في ظل الظروف الصعبة والتحديات الكبيرة التي تواجهها المنطقة العربية، لا بد من الإشارة إلى أهمية معرفة ما هي أوراق القوة الأردنية.
يمتلك الأردن العديد من "الأوراق" المهمة التي يمكنه الاستفادة منها لممارسة نفوذه على المستويين الإقليمي والدولي.
فالأردن، بموقعه الجغرافي الذي يقع في قلب الشرق الأوسط، يعتبر دولة "رئيسية"، إذ يمنحه موقعه أهمية استراتيجية كبيرة، كما أن نفوذه في المسائل الدبلوماسية يعزز مكانته، ودوره كوسيط في القضايا الإقليمية الرئيسية.
الأردن دائمًا كان قوة مستقرة ومحايدة في المنطقة، وعلى استعداد للتوسط في النزاعات بين الدول العربية وبين القوى العالمية. وكثيرًا ما يُطلب منه تسهيل الحوار، كما هو الحال في النزاع بين فلسطين وإسرائيل، أو غيرها من القضايا العربية.
للأردن دور مهم في جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة، حيث يدعو الجميع إلى الوحدة العربية والتعاون الإقليمي، ويعمل من أجل التأثير على القرارات الدولية الرئيسية.
بالإضافة إلى دوره في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة من خلال منظمات مثل منظمة التعاون الإسلامي، التي ساهمت في منع العديد من الصراعات الكبرى كمحور للديناميكية السياسية المبنية على التوازن في المواقف الدولية والإقليمية.
كما أن الأردن يلعب دورًا رئيسيًا في العلاقات العربية، لا سيما في قدرته على التوسط والتأثير في المناقشات المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
إن الروابط التاريخية والثقافية بين الأردن والأراضي الفلسطينية ودوره كوصي على الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة في القدس، وريادته في الحفاظ على هذه المواقع التاريخية، قد عززت مكانته الدبلوماسية الدينية ومنحته مكانة إقليمية ودولية مرموقة وفريدة.
وبحكم أنه الوصي على الأماكن المقدسة في القدس، والجار لفلسطين، فإن دعم الأردن لحقوق الفلسطينيين أمر بالغ الأهمية لنفوذه في الشرق الأوسط.
بقيادة الملك عبد الله الثاني، يُعد الأردن مدافعًا رائدًا عن الحقوق الفلسطينية، ومواقفه الثابتة لها صدى لدى العرب والمجتمع الدولي الأوسع، مما يزيد من ترسيخ مكانته الإقليمية والدولية.
إن موقف الأردن في الصراعات في فلسطين والعراق وسوريا كان ولا يزال يعكس اهتمامات استراتيجية وأمنية مهمة ، على مدى عقود، مما أكسبه احترامًا وتأثيرًا دوليًا، حيث ينطلق من سياسات تعكس التوازن بين الحفاظ على علاقات جيدة مع القوى الكبرى والأنظمة الإقليمية، وبين مواقف أخلاقية وإنسانية.
لقد كان الأردن باستمرار صوت معتدل في العلاقات العربية. وكان الأردن حليفًا رئيسيًا للولايات المتحدة والقوى الغربية، خاصة في جهود مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي.
يتمتع الجيش الأردني بالكفاءة العالية وقد شارك في المبادرات الأمنية الإقليمية، بما في ذلك الحرب ضد الجماعات المتطرفة. ويعزز هذا التعاون مكانة الأردن الأمنية العالمية ويمنحه نفوذًا في الدبلوماسية الدولية.
إن دور الأردن كقوة معتدلة ومستقرة في الشرق الأوسط كان وما يزال حيويًا، وخاصة في الجهود المتعلقة بالسلام والأمن والقضية الفلسطينية. وعلى الرغم من أن الأردن لا يشكل قوة اقتصادية كبرى، إلا أنه أقام علاقات مع الجهات المانحة الدولية الرئيسية، وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول الخليج العربية، مما وفر له الدعم الاستثماري والمساندة السياسية والاقتصادية .
الأردن يمتلك القدرة على الحفاظ على مكانته المؤثرة في الشرق الأوسط، والاستمرار في تقديم دوره كوسيط مستقر وباني للسلام، مع الحفاظ على تحالفات استراتيجية قوية، خاصة مع الغرب وجيرانه العرب.
ومن الأوراق المهمة في الأردن أيضا أنه موطن لمواقع دينية هامة؛ فإلى الشرق من نهر الأردن، يقع المغطس، وقلعة مكاور، وجبل نيبو، ومزار سيدة الجبل في عنجرة، ومزار النبي إيليا في منطقة خربة الوهادنة.
لقد نجح الأردن في الحفاظ على مكانته خارجيًا وداخليًا، حيث يركز على المرونة السياسية والاجتماعية والاقتصادية لتجنب أي اضطرابات قد تضعف نفوذه.
وقد ظهر التماسك الداخلي في الأيام القليلة الماضية من خلال وقفة الأردنيين مع القائد الملك الهاشمي، وهذا التلاحم الوطني يشكل ورقة أساسية لتحقيق التوازن بين المصالح المشتركة والوطنية.
ومن خلال التركيز على هذه الأوراق التي تشكل مصدر قوة، يستطيع الأردن التعامل مع تعقيدات المنطقة وتعزيز موقعه الاستراتيجي في الشرق الأوسط. حمى الله الأردن أرضًا وقيادة وشعبًا.