاعضاء خارج قوائمها في المحافظات كما حدث في الانتخابات البلدية الاخيرة حيث لم ينسحب مترشحو الحركة ممن خاضوا المعركة خارج القائمة الرسمية بعد انسحاب المدرجين على قوائمها. وفاز خمسة من أعضاء جبهة العمل بمقاعد في عدد من البلديات.

واضح أن الدولة لا ترغب في دفع التيار الإسلامي خارج اللعبة الديمقراطية الى احضان التكفيريين. لكنها غير مستعدة لترك الملعب لها وحدها, تراهن على عامل الدين الذي يضفي عليها شرعية, وعلى تقديم خدمات اجتماعية بديلة وأجواء شعبية تكّن العداء لأمريكا وإسرائيل.

أحداث الثلاثاء قوّت جبهة المتشائمين من إمكانية التغيير والتحديث. إذ ترى هذه الفئة أن الانتخابات النيابية لن تختلف كثيرا عن مجريات الانتخابات البلدية.

قانون الصوت الواحد سيفرز نواب حارات وخدمات وشعارات وليس نواب محاسبة ومراقبة يعملون وفق برامج واضحة وأجندات تحاكي الهم الداخلي على حساب الشخصي. زد على ذلك ضعف الأحزاب السياسية وتيه الاغلبية الصامتة, غياب برامج عمل مقنعة, وحكومة تتهاون في تطبيق القانون على المترشحين وانصارهم بخاصة من قاموا بممارسات غير قانونية من شغب وتكسير سيارات وقطع طرقات وتعليق يافطات على كل ما طالته أيديهم وأرجلهم ليستكملوها بمسلسل تحدّي هيبة الدولة عبر الإمعان في إطلاق مفرقعات نارية احتفالية اختلطت بأصوات الرصاص, لتكمل مسلسل تخويف الناس وتهديد صحتهم, وحرمانهم من النوم وتخريب البيئة في أجواء غير مسبوقة من الفلتان.

إن لم يتم تدارك التجاوزات والتراجع عن الأخطاء سيكون الوطن الخاسر في غياب تيار وسطي يعطي خيارا ثالثا للحائرين بين الانتماء لحزب الدولة أو للتيار الاسلامي في مجتمع لم يحسم بعد موقفه من جدوى الإصلاح, وظروف موضوعية تلقي بظلالها على مختلف القوى التي ترى في استمرار سياسة الأمر الواقع الرهان الأفضل على الاستقرار, ولو كان مرحليا. وستستمر الشبهة حول نزاهة الانتخابات المقبلة التي يدفع ثمنها الجميع, حاكما ومحكوما.







  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :