وداعاً للنيوليبرالية .. وأهلا بلد ..
يوسف منصور
09-02-2025 12:56 AM
بدأ الأردن في تبنّي نماذج إصلاحات نيوليبرالية تحت إشراف صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، نتيجة أزمة الديون التي واجهها الاقتصاد الأردني. تضمنت الإصلاحات تحرير الاقتصاد، وخصخصة الشركات العامة، وتقليل الدعم الحكومي. رغم تحقيق بعض معدلات النمو الاقتصادي التي قد لا يكون سببها النيوليبرالية، أدت هذه السياسات أيضًا إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والدين العام.
ما هي النيوليبرالية؟ باختصار، النيوليبرالية عبارة عن نموذج اقتصادي يركز على تحرير الأسواق وتقليل تدخل الدولة ودورها في الاقتصاد وتقليص الإنفاق الحكومي والخصخصة. ظهر هذا النهج الاقتصادي في الثمانينيات وكان من أكبر قادته رونالد ريغان (سمى بعضهم النيوليبرالية بالريغانوميكس) ومارغريت ثاتشر، ومن كبار مفكريها فريدريش هايك (كتاب الطريق الى العبودية)، وميلتون فريدمان (كتاب الرأسمالية والحرية)، ولودفيغ فون ميزس (كتاب العمل البشري)، وجيمس بيوكانان (نظرية الاختيار العام).
وتختلف النيوليبرالية عن الليبرالية في كون الأخيرة تنادي بضمان حق الفرد، وحكم القانون والديمقراطية، وتدعم دور الدولة في حماية الفقراء وتوفير الخدمات العامة والاستثمار في البنية التحتية الاجتماعية مثل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية، ومن أوائل دعاتها آدم سميث في القرن السابع عشر.
لم يكن الأردن وحيدا بين الدول العربية في اتباع نهج النيوليبرالية فقد طبقته أيضا المغرب ومصر وتونس، كما أن بعض الدول العربية النفطية كالسعودية، والإمارات، وقطر، والكويت طبقته جزئيا. كما أن غالبية الدول النامية التي لجأت للبنك والصندوق الدوليين خضعت لهذه السياسات. ونتيجة تراكم النتائج السلبية للسياسات النيوليبرالية، تزايد الاعتماد في الأردن على القروض والمساعدات. فعلى مدى العقود الماضية اعتمد الأردن بشكل كبير على المساعدات الدولية والقروض لتغطية عجز موازنة الدولة ودعم الاقتصاد، ولكن هذا النموذج لم يكن يوما م?تداماً.
أصبح السؤال المهم حاليا هو هل يحتاج الأردن إلى تعديل سياساته الاقتصادية لتقليل الاعتماد على القروض والمساعدات؟ نعم، الأردن بحاجة ماسة إلى تعديل سياساته الاقتصادية لتحقيق الاستقلال المالي وتقليل الاعتماد على القروض والمساعدات الخارجية.
كيف يمكن للأردن تقليل اعتماده على القروض والمساعدات؟ يجب الالتزام بتطبيق رؤية التحديث الاقتصادي لتعزيز الإنتاج المحلي وتنويعه وتعقيده ودعم الابتكار والاستثمار في التكنولوجيا، وإعادة التفكير في دور الدولة كدولة رائدة للأعمال تشارك بنشاط في الاقتصاد من خلال المخاطرة والاستثمار في الابتكار وخلق الظروف لتحقيق فوائد مجتمعية أوسع، والابتعاد عن الفكر النيوليبرالي الذي حصر الدولة إلى حد كبير في دور سلبي، يهتم بشكل أساسي بالتنظيم وإعادة التوزيع بدلاً من تشكيل الأسواق وقيادة الابتكار بشكل نشط.
شبع الأردنيون من الدراسات والتنظير وأفكار أحادية تتغير مع أهواء الأشخاص. نحتاج الآن وبجدارة للتنفيذ. لذلك، لا بد أن نتفاءل ونبارك للحكومة الحالية توجهها نحو التنفيذ لمشاريع تحسن من التعليم كبناء 140 مدرسة جامعة للطلاب تحسن من تجربتهم التعليمية وتطورها، وبناء شبكة قطارات، وتحسين النقل العام، وجذب الاستثمارات الداعمة للابتكار والتطوير، وتحسين خدمات الرعاية الصحية والاجتماعية، وغيرها لبناء بنية تحتية اقتصادية واجتماعية أقوى والوصول الى مجتمع أكثر عدالة ومساواة. وحين يسأل البعض عن مصادر التمويل، الإجابة يجب أن?تكون: ذاتيا، نحن سنمول مشاريعنا، فالأرض لا يحرثها إلا ثوارها.
الرأي