facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من سنغافورة الى الأردن


يوسف منصور
26-05-2024 04:19 PM

نوه مقال بالعدد الأخير لمجلة الايكونومست إلى أن متوسط الدخل في سنغافورة كان 400 دولار في عام 1965، وأنه كان أقل بكثير "حتى من متوسط الدخل في الأردن حينها (548 دولار)". وحاليا يبلغ متوسط الدخل في سنغافورة 88000 دولار في السنة أي حوالي 20 ضعف لمتوسط الدخل في الأردن.

وطبعا كأي أردني لم يُعجبني أن تعتبر بلدي معيارا لتدني الدخل. لذلك قمت بالرجوع لكتابات ليكوان يو، رئيس وزراء سنغافورة وقائد ثورة التغيير والتنمية الذي حكم سنغافورة منذ 1959 واستمر في الحكومة حتى عام 1990 (توفي عام 2015) للوقوف على ماحدث في هذه الدولة المعجزة.

يقول ليكوان يو، وهو مثال نادر للدكتاتور الطيب الذي نال إعجاب وتقدير العالم على ما أنجزه، "لقد خلقنا هذا من العدم، من 150 شخصًا في قرية صيد صغيرة إلى أكبر مدينة تقع على بعد درجتين شمال خط الاستواء". يعيش في سنغافورة الآن حوالي 5.7 مليون شخص، 61% منهم من مواطنيها فهي تستقبل المواهب من كافة اقطار العالم. تبلغ مساحتها الإجمالية 280 ميلاً مربعاً ( أي أقل من 1% من مساحة الأردن). وهي ثاني أكبر كثافة سكانية في العالم وتمثل الدولة بأكملها مدينة واحدة كبيرة .

ويقول ليكوان يو "عندما بدأت، كان السؤال هو كيف يمكن لسنغافورة أن تكسب لقمة عيشها في منافسة الجيران الذين لديهم الكثير من الموارد الطبيعية، والبشرية، والمساحات الجغرافية؟" ففي البداية، كان صغر حجم سنغافورة يعتبر عائقًا كبيرًا. وكانت هذه الدولة-المدينة تستورد كل احتياجاتها من الغذاء والطاقة والمياه العذبة (وضع مشابه لحال الأردن بل أكثر حدّة بكثير) ، وكانت المنطقة المحيطة بها متورطة في صراع عرقي، وحميّات قومية، وحركات تمرد.

يجيب، ليكوان يو، "كيف ميزنا أنفسنا عنهم؟ إنها ليست أنظمة نظيفة. نحن ندير أنظمة نظيفة. إن حكمهم للقانون متزعزع؛ ونحن نلتزم بالقانون. بمجرد أن نتوصل إلى اتفاق أو نتخذ قرارًا، فإننا نلتزم به. لقد أصبحنا موثوقين وذوي مصداقية للمستثمرين. لدينا بنية تحتية عالمية المستوى، وموظفون داعمون عالميو الكفاءة، وجميعهم تلقوا تعليمًا باللغة الإنجليزية. كما أن نمتلك اتصالات جيدة عن طريق الجو، والبحر، والكابل، والأقمار الصناعية، والآن عبر الإنترنت."

أثبتت قيادة واستراتيجية ليكوان يو أن افتقار سنغافورة إلى الموارد كان بمثابة نعمة مقنّعة. فلتحقيق النجاح، كان على سنغافورة أن تكون مركزًا عالميًا قادرًا على جذب المواهب والاحتفاظ بها واستيعابها من جميع أنحاء العالم، ورعاية مواهب مواطنيها للوصول إلى أفضل المعايير العالمية من خلال التنافس والتفاعل مع أقرانهم الأجانب، وأن يكون لديها شركة طيران من الدرجة الأولى، وخطوط شحن من الدرجة الأولى، وبنوك من الدرجة الأولى. واجتذاب الشركات العالمية الرائدة لتصبح سنغافورة جزأ هاما من السوق العالمي.

بحلول عام 1975، كانت سنغافورة قد أنشأت قاعدة صناعية كبيرة، وارتفعت حصة التصنيع في الناتج المحلي الإجمالي إلى 22% من 14% في عام 1965. كما غدا الاقتصاد عند مستوى التوظيف الكامل وكان من الواضح أن سنغافورة ارتقت في سلسلة القيمة، وأصبحت الأنشطة الاقتصادية مكثفة وكثيفة المهارات.

وبحلول أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات، شهدت سينغافورة ظهور مجموعات قوية في مجال الإلكترونيات ذات القيمة المضافة العالية، والبتروكيماويات، والمكونات، والهندسة الدقيقة. وفي ثمانينيات القرن العشرين، أصبحت سنغافورة المنتج الرائد على مستوى العالم لمحركات الأقراص الثابتة. وبالنتيجة ارتقى ناتجها القومي من مليار دولار في عام 1965 الى 392 مليار دولار في عام 2022.

مهمة الحكومة حسب هذا الدكتاتور النبيل هي اتخاذ قرارات حازمة حتى يكون هناك يقين واستقرار في أحوال الناس دون الخضوع لوي البمصالح الخاصة وما ينجم عنهم من فساد. كما أن فن الحكم هو استغلال الموارد المحدودة المتاحة للبلاد إلى أقصى حد وتحويل التحديات الى فرص. فعللا سبيل المثال زادت سنغافورة مساحتها بحوالي 22% من خلال التوسع في البحر. والاختبار الحاسم لأي نظام قانوني ليس عظمة أو مثالية مفاهيمه، بل أن يكون قادرًا على إنتاج النظام والعدالة في العلاقات بين الشخص والآخر، وبين الشخص والدولة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :