لاحظنا بأن اغلب المقالات والتنظيرات التي ظهرت خلال الفترة الماضية في الأردن ودول المجلس التعاون الخليجي لم تنطلق من البعد الموضوعي التحليلي الهادف إلى دعم القرار المصيري الجريء الذي اتخذه حكام وقادة دول مجلس التعاون من خلال تحقيق الفائدة المشتركة وتقوية المنظومة على كافة الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.

فكان واضحاً غياب البعد الوطني والقومي لدى العديد من الأوساط الأردنية والخليجية في تناول موضوع انضمام الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي، فظهرت الأحكام الخاطئة والمشاعر المتسرعة التي اقترنت بألفاظ وعبارات وأفكار هدّامة منها ما كان ذات أهداف ومآرب غير نبيلة عبرت عن حقد دفين وعقد تاريخية يحاول من يطلقها أن يعرقل الجهود الخيّرة والأعمال الجليلة الهادفة إلى تعزيز العمل العربي المشترك.

هؤلاء كتبوا وتحدثوا ورؤوسهم في الأرض خرجوا من المستنقعات ليلوثوا مجرى المياه النقية إلى البحر العربي يزرعون الفتنة ويضعون العصي في الدواليب، يمتهنون النظر إلى صغائر الأمور والجزيئات يستحضرون السحب السوداء يبرزون العلل ويعمموها، يستعرضون العضلات للشهرة الشخصية، يخرجون رؤوسهم من الماء العكر وأقدامهم على أكتاف أبنائهم ومستقبل أجيالهم، لا يدركون بأن أفكارهم الضيقة قد التقت مع مخططات أعدائهم، منهم هنا من صوّر الأردن بأنه ثكنة عسكرية وسيقف على الحدود وابواب المنازل ليكون شرطي الخليج وحامي عزتها وكرامتها والمدافع عن شرفها ومنهم هنا ايضاً من احتكر المعرفة وظن انه سيخرج الآخرين من أشقائنا في الخليج من العصور الوسطى ومنهم من أخذ يطالب باستحواذه الشخصي على بئر من النفط ولم ينظر إلا إلى كماليات الدنيا، وعلى الجانب الآخر هناك في الخليج من تجاوز تاريخ الأردن المشرف العريق والمعطاء واستحضر كبوة الأصايل والسحب السوداء وقال من أجلها لا، ومنهم من قال بأن الماء النقي سيدخل ما يفسده ثم تعرض للناس بأخلاقها وعزتها وشهامتها معتبراً إياهم من كوكبٍ آخر، وهم من طينته والأقرب إليه: عربياً وعقائدياً وجغرافياً واجتماعياً وتاريخياً وثقافياً، فهي الصحراء العربية الذهبية المباركة وأطرافها المتداخلة عنوان العزة والأصالة والكرامة ومهد الحضارات والديانات وتعايشها.

نقول لهم هنا وهناك ليس بغريب عليكم تلك السهام الشخصية السامة التي أطلقتموها في كل الاتجاهات على أبناء جلدتكم وقد افتقدتم للضمائر الحية الحرة الممزوجة بالوطنية والقومية، إنكم انتم الهدامون، قبل أن تعالجوا مستقبل الأوطان وتتحدثوا عن سبل انبعاث الأمة، عليكم أن تعالجوا أنفسكم من عللها وأمراضها الواهية التي أوهنتها، ومن اجلها انشغلتم وفقدتم كل معاني العطاء، عندها نؤكد لكم بأننا لن نلتفت إليكم.

في هذا المَفصل التاريخي الذي تشهده المنطقة العربية نتطلع لتكامل الطاقات في منظومة قوية كالمنظومة المقترحة، يكون فيها الأردن عضواً فعالاً في مجلس التعاون المنشود لمواجهة التهديدات والتغيّرات الخطيرة الجارية وما يخطط للمنطقة، نعلنها بصوت عالٍ نحن نخطط ونرسم مستقبلنا بأنفسنا ولن نسمح لأحد أن يقف في طريقنا ويخطط لنا ويغيّرنا من الخارج كما يحلو له كأننا أضحيةً ولقمةً سائغةً، نحن اسوداً في بلادنا وفي الدفاع عن حقوقنا ومنطقتنا العربية.

إن مسعانا هذا وخطوتنا المباركة بمثابة النبات الأخضر المليء بالورد والشفاء الذي خرج من وسط الرماد ومن تحت المستنقعات الرديئة التي يعيش بها المشككين والحاقدين والمخططات الرهيبة من حولنا التي التقت مع سموم أعدائنا في الداخل ونحن أحوج أن نحافظ على بريق الأمل والثمار المنتظرة ؛ وأكاد أجزم بان أحوالنا لن تستقيم وتصلح إذا ما تحققت هذه الخطوة الحكيمة، وبخروجها إلى النور سنبرهن للجميع أن أرادتنا المستقلة الحرة قادرة على التصدي لكل ما يحاك لنا، سنكون فعلا جسداً واحداً.

إننا نتحدث بقلم وضمير غالبية المواطنين العرب الأحرار المليئة قلوبهم بالمحبة، ندعو الانتماء لأنفسنا وللأمة وقضاياها ونعي أهمية الخطوة الوحدوية الجريئة التي أعلنها قادتنا وأولي الأمر منا لمواجهة المخططات الرهيبة من حولنا.

وللأمانة القول انه ليس كل من شكك وقلل من قيمة هذا الحدث المهم كان قاصداً الإساءة، فكان واضحاً لدى البعض عدم الدراية بأهمية وحيثيات هذا الانضمام وعدم وضوح الرؤية في كيفية الاستفادة وتسخير الإمكانات والثروات والطاقات البشرية في الأردن ودول مجلس التعاون مجتمعة بما يعود بالفائدة على مستوى استقرار الأنظمة وتقدم وازدهار الشعوب.

إنها منفعة متبادلة على كافة الصعد، ونذكّر الجميع من قصد الإساءة ولمن يقصد، بأنكم جميعاً خالفتم المنطق والقومية وتعاليم الدين، إنكم وقفتم حجر عثرةً في طريق ومستقبل أبنائكم، ولنا من أحاديث المصطفى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام خير موجه وناصح لصلاح أحوالنا، بقوله : "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا أشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " ويقول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه"، نعم..فحتى إذا مرض عضو في الجسد العربي في شأن معين سواء أمنى او اقتصادي او سياسي او اجتماعي فان باقي الدول او الأعضاء ستتضرر، ووجب لذلك معالجة هذا الشأن المرضي في العضو حتى يشفى ويصبح سليماً ولا ينتشر الى باقي الجسد فيهلكه، وهذا هو شأن المنظومة الجديدة فلا دولة فيه تدعي الكمال وبانعزالها ستكون مريضة وعرضة لأطماع ومخططات الآخرين.

إننا نكتب وندعو لوحدتنا وهاماتنا مرفوعة ومستقبلنا مشرق بإذن الله، فمزيداً من التكاتف والتعاضد والدفاع عن وحدتنا المنشودة، ولنذلل الصعاب وننبذ المشككين والحاقدين هنا وهناك من اجل مستقبلنا ومستقبل أجيالنا، اننا ندعو الى الصيغة التشاركية بكل المجالات.

انه عنواني وعنوان مقالي تجلت فيه لهجة المحبة بين الأردني النشمي والخليجي الأصيل، انها مشاعر مخلصة جاذبة موحدة تسعى الى المنفعة المشتركة المتبادلة بعيدة عن الكره والاستعلاء التي يطلقها الحاقدين هنا وهناك فهو ردنا عليهم في النهاية... بدي إياك كأردني لانك تبيني كخليجي..إنها مشاعر أخوية متبادلة.

يوسف ابوالشيح الزعبي
كاتب وباحث أردني

yousefaboalsheeh@hotmail.com