facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تخبط " التعليم العالي"في تطبيق استراتجياتها


أ.د.غالب العباسي
18-08-2007 03:00 AM

أُنشئ خلال السنوات القليلة الأخيرة في المملكة الأردنية الهاشمية العديد من مؤسسات التعليم العالي الخاصة والحكومية، كما استحدثت العديد من البرامج الموازية والدولية في الجامعات الحكومية قادرة على استيعاب العديد من أبناء الوطن و جذب الكثير من أخوننا من الدول العربية وحتى الأجنبية للدراسة فيها. هذا ما كان ليتم لولا رؤية و توجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني للارتقاء العلمي والعملي بالوطن والمواطن على الصعد المحلية و العربية والدولية.تتألف "إستراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي للأعوام 2005 – 2010" من ثمانية محاور رئيسة، و يتعلق المحور الأول بـ "استراتيجيات محور القبول في الجامعات الأردنية" حيث كان الهدف من هذا المحور هو: "تطوير سياسة القبول ومعاييره بما يتلاءم مع تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص والتنافسية والاستجابة لحاجات التنمية الوطنية ورغبات الطلبة ما أمكن". وفي ضوء ذلك اقترحت الوزارة المعايير التالية الخمس للقبول في الجامعات الأردنية:
1. اعتماد معدل الثانوية العامة بنسبة معينة.
2. اعتماد علامات المباحث في امتحان شهادة الدراسة الثانوية العامة ذات العلاقة بتخصص الطالب الذي يرغب بالالتحاق به في الجامعة وبنسبة معينة.
3. اعتماد نتائج الطالب المدرسية في الصفين الحادي عشر والثاني عشر بنسبة معينة.
4. اعتماد الرتبة المئينية للطالب في امتحان الدراسة الثانوية في مديرية التربية التابع لها الطالب.
5. خضوع الطالب لامتحان مستوى في اللغة الإنجليزية واللغة العربية والمهارات الحاسوبية في الجامعة.

وخلافاً لإستراتيجية الوزارة المعلنة ورقياً والكترونياً قد قامت فعلياً بموجب قرار مجلس التعليم العالي رقم (200) تاريخ 18/7/2007 باعتماد معايير مغايرة تماما لذلك، حيث قامت الوزارة وبدلا من تطبيق بعض أو كلٍ المعايير السابقة برفع معدلات القبول للعام الجامعي 2007/2008 في الجامعات الأردنية من 55% إلى 70% في العديد من التخصصات حسبما هو مبين على موقع الوزارة الإلكتروني www.mohe.gov.jo.
لا يوجد أمامي إحصائية دقيقة تبين عدد أو نسبة طلاب الثانوية العامة للعام الحالي الذين حصلوا على معدلات تحت السبعين، ولكني لنفرض أنهم يشكلون حوالي 50% من مجموع الطلاب. أي أن حوالي ثلاثين ألف طالب يوجد أمامهم عدة خيرات منها; متابعة الدراسة داخل الأردن فقط في مجالات حسب رغبة وإرادة وزارتنا العزيزة ، التوجه إلى الخارج لدراسة التخصص الذي يرغبون (رغم ما تحاول الوزارة القيام به من ترهيب وتهديد)، أو التوجه نحو القطاع المهني والحرفي. من الأكيد إن القادرين مالياً سيتوجهون إلى خارج الأردن لإكمال دراستهم الجامعية سواء شاءت وزارة التعليم العالي أم أبت، والله يكون في عون من لا يستطيع. والقليل منهم سيتوجه إلى المجال المهني والحرفي لضعف الحافز الاجتماعي وثقافة العيب.

جاءت أسس القبـول هذه مغايرة تماما لإستراتيجية الوزارة، كما إنه سيكون لها عدة نتائج وانعكاسات سلبية على المدى القصير والبعيد أذكر منها ما يلي:
1. ارتفاع الكلفة التي سيتكبدها الاقتصاد الأردني من جراء تحويلات العملة الصعبة إلى الخارج سواء كان ذلك إلى دول عربية أو أجنبية. مما سيؤثر سلبا على الاقتصاد الوطني والذي بحاجة لكل دعم في ضوء الانخفاض العالمي للدولار المربوط بالدينار.
2. زيادة الكلفة التي سيتكبدها الأهالي جراء كلفة الدراسة المرتفعة خارج الأردن، حيث أن المواطن الأردني، كم تعلمون، على استعداد للإنفاق على ولده حتى لو باع كل ما يملك أو حتى استدان، وتاريخنا شاهد حي على ذلك.
3. العديد من أبنائنا الذين سيدرسون في الخارج لن يعود إلى الوطن لسبب أو لأخر، أو حتى قد ينجرفوا أو لا سمح الله ينحرفوا. أن عمر المراهقة فترة صعبة على الشباب والشابات في هذا العمر داخل الأردن، فما بالك خارجه بعيدا عن أعين وإرشاد العائلة والأهل.
4. زيادة الحاجز الطبقي بين القادر على الخروج من القفص والدراسة خارج الأردن وبين من لن يستطيع ذلك لعدم توفر السيولة النقدية لدى ذويه. هذا سيعمل على زيادة التفرقة الطبقية المجتمعية في فترة صعبة علينا جميعا، وخصوصا في ظل ارتفاع الأسعار وتأكل الدخول.

5. كان الأردن، ونأمل أن يبقى وجهة للاستثمار في التعليم. إن الاستمرار في تعديل الأنظمة والأســـس القبـول، إن دل على شيء فيدل على التخبط وعدم وجود رؤية وهدف واضح. كل ذلك يجعل من الأردن وجهة غير جاذبة للاستثمارات الخارجية وحتى الداخلية، وخصوصا أننا بلد غير نفطي واقتصادنا يعتمد على الموارد البشرية وعلى الاستثمارات والتحويلات الخارجية. هذا القرار كفيل بجعل أي مستثمر يفكر مرات ومرات قبل بدء العمل في الأردن، وخصوصا إن رأس المال لا يعرف لا وطن ولا حدود.
6. إرغام العديد من أبنائنا على دراسة تخصصات رغم أنفهم كون لا مجال أمامهم غير ذلك، مما سينتج حملة شهادات بلا روح ولا حتى رغبة في العمل. إذا كان هدف الوزارة هو توجيه الخريجين نحو القطاع المهني والحرفي، أو الحد من الخريجين في بعض التخصصات فقد انتحت المنحى الخطاء. أن اقتصاديات السوق الحرة والعرض والطلب في بلد حر هي الوحيدة الكفيلة بذلك.
7. على المدى البعيد، ضعف انتماء المواطن للوطن كونه يحرمه من تلبية حاجاته وحاجات أبناءه التعليمية داخلة بينما قد يوفرها للغريب الوافد من الخارج. إذ خولت أسس القبـول الجديدة، و حسبما ورد في الفقرة الخامسة منها، وزير التعليم العالي والبحث العلمي في حالات خاصة ترتبط بالمصلحة العامة قبول الطلبة غير الأردنيين ممن لا تنطبق عليهم شروط القبول؟ أين المصلحة العامة في ذلك وهل يعني ذلك استيراد الطلبة غير الأردنيين مقابل تصدير الطلبة الأردنيين؟ وما هو الثمن؟
8. وأخيراً، فإن صدور ألأسـس الجديدة للقبـول في الجامعات للعام الدراسي 2007/2008 في 18/7/2007، أي قبل عشرة أيام فقط من صدور نتائج الثانوية العامة في 28/7/2007 و تطبيقها مباشرة على خريجي الثانوية العامة للعام الدراسي 2006/2007 يعتبر إجحافا بحق الطالب وخصوصا أنه لم يعطي الطلاب أي فرصة لمراسلة جامعات خارج الأردن، وخصوصا أن العديد منها يتطلب تقديم طلب القبول مسبق على الأقل ستة أشهر إلى عام.

لماذا لا تطبق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إستراتيجيتها للتعليم العالي والبحث العلمي للأعوام 2005 – 2010 التي قامت بإعدادها ونشرها؟ وخصوصا أنه مضى نصف الوقت ورجعنا للوراء بدلا من التقدم أو حتى البقاء مكاننا. هل لدي الوزارة دراسة جدوى لهذا القرار؟ وهل تمت دراسة تأثيراته المختلفة على الوطن المواطن؟ ما هي تأثيراته على الاقتصاد؟ وما هي مؤشرات الأداء الرئيسة التي اعتمدت إليها؟ وكيف ترجمتها من الاستراتيجيات؟ وهل لدي الوزارة رؤية من وراء اتخاذ مثل هذا القرار؟ أدعو الوزارة لنشرها وإقناعنا أن ما قامت به لم يكن إلا لمصلحة الوطن والمواطن وليس غير ذلك.

أن عدم وجود إستراتيجية لدى الوزارة واضح من تخبطها في اتخاذ القرارات المصيرية عشوائيا، فمثلا أعلنت الرأي أن أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي أن مجلس التعليم العالي سيقرر اليوم الاثنين 13/8/2007 زيادة عدد المقاعد الجامعية لهذا العام بنسبة 15% عن العدد الذي قرره سابقا، إلا أن الوزارة عادت يوم الثلاثاء، أي بعد ذلك بيوم، و أرجأت زيادة عدد المقاعد الجامعية إلى جلسة لاحقة والطلب من الجامعات تزويدها بإعداد المقاعد التي يمكن لكل جامعة زيادتها عما نسبت عليه سابقا في كل تخصص. فإذا كان الأمين العام قد قرر مسبقاً نتيجة قرارات مجلس التعليم العالي والبحث العلمي، وقبل اجتماعه، فما الداعي لاجتماع المجلس المحترم؟ علماً بأن البند الأول من الإجراءات في محور القبول في الجامعات الأردنية من إستراتيجية التعليم العالي والبحث العلمي للأعوام 2005 – 2010 نص على: "مراعاة الطاقة الاستيعابية للجامعات عند القبول بما يتناسب مع إمكانات الجامعات وضمان جودة التعليم".

كان الأمل، ولا يزال، في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي هو تطبيق وتفعيل استراتجياتها و تبسيط إجراءات القبول في الجامعات والتخفيف من شبح "الغول" الذي نسميه "التوجيهي" أو بالأحرى "التوجيعي"، لكن للأسف أزداد تغول شبح التوجيهي والوزارة علينا وعلى أبنائنا ومجتمعنا ووطننا. فيا حبذا لو كان هناك معايير أخرى للقبول حسبما ورد في معايير القبول في الجامعات وخصوصاً أن طالباً متميزا قد لا تساعده ظروف خارجة عن إرادته على تحصيل معدل يؤهله لدراسة التخصص الجامعي الذي يرغب، مما يشكل منعطف خطير في حياته إلى ابد الآبدين.

إن عمر أســس القبـول هذه قصير، ولكن ألان وحالاً أدعو جميع المعنيين في وطننا للتحرك سريعاً وعلى كافة الصعد لتعديله للتقليل من سلبياته في الفصل الحالي 2007/2008 و لحين قيام الوزارة بصياغة تعليمات تتماشى مع إستراتيجيتها المعلنة.
ghaleb.abbasi@gmail.com

*الكاتب نائب العميد للشؤون الإدارية ،أستاذ في قسم الهندسة الصناعية كلية الهندسة والتكنولوجيا
- الجامعة الأردنية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :