صفقة القرن إلى الواجهة مجددا .. هل يقبل الأردن والفلسطينيون بالتهجير؟
26-01-2025 02:44 PM
عمون -عبدالله مسمار- سرعان ما عادت صفقة القرن التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عام 2019 إلى الواجهة بعد اسبوع من عودته إلى البيت الأبيض، طالبا من جلالة الملك عبدالله الثاني استقبال المزيد من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، وهو ما يكشف عن خطة للتهجير تفرغ الأرض من اصحابها.
الخطة ترافقت مع ضغط اقتصادي على المملكة وفق ما يراه محللون سياسيون، بعد إعلان تعليق المساعدات الأمريكية للأردن مدة 90 يوما، رغم أنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها الأردن لضغوطات أمريكية بشأن قبول خطط توسع الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية.
الباحث السياسي في مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور أحمد الحياري، قال إن أمرين متتاليين قام بهما الرئيس الأمريكي يثيران القلق بالنسبة للأردن، اولهما تعليق المساعدات، والاخر تصريحاته بشأن تهجير الفلسطينيين للمملكة.
وأكد الحياري لـ عمون، أن ما يجعلنا قلقون، هو ربط المساعدات الأمريكية او العلاقات الأمريكية الأردنية بشكل عام بقبول الخطة واستقبال المهاجرين من غزة.
واعتبر أن التهجير وإن بدأ في قطاع غزة لأهداف تعتبرها واشنطن انها أزمة إنسانية، إلا أنه سيمتد حتى يطال الضفة الغربية، وهو ما كشفت عنه تسريبات وعود ترامب لرئيس حكومة الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبالتالي انهاء القضية الفلسطينية على حساب الأردن ومصر.
وقال إنه على الأردن العمل على إعادة النظر في سياسته الخارجية، مشيرا إلى ان المملكة تدفع اليوم ثمن مواقفها المتقدمة من العدوان على قطاع غزة.
وأكد أن ما كان يصلح قبل تولي ترامب الرئاسة الأمريكية، لا يمكن أن يصلح بعدها، داعيا الدولة إلى البحث عن بدائل سياسية والتقاط الإشارة التي التقطتها دول اخرى، لنتمكن من التفاعل الجيد مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وتطوير عمل سفاراتنا في الخارج وإعادة تشكيل سياسيينا للتغلغل في الوسط الأمريكي وكسب التأييد..
وبين أن الأردن يتلقى المساعدات الأمريكية منذ أكثر من 70 عاما، سواء كانت بشكل مباشر للخزينة، او على شكل مشاريع داعمة من الـ USAID، وفي المقابل ما زال الشعب الأردني رافضا للأمريكيين، وهو ما علينا محاولة تغييره.
وتساءل الحياري عن مدى قبول الأردنيين لاستقبال لاجئين فلسطينيين جدد، سواء من غزة او من الضفة الغربية، كما تساءل: ماذا لو قبلت مصر بالخطة؟، هل سنستطيع وضع اقدامنا في الحائط لوحدنا؟.
وفي ذات الوقت، قال الحياري، إن الأردن سيرفض الخطة رفضا تاما، لأن التهجير بالنسبة للمملكة خط أحمر كما صرح به جلالة الملك عبدالله الثاني منذ بدء عدوان الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة..
ويرى الحياري أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعرض لها الأردن لضغوطات أمريكية بشأن قبول خطط توسع الاحتلال الاسرائيلي في الضفة الغربية، ودائما كان يقف في وجهها سدا منيعا، سواء كان ذلك في العهد الاول لترامب، او خلال إدارة الرئيس السابق بايدن، وكذلك سيواجهها في فترة ترامب الثانية.
مديرة معهد السياسة والمجتمع الدكتورة رشا فتيان، التي دعت الله أن يكون في عون الأردن والحكومة على ما هو قادم، قالت إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادم بسياسة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، مرتبطة بدعم الاحتلال الاسرائيلي وخططه في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأكدت فتيان لـ عمون، أن قرار تعليق المساعدات الخارجية لمدة 90 يوما والذي شمل الأردن واستثنى الاحتلال ومصر، يراد منه الضغط على الأردن لمعرفة موقفه تجاه خطة تهجير الفلسطينيين.
وأضافت، أنه لا بد للحكومة الأردنية من التنبه لهذه السياسة القادمة والموازنة بين الحاجة للدعم المالي من الخارج من جهة والحفاظ على الأرض من جهة اخرى.
وتساءلت فتيان، إذا رفض الأردن خطة ترامب الجديدة هل ستوقف المساعدات الأمريكية فقط عن الأردن؟، ام سيتبعها وقف لمساعدات خارجية اخرى مثل اوروبا او غيرها؟، وهل سيكون الأردن قادرا على تعويضها من دول مانحة اخرى؟
كما تساءلت فتيان عن موقف الفلسطينيين انفسهم من فكرة التهجير ومدى قبولهم لها سواء من قطاع غزة او الضفة الغربية، مشيرة إلى أن الفلسطينيين متمسكين اليوم بأرضهم أكثر من أي وقت مضى.
وفي ذات الوقت أكدت بما يخص إعادة إعمار قطاع غزة خاصة شماله المدمر، فيجب ان يكون نزوحا مؤقتا إلى حين اتمام الإعمار، ويضمن عودة السكان إلى مواقعهم بعد إعادة إعداد البنية التحتية.
واشارت إلى أنه لا بد من بدء مفاوضات جديدة تضمن إعادة إعمار قطاع غزة، واستيعاب المهاجرين بشكل مؤقت لضمان عودتهم بعد الإعمار، والحذر من سياسة الضغط الاسرائيلية القائمة على "تطهير الأرض" من غير اليهود وإبعادهم إلى دول اخرى، موضحة أنه كان علينا الاستعداد لذلك لكن الاحتلال يطبق خططه بشكل اسرع.
الباحث في الشأن السياسي الدكتور محمد الغرايبة، قال لـ عمون، إن الإدارة الأمريكية الجديدة مؤلفة من اشخاص جميعهم داعمون جدا للاحتلال الاسرائيلي، ويعملون على إتمام صفقة القرن التي بدأها ترامب في ولايته الاولى قبل سنوات.
وأضاف، أن هؤلاء الاشخاص المتحيزون لاسرائيل يعتقدون أنه يمكنه حل مشكلة الفلسطينيين اقتصاديا، وربما لا يرون وجودا لهم من الاساس..
وحذر الغرايبة من أن خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة اليوم هي بوابة لما سيحدث لاحقا في الضفة الغربية من تهجير، وإن لم يكن قسريا فسيكون بدفعهم للهجرة بعمليات عسكرية مشابهة لأحداث غزة وما بدأه الاحتلال في مخيم جنين بالضفة الغربية.
واستشهد الغرايبة بتصريح وزير مالية الاحتلال المتطرف سموتريتش بأن عام 2025 سيكون عام السيادة على الضفة الغربية.
وأكد الباحث في الشأن السياسي، أن تهجير الفلسطينيين نحو الأردن هو إعلان حرب فعليا، وهو ما كان قد صرح به جلالة الملك مرارا وتكرارا، رغم أن الأردن دولة لا تحبذ الخيار العسكري، لكن عندما تنفد السبل سيكون القرار بيد القيادة العليا.
ودعا الدول العربية إلى التمسك بحق الفلسطينيين بإقامة دولتهم على حدود الرابع من حزيران لعام 1967، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية تقدم حلولا تناسب اسرائيل فقط، ولذلك علينا القول لا لكل مقترحات ومحاولات ترامب.
كما حذر من أن أميركا تحاول توسيع ملف التطبيع مع الدول العربية، وهو أمر سينهي القضية الفلسطينية، وعلينا رفضه، خاصة أنه يكشف ظهر الأردن.
اما عن الضغط الاقتصادي على الأردن لقبول هذا التهجير عبر تعليق المساعدات الأمريكية، أكد الغرايبة أنها ليست ورقة رابحة ضد الأردن، مشيرا إلى أن الأردن لن يضيع بلاد مقابل مليار او ملياري دولار، والمملكة قادرة على الاستمرار دون هذه المساعدات الأمريكية..
ويرى الغرايبة أن الموقف المصري تجاه خطة ترامب الاولى "صفقة القرن" أكثر لين على خلاف الأردن، وربما لذلك لم يعلق ترامب المساعدات الأمريكية عنها، وقد يكون له ابعاد اخرى في قبول هذا المقترح الجديد مسبقا، لكن ذلك ليس بالضرورة أن يكون صحيحا..