ثقة الـ 83 صوتاً: مسؤولية وأمل.
عيسى حداد
05-12-2024 06:45 PM
حصلت حكومة الدكتور جعفر حسّان على ثقة مجلس النواب العشرون بأغلبية 82 صوتاً، وهو رقم يُمثّل محطة هامّة في مواجهة التحديات التي تمر بها البلاد. فهذا الرقم يُظهر توافقاً مبدئياً من النواب، سواء الحزبيين أو المستقلين، على الخُطط والبرامج التي قدّمتها الحكومة، رغم ما يُمكن اعتباره قصوراً في بيانها الوزاري الذي خلا من العديد من السياسات الوقائية والمشاريع الضرورية لتصحيح المسار وتحقيق تطلعات المواطن.
فالأردنيون يتطلعون إلى أن تُركّز الحكومة على أولوياتهم المُلحّة، ومن أبرزها مُحاربة الفساد واستئصاله، تخفيف العبء الضريبي، خفض الدين العام والعجز، تقليل فاتورة الطاقة، مُعالجة الترهّل الإداري، والقضاء على البيروقراطية. إضافةً إلى ذلك، يأمل المواطن في مأسسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص لخلق فُرصِ عملٍ للشباب الأردني ومُحاربة البطالة، مع تعزيز التنمية المستدامة من خلال مشاريع عادلة تُغطّي جميع المحافظات.
ولكن الثقة التي منحها النواب للحكومة ليست مُجرَّد إجراء دستوري، بل مسؤولية ثقيلة وأمل كبير. بَل إنها بمثابة تفويض شعبي للحكومة لترجمة وعودها إلى واقعٍ ملموس. فهذا التفويض يُلزم الحكومة بالعملِ الجاد لتحقيقِ تحسيناتٍ ملموسة في حياةِ المواطنين اليومية ومُستقبلهم، خاصةً في ظلِ الأوضاعِ الصعبة التي يعيشها الأردن وسط الأزمات الإقليمية ووسطَ لهيبٍ مستعر على كافة الجَبهات.
ولذلك على الحكومة أن تُثبت جدّيتها من خلالِ تنفيذِ رؤيةٍ استراتيجيةٍ واضحة تعتمد على الشفافيةِ والمساءلة والعملِ المُشترك مع جميع الأطراف. من خلالِ تحسين الأوضاع الاقتصادية، تحفيز النمو، وتطوير القطاعات الأساسية كالتعليم والصحة والبنية التحتية، كلها تحديات لا تقبل التأجيل وهي حقوق واجبة من الدولة للمواطنين.
وفي هذا الإطار، يتوجب على مجلس النواب مُمارسة دورهِ الرقابي بفعالية، ليُسهم في ضمان تنفيذ السياسات بعيداً عن المصالح الشخصية أو التهاون في المتابعة. فإنَّ دور المجلس يجب أن يكونَ شريكاً فاعلاً في تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على نزاهة العلاقة بين المواطن والدولة.
فالتحدّيات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة تجعل الآمال المعقودة على الحكومة كبيرة جداً. ونجاحها يعتمد على قدرتها على تحويل تعهداتها إلى إنجازاتٍ حقيقية تُعيد بناءً جسورِ الثقة بين المواطنِ والحكومة. فهذهِ الثقة لا تُقاسُ بالكلمات، بل بالأفعال التي تُحدِث تغييراً ملموساً في حياة الناس، وتُرسّخ نموذجاً حكومياً يعكسُ إرادةَ الشعب ويُلبي تطلعاته.
وفي نهاية المطاف، ما الثقة إلا بداية الطريق، والعمل الجاد هو الوسيلة، والإنجاز هو الهدف. والأيام القادمة ستكون المحك الحقيقي لمدى قدرة الحكومة على مواجهةِ التحديات وتحقيقِ النتائج. فهل ستتمكن من إثبات جدارتها؟
وحدها الإنجازات على أرض الواقع ستجيب عن هذا السؤال.