بكل أسف خرجت شخصيات بارزة لتوجيه انتقادات لدونالد ترامب وجاريد كوشنر قبل أربع سنوات، متهمةً إياهما بالتخطيط لمؤامرات تهدف إلى زعزعة الإستقرار ، هذه الادعاءات التي افتقرت إلى الأدلة الملموسة، لم تكن سوى محاولة لإظهار الولاء السياسي أو تبرير إخفاقات محلية، مستفيدةً من المناخ الإعلامي العالمي الذي صوّر ترامب كخصم للمنطقة والعالم.
لطالما كانت وسائل الإعلام العالمية، التي وصفها ترامب بـ"أعداء الشعب" و"الأخبار المزيفة"، أداةً مركزيةً في توجيه الرأي العام، ليس عبر تقديم الحقائق بل من خلال صياغة سرديات تخدم شبكة مشبوهة من المصالح الدولية، فما يُعرف بالرأي العام ليس إلا نتيجة عمل تلك المؤسسات التي تطرح القضايا وفقاً لأجنداتها، تسلط الضوء عليها وسرعان ما تصبح الكذبة حقيقة غير قابلة للنقاش.
أبرز مثال على ذلك هو صفقة القرن التي أطلقها ترامب، لم يتمكن الناس من الاطلاع على تفاصيل الصفقة لعدم نشر حقيقتها، وسُوّقت إعلامياً كخطة لتصفية القضية الفلسطينية وتحويل الأردن إلى وطن بديل، هذه الرواية التي دعمتها وسائل الإعلام الكاذبة لم تعكس الحقيقة، فالصفقة لم تتطرق إلى أي تغييرات قد تمس التركيبة الديمغرافية للأردن، بل على العكس، أشادت بدور الأردن التاريخي والإنساني في استضافة اللاجئين الفلسطينيين، مؤكدةً أنه آن الأوان لهذا الشعب العظيم أن يجني ثمار جهوده.
نصت صفقة القرن على ضرورة رفع الظلم عن اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان، حيث حُرموا لعقود من أبسط الحقوق تحت شعار "المقاومة"، فقدمت الصفقة تصوراً لحل هذه الأزمة الإنسانية بما يضمن منح اللاجئين حياة كريمة وتعليم وصحة وحقوق مدنية، هذه الرؤية تتماشى مع ما دعا إليه الكبير خالد الكركي قبل سنوات طويلة عندما وجه نقداً للنظام السوري، قائلاً: " يا اخي أعطِ الناس جوازات سفر وتعليم وصحة، وبعدين نظر عن المقاومة".
أما فكرة تجنيس الفلسطينيين في الأردن، فلم تكن ضمن الصفقة على الإطلاق، كان ترامب مدركاً لحساسية التركيبة الديمغرافية في الأردن واحترامه لاستقرارها، وهو ما تجاهلته حملات التشويه الإعلامي التي استخدمت الأخبار المفبركة لتحقيق غايات سياسية ضيقة، وقد وصل الأمر إلى عدم الإستماع لوجهة نظر قامة وطنية بحجم الدكتور رجائي المعشر الذي قال: "لنقرأ الصفقة اولا، نأخذ ما يلبي مصالح الشعبين الأردني والفلسطيني، نرفض ما يضرنا ونتفاوض على ما نريد."
على عكس السرديات المشوهة، أظهر ترامب احتراماً كبيراً للأردنيين في عدة مناسبات، ففي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، انتقد ترامب القادة العالميين بلغة حادة، بدأ بالرئيس الصيني مطالباً إياه بمزيد من الرسوم ، إلى قادة دول العالم الثالث مطالباً إياهم بتحمل المسؤولية تجاه شعوبهم، ومن ثم طلب دفع مستحقات الحماية الأمريكية بالنسبة للأوروبيين، لكنه عندما جاء على ذكر الأردن قال بفخر: "هذا الشعب الكريم استقبل اللاجئين السوريين وقدم الكثير".
هذا المديح يعكس إدراك ترامب للجهود الإنسانية التي بذلها الأردن، في وقت كانت دول كبرى تتجاهل مسؤولياتها تجاه اللاجئين والأزمات الإقليمية.
لقد تعرض ترامب كزعيم تاريخي لحملة تشويه غير مسبوقة، كانت جزءاً من استراتيجية إعلامية تهدف إلى تقويض مصداقيته وتشويه سياساته، ومع ذلك، فإن الواقع يعكس رؤية مختلفة تماماً: رؤية تحترم الشعوب وتقدّر الجهود الإنسانية، بعيداً عن الأكاذيب التي تروّجها المنصات الإعلامية.
لنعمل مع ترامب على تحقيق الأهداف التي طرحها بخطاب التنصيب التاريخي، ترامب صديقنا وليس عدونا.