الاحتلال يفشل المرحلة الثانية قبل أن تبدأ
كمال زكارنة
10-02-2025 12:00 PM
عاد رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو الى المربع الاول ،كما كان في السابق، يتبع اسلوب المراوغة والتسويف والمماطلة ،من اجل افشال اتفاق صفقة التبادل ،الذي يمكن ان يسمى اتفاق ترمب،لانه جاء بضغط مباشر منه من اجل استعادة الاسرى الاسرائيليين لدى المقاومة.
يحاول نتنياهو اليوم، فرض شروطه واملاءاته التي يعتقد انها تقربه من النصر المطلق، الذي فشل في تحقيقه عسكريا، ليحققه من خلال التفاوض،ويلقي على الطاولة شروطا تعجيزية ،يعلم مسبقا ان المقاومة سوف ترفضها ،وترفض مجرد الاستماع اليها او مناقشتها ،مثل ابعاد قادتها واخراجها من المشهد الفلسطيني بالكامل ،لان هذا شأنا فلسطينيا داخليا لا يقرره نتنياهو ولا غيره ،والابعاد بكل تأكيد مرفوض لأي فلسطيني، الا اذا اختار الشخص نفسه الابعاد، وفضله او قدمه على ظرف اكثر صعوبة ،مثل السجن المؤبد عدة مرات في سجون الاحتلال،اما تسليم سلاح المقاومة فان رفض هذا الشرط فيه تشدد اكثثر من الابعاد.
ان طروحات وافكار ترمب المجنونة ،مثل شراء قطاع غزة او تملكه غصبا ،وتهجير الفلسطينيين منه،هي التي جعلت حكومة الاحتلال تتعامل بهذا الشكل ،حتى الذي كان يفكر من الاسرائيليين بحلول سياسية الغىى تفكيره او جمده مؤقتا،وموقف ترمب وضع الاسرائيليين جميعا في زوايا التشدد والتطرف والتصلب اكثر من السابق.
بعض الجهات المهزومة من خلال ادواتها الانهزامية ،تعمل على بث حالة من الاحباط واليأس ،بطرح افكار وصيغ ومشاريع وحلول للقضية والشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة ،متجاوزة الشعب الفلسطيني وقياداته ،وكأن افكارها ومشاريعها المسمومة التي تقدمها نيابة عن الاحتلال واعوانه وحلفائه،يمكن فرضها على الشعب الفلسطيني بسهولة،وقبولها وتمريرها والعمل بها .
ما يستدعي العجب، ان تلك الجهات والادوات مكشوفة تماما للجميع ومعروفة ادوارها واهدافها وافعالها ،ازاء القضية الفلسطينية ودول عربية اخرى،وهي نفسها ترى على ارض الواقع الفعل الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية وفلسطين التاريخية عموما،ومع ذلك تحاول الترويج لمشاريع تصفوية للقضية الفلسطينية علنا.
نحن في الربع الاول من القرن الحادي والعشرين،والشعب الفلسطيني يمتلك من الوعي والارادة والقوة، اكثر بكثير مما كان يمتلكه قبل نحو ثمانين عاما او اكثر ،والصمود الشعبي وبسالة المقاومة التي اذهلت العالم في غزة والضفة،برهان كاف لرفض اية حلول مقترحة تتجاهل او تتجاوز الاهداف الوطنية الفلسطينية ،وعلى عكس ما يردده المحبطون المنهزمين ،فان الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، اقرب للتحقيق اليوم من اي وقت مضى.
التهديدات التي عاد يطلقها نتنياهو،ليست الا وسيلة للضغط على المقاومة وعلى الوسطاء العرب،لانتزاع تنازلات منهم،وهنا يصعد الموقف العربي الى الصدارة ،الذي يجب ان يكون بحجم ومستوى الخطر والحدث والعدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني ،وان يتغير ويتطور عن ما كان عليه خلال الخمسة عشر شهرا الماضية .
الموقف العربي الرافض لمشروع تهجير الفلسطينيين الى بعض الدول العربية ،يجب ان يكون رافضا للتهجير الى اي مكان في العالم،وطرح البدائل التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني واهدافه الوطنية.
لن يستطيع نتنياهو ولا ابواقه،اخضاع الشعب الفلسطيني وتركيعه ،ونتائج الحرب تخدم الاهداف الفلسطينية اكثر من اهداف الاحتلال، التي فشلت جميعها.