لحظة من اللحظات العظيمة الثمينة المباركة، أُعلن فيها إيقاف حرب الإبادة الجماعية التي كانت بحق أهل غزة، فما بين قصف وحرق وتقتيل بصنوف الأسلحة التي لا تفرق بين كبيرا أو صغير مقاتل أو مدني طفل أو امرأة أو شيخ اخلفت أبادة جماعية بحق إخوتنا بغزة، ها هي الهدنة المنتظرة هدنة الصبر والثبات والعزيمة، فمن يريد الحرية عليه أن ينحر الأهواء كلها من الجوع والعطش والخوف والوهن، لما في ذلك من تهذيب للنفس وسموها وارتقائها إلى المعالي ومعرفة هدف وجودها، فهذه السمة التي جمعت أهل غزة جعلتهم يسطروا لنا أعذب الصور في الثبات من أجل تحقيق المبتغى.
بات يفصلنا عن وقف إطلاق النار سويعات قليلة، هذه الهدنة تعتبر نصرا استراتيجيا لغزة الصامدة وذلك لعدم التوازن في التحالفات والإمكانات بين غزة الوحيدة والكيان الغاشم المدعوم بغطاء غربي منقطع النظير بالسلاح والقضاء والغطاء الشرعي في عالم الازدواجية.
حيث يشكل الاتفاق الذي يخط به الطرف الوحيد شروطه ومتطلباته صورة رائعة للنصر، حيث سيساهم هذا الاتفاق إلى عودة الكيان الغاشم إلى الوراءوالانسحاب من غزة وكاّن ما قاموا به خلال هذه الحرب وكلفهم اثمان باهضة ذهب هباء منثورا، وكذلك سيسهم الاتفاق من إخراج الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال بإعداد كبيرة ومما تشهده القوائم قيادات سابقة ذات قبول شعبي ستخرج للضفة وستساهم في تقوية جبهة المقاومة والنضال في الضفة. لكن عند حديثنا عن تاريخ هذا الكيان ودولة اليهود لا نجد منهم إلا نقظ للعهود والوعود، فلذلك هنالك سيناريوهات كثيرة تجعلنا في حيرة من أمرنا من قبول هذا الكيان هذه الهدنة، فمّا نتوقع أيضا بأن هنالك تسوية سياسية في دولة الكيان بين نتنياهو والمعارضة السياسية للانتقال إلى الهدنة واستعادة الرهائن مقابل وقوف المعارضة بالتصويت له لكي لا تفشل حكومته سياسيا، بحيث قد يهدف الكيان بذلك استعادة الرهائن ومن ثم يحيك خرقا للهدنة واستكمالا للحرب على غزة وتوسيعها بالضفة من أجل دولتهم المزعومة. أو قد يكون الهدف أيضا رسم سيناريو يقلل الكلف الكبيرة على الكيان وداعميه في حرب غزة، واستبدالها بمفاهيم مرحلة ما بعد حرب غزة وحكم انتقالي لغزة قد يفضي لا قدر الله إلى خلق فتنة نزاع وقتال بين الفصائل تقود للتهلكه وإشغالنا ببعضنا عن المساس بهم، وما يقرب الخيار الثاني وذلك لانه يتماشى مع عقلية ترامب التي تسعى لعدم الإنفاق العسكري الكبير دون مقابل في دعم حلفائه إنما يسعى لجني صفقات الأموال.
إن هذه السيناريوهات يمكن توقعها وكل شيء وفق إرادة الله وذلك لان عدونا يجيد المكر والخداع ولن يقدم أمر فيه خير لنا، والاسف والاسى علينا بأننا أصبحنا نعوض خذلاننا وتقصيرنا بسفاسف الأمور، إن الهدنة أكرر بأنها نصر مؤقت، والنصر يتطلب إعادة الحسابات وترتيب الأمور والمفاهيم والأفكار وتعزيز الوحدة والتالف والأفكار الجامعة بدلا من الدخول في نقاشات ساذجه تبحث عن الشكر من عدمه، الامة اليوم في أخطارها المحدقة تحتاج لعمل بالخفاء وتحتاج إلى صفاء في القلوب وتراحم فيما بيننا وتوجيه طاقاتنا على المتربصين بنا فالقوة الداخلية والتلاحم في اردننا لا بد أن يستمر ويكون عدوة تصيب الأقطار المجاورة لانه بمفاهيمنا الجامعة واعتصامنا وعصبتنا قوة لنا تزلز أركان عدونا، فاللهم احفظ اردننا وامتنا العربية والإسلامية من كل مكر، وهنيئا لأهل غزة هذه الهدنة ونسال الله أن تقود لما فيه الخير والعزة لهم.