عودة ترامب .. وتحالف موسكو وطهران .. هل يغيران قواعد اللعبة للأردن؟! ..
محمود الدباس - ابو الليث
19-01-2025 07:10 PM
عندما تتقاطع المصالح.. تسقط السياسة.. هذه ليست مجرد حكمة قديمة.. بل حقيقة تسود العلاقات الدولية.. حيث تتحكم المصالح في قرارات الدول وتوجهاتها.. ومع توقيع معاهدة الشراكة الاستراتيجية.. بين روسيا وإيران.. تبرز تساؤلات حول انعكاسات هذا التحالف على الأردن.. الذي يجد نفسه بين المطرقة والسندان.. في ظل تعقيدات الجغرافيا السياسية.. ومصالح القوى الكبرى.. الأردن.. بحكم موقعه الجغرافي الحساس.. يعد لاعباً رئيسياً في معادلة الشرق الأوسط.. متوازناً بين تحالفاته مع الولايات المتحدة وحلف النيتو.. وعلاقاته التاريخية مع روسيا..
العلاقة الأردنية الأمريكية شهدت في عهد ترامب الأول بعض الفتور.. حيث تعرض الأردن لضغوط كبيرة.. للقبول بشروط ما سمي بـ"صفقة القرن".. ومع ذلك لم تشهد العلاقة الاردنية الامريكية قطيعة.. بل كانت هناك مساعدات امريكية اضافية.. قاربت المليار وربع المليار دولار.. وفي ظل عودة ترامب.. قد تجد الأردن نفسها أمام واقع مشابه.. حيث تستغل واشنطن الاتفاق الروسي الإيراني.. كورقة ضغط لتعزيز مطالبها الإقليمية.. من جانب آخر.. قد يكون هذا التحالف.. فرصة لعمان.. لإعادة تشكيل علاقاتها مع واشنطن.. على أسس أكثر توازناً.. مستغلة علاقاتها مع موسكو.. لإظهار استقلالية أكبر في سياساتها الخارجية..
التجربة السورية تبقى درساً بالغ الأهمية.. في فهم مآلات التحالفات الدولية.. إذ لم تمنع روسيا انهيار الجيش السوري.. رغم دعمها العسكري.. فضعف الإرادة النفسية والمعنوية.. بجانب العقوبات الغربية.. والاضطرابات الداخلية.. عجّل بالانهيار.. اليوم.. تواجه إيران تحديات مشابهة.. حيث تعاني من ضغوط اقتصادية وداخلية.. ورغم شراكتها مع روسيا.. يبقى السؤال إن كانت ستنجح في تفادي هذا المصير.. ومع ذلك.. تمتلك إيران أدوات مختلفة.. أبرزها شبكتها من الميليشيات الخارجية.. التي توفر لها نفوذاً إقليمياً واسعاً..
أما بالنسبة للأردن.. فإنه يوازن بحذر.. بين التحالفات الدولية.. روسيا قد ترى في الأردن شريكاً محورياً للوصول إلى العالم العربي.. خاصة إذا تزايدت الضغوط الغربية على موسكو وطهران.. ومع ذلك.. التحالف مع إيران.. قد يجعل موسكو أقل اهتماماً.. بتعزيز علاقاتها مع دول محسوبة على المعسكر الأمريكي.. في المقابل.. قد تسعى عمان لاستغلال هذا التحالف.. لإرسال رسائل غير مباشرة إلى واشنطن.. تُظهر فيها قدرتها على تنويع خياراتها الإقليمية.. وهنا يبرز دور البرلمان الأردني.. والدبلوماسية الشعبية.. كأدوات حيوية.. في التخفيف من آثار هذه التحالفات على السياسة الرسمية.. فالبرلمان يمكن أن يشكل منصة.. لطرح قضايا حساسة.. تعكس رأي الشارع الأردني.. فيما تساهم الدبلوماسية الشعبية.. في بناء جسور ثقة مع مختلف الأطراف الدولية.. مما يمنح الأردن مرونة أكبر.. في التعامل مع تلك التحديات..
المستقبل يحمل عدة سيناريوهات محتملة.. فمن جهة.. يمكن أن تستغل الأردن علاقتها بموسكو.. لتعزيز مشاريع مشتركة.. مثل الطاقة والنقل.. ومن جهة أخرى.. قد تجد نفسها تحت ضغط أمريكي متزايد.. للحفاظ على مسافة واضحة من التحالف الروسي الإيراني.. إلا أن السيناريو الأكثر واقعية.. هو أن تستمر عمان في سياسة الحياد الإيجابي.. لتبقى نقطة توازن بين القوى الكبرى.. دون الانحياز لأي طرف.. على حساب الآخر..
هنا علينا أن نعي.. بأن السياسة ليست مجرد معادلات قوة.. بل هي فن إدارة المصالح.. والمهمة الأساسية لعمان.. ليست فقط تجنب التورط في صراعات كبرى.. بل استثمار هذه التحالفات الدولية.. لتعزيز مكانتها.. ودورها الإقليمي.. والسؤال ليس فقط كيف سيتأثر الأردن بهذه التحالفات.. بل كيف يمكن أن يجعل منها ورقة رابحة.. في لعبة المصالح الدولية؟!..