هل يمكن للآلة أن تكتب روحنا؟
محمود الدباس - ابو الليث
25-01-2025 06:05 PM
في زمن تتسارع فيه التقنيات كالسيل الجارف.. جاء الذكاء الاصطناعي ليغيّر معادلات الحياة كما عرفناها.. فأصبح كمرآة تعكس ما نمنحه لها من معرفة وتوجيه.. ولكنها.. ورغم براعتها المبهرة في الإجابة والحلول.. تبقى مرآة باردة.. لا تحمل حرارة المشاعر التي تنبض بها القلوب..
الكتابة.. تلك الأداة الأزلية.. التي تعكس أرواحنا قبل عقولنا.. كانت وما زالت.. سفيراً لمكنونات النفس.. فرحاً أو حزناً.. أملاً أو ألماً.. رضاً أو غضباً.. فهي كلمات تتجاوز حدود الأحرف.. لتصل إلى القارئ كنبضات حية.. تلامس قلبه قبل عقله.. ولكن اليوم.. عندما نلجأ إلى الذكاء الاصطناعي ككاتب بديل لإجابات على تساؤلات.. نخسر جوهر تلك النبضات.. ونستبدلها بجملٍ قد تبدو متقنة.. لكنها فارغة من الشعور.. خالية من حرارة اللمسة الإنسانية..
هؤلاء الذين ينسخون الردود.. ويلصقونها كما هي.. دون أن يضفوا عليها الكثير الكثير من أرواحهم.. ينسون أن التقنية ليست سوى أداة.. أداة لا يمكنها أن تحل محل الفكر الإنساني الخلّاق.. الذي يستطيع أن يحوّل الكلمات.. إلى رسائل عميقة التأثير.. هؤلاء كمن يرسل بطاقات جاهزة للتهنئة أو التعزية.. جميلة في شكلها.. لكنها باردة في مضمونها.. فلا تجد لها صدىً في القلوب..
إن الاستفادة الحقيقية من الذكاء الاصطناعي.. لا تكون بتسليمه زمام التفكير والإبداع.. بل بجعله شريكاً.. يُثري عقولنا بمخزونٍ معرفي لا ينضب.. ويمنحنا الأدوات لتسهيل حياتنا.. دون أن يسلبنا جوهرنا وهويتنا.. التي نتركها في كل حرف نكتبه.. الحكمة تكمن في أن نجعل التقنية تخدمنا.. لا أن نخدمها.. أن تكون وسيلة لبلوغ أقصى إمكانياتنا.. دون أن تكون قيداً.. يكبل أصالتنا وإنسانيتنا..
لذلك.. نحن مدعوون اليوم أكثر من أي وقت مضى.. لنوازن بين عقولنا.. وبين ما تقدمه لنا التقنية.. لنستخدمها بحكمة ودراية.. دون أن نتخلى عن بصمتنا.. التي تميزنا عن أي خوارزمية.. مهما بلغت من الذكاء.. فالذكاء الحقيقي.. ليس في الأداة.. بل في من يستخدمها..
فهل سنكون يوماً ما.. أسرى لبرودة التقنية.. أم سنبقى أسياد الإبداع والروح؟!..