اعتدت أن أرتاد بلدة المخيبه وما حولها، مثل أم قيس وآثارها التاريخية على مدى سنين، ولكن هذه المرة زرتها في ظروف وأوضاع إقليمية جدّت، لم نعهدها من قبل.
المخيبه، قرية كبيرة نسبياً، تصلح أن تكون مَعْلماً سياحياً ممتازاً، لو استثمر فيها رأس المال الوطني في مشاريع سياحية أكبر، ما عدا بعض الاستراحات التي أقيمت، ربما من أبناء المنطقة، وكلها تستثمر الإطلالة على نهر اليرموك الذي ينبع من الأراضي السورية، وقد أقام الأردن سد الوحدة كمشروع مشترك بين البلدين، ولكن مواسم الجفاف، وتحويلات سوريا للمياه في عهد النظام السابق، خفّضت كميات المياه إلى أدنى مستوى، أيّ عشرات الملايين المكعبة من المياه، بدلاً من ٢٠٠ مليون كما كان مقرراً.
بمقابل المخيبه، أو على الجانب الشمالي للنهر، تظهر لك حدود سوريا الجبلية المحتلة من قبل إسرائيل، التي وسّعت عدوانها مؤخراً على سوريا، مستغلة تغير النظام السياسي، لتتحكم أكثر بمصادر المياه في هذه المنطقة.
تحكي المخيبه واليرموك موضوعات كثيرة، منها قضية توزيع مياه نهر الأردن المتدفقة بين الأردن وسوريا وإسرائيل، وفقاً لمشروع جونستون في الخمسينيات من القرن الماضي، لكن بعد عام ١٩٦٤، استولى الاحتلال عنوة وبالقوة على مياه نهر الأردن وما يصب فيه من مياه اليرموك، وحوّلها إلى النقب، تاركاً البحر الميت يزداد تقلصاً وموتاً، بسبب جفاف النهر، أو كما يسمى (بالشريعه)، وتفاقمت معاناة مزارعي وادي الأردن، جرّاء اختفاء مورد طبيعي هام للمياه من موارد ريّ مزروعاتهم من النهر مجاناً.
وهناك موضوع آخر مرتبط بالنهر، وهو الظلم الذي اقترفه النظام السابق في دمشقة بحق الأخّوة والجيرة مع الأردن، حيث قام ببناء عشرات السدود لتحويل المياه عن النهر إلى الداخل السوري، وهذا من الملفات المؤلمة التي يتعين حلّها مع النظام الجديد في سوريا الشقيقة.