facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تساقط الديمقراطيات


محمد العامري
24-05-2024 10:34 AM

لم يعد خافيا على أحد فيما كشفته غزة ما بعد السابع من أكتوبر بما يخص هزيمة الوعي العسكرتاري للاحتلال الإسرائيلي والذي يتمحور حول ضمير الغرور شبه المطلق بعدم إمكانية الصمود أمام ترسانة الأسلحة التقنية للاحتلال.

هذا الأمر الذي كشفته غزة وشكل هاجسا مزعجا للاحتلال حيث واجهة تساقط لأقنعة الوهم التي كانت شائعة بين عسكره وجنرالاته، ويبدو لي أن الضمير الجمعي الفلسطيني بكونه صاحب الأرض والحق الذي يعود بجذوره إلى آلاف السنون هو من يقاتل بمهنية لفتت جميع خبراء المعارك، فصاحب الأرض أدرى بتفاصيل أرضه بل يعرف رائعة كل نبتة فيه، إلى جانب قدرة المقاومين على إدارة حرب طويلة الأمد وتسجيل وقائعها في الميديا التي ينتظرها الكثيرون من فضائيات وشخوص.

وهي دحض لمقولة الجنرال موشي ديان: "تحتاج هزيمة الجيوش العربية كلها قتال يوم واحد لا أكثر"، لكننا الآن امام حقيقة كاشفة ومعدية حيث تعدت المقاومة حدود فلسطين لتفيض على الأرض كاملة، وها نحن أمام حالة من الوعي المغاير للمقولات الصهيونية يتمثل في احتجاجات الجامعات الأميركية والغربية كافة، تلك الحشود التي تشتمل على أجيال جديدة ستكون فيما بعد في ماكينة القرار السياسي المستقبلي والذي سيحدث تغييرا فاعلا في طبيعة النظر إلى القضية الفلسطينية بخاصة والمنطقة العربية بعامة.

فلم تعد مفردة فلسطين غريبة في العالم، بل أصبحت مائدة للمواقف والتساؤلات حول وحشية العالم الكاذب الذي يدعي انتاج ديمقراطيات تخدم الكائن الإنساني ووجوده، فما حققته الماكينة الوحشية للاحتلال من إبادة وقتل وتشريد ساهم في تثوير الوعي العالمي تجاه زيف الديمقراطيات الغربية وأذرعها المنتشرة في العالم العربي بأسماء مختلفة، “مؤسسات المجتمع المدني الممولة “التي أصابها الوهم فيما يختص بالحريات المزعومة.

وسبق لسارتر وأن أشار إلى مخرجات الجامعات الامريكية التي تنتج متعلما يمكث في دواليب المنهج المحددة له،

أشار سارتر في دراسته الواسعة إلى "الجامعات الأميركية" التي تنتج "متعلّمًا" يراوح في كتبه الجامعية، دون أن نغفل دور المفكر العالمي إدوارد سعيد صاحب العقل النقدي الغائر، الذ دافع عن القضية الفلسطينية عبر نصوص ووثائق دامغة شكلت خدوشا غائرة لدحض المفاهيم الواهمة لدى الاحتلال وما يشيعه في العالم الغربي والمبني على أكذوبات تلموديه مشفوعة بحلم الدولة الواهمة التي تقوم على تشريد الفلسطينيين، تحديدا في دراسته " دوائر وجماعات وأوساط ضيقة".

فما نحتاجه قد سبقنا إليه إدوارد سعيد بعقلية الناقدة الجبارة، بعيدا عن الظاهر الصوتية المشوبة بالعواطف التي لا يفهمها الآخر، حيث نحتاج إلى وخز العقل الغربي ومسلماته المخطئة تجاه قضية فلسطين، فهي تراكمات بعيدة تم العمل عليها من قبل الصهيونية لاختراق ضميره الجمعي وقلب المفاهيم وتحويل الحق إلى باطل، ولا شك أن الصهيونية استطاعت أن تنجز ذلك بحرفية عالية عبر المال وتسريب الموالين لها في مفاصل السلطات التنفيذية في العالم، كمن يزرع أصواتا تتخثر تحت جلد الماكينة السياسية التي أصبحت خادمة أمينة لفكرة الوطن الموعود.

وعلينا ألا نكون من هؤلاء المنخدعين بشبهات الديمقراطيات السائلة في المخيلة السياسية ومداياتها الواهمة، فقد استطاعت غزة بمقاومتها العظيمة، أن تكشط وهم الديمقراطيات الزائفة، وتضع العالم أمام مسؤوليات إنسانيته، بل كسرت جدران الصمت التي طوقت الصوت الفلسطيني.

فأخرجت القضية الفلسطينية من حدودها الضيقة لتصبح قضية كونية تخص وجود الإنسان في كل مكان في العالم.

فقد أعلنت غزة عن القاتل بوضوح الدم، على عكس ما كان سائدا حين تم تحميل الضحية صفة القاتل، والكشف عن ديمقراطيات تمارس القتل الوحشي للشعوب عبر حجج واهية لا تنطلي على أحد، دون أن يدركوا أنهم أعادوا للعالم يقظة استثنائية كانت تنام في جب الوهم.
فأصبحنا خارج سياج الحظيرة، نقود العالم بشمس تذيب جميع الأقنعة السميكة، والسؤال هل تستطيع الماكينة السياسية العربية استثمار هذا الإنجاز من باب الدخول في بوابة الفعل لا الفرجة.

فعلينا أن نغادر مدرجات الفرجة وننزل إلى سخونة الفكرة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :