أرى ان هناك جهة ما معروفة للقاصي والداني ، لا يُشَك بوطنيتها اولا وآخرا، وتمارس هذه الوطنية بوجهة نظرها الخاصة وفق مرجعياتها الفقهية والتنظيمية ، وارى ان هذه الجهة بدأت كبيرة عندما استمدت رحيقها وكينونتها من نبض الشارع وطموح الوطن والامة وخدمة الدين، وحظيت بالود والرعاية الرسمية والشعبية ،ولها رصيد بهذا السياق لا يستهان به، وتسلسل احداث مسيرتها ومسيرة الوطن يشهد بذلك، ولطالما كانت مكون رئيسي من مكونات الوطن المتنوعة وسبب من اسباب قوته ومنعته.
لكني ارى مؤخرا انها بدأت باستهلاك هذا الرصيد اولا بأول عبر فجاجة من هنا او رعونة من هناك وأخشى ما اخشاه ان يستهلك هذا الرصيد عن بكرته اذا ما استمر هذا النهج غير المنضبط، ولا أدري هل هذا الانحراف هو بسبب غياب الحكماء الذي كان يشهد لهم بالرشد والحصافة والوطنية وحسن التوجيه والارشاد، ام هو تغير جذري بالمسيرة وإعادة ضبط للبوصلة نحو اتجاهات مبهمة وغير مفهومة.
ايها السادة، الدولة لا يتكلم أحد بأسمها، فهي قادرة عن التعبير عن نفسها دون مواربة ،وتحدد مواقفها دون ايحاء من أحد ، فهي تعرف مصلحتها ومصلحة مواطنيها جيدا، وهذا لا يمنع التنسيق والعمل المشترك مع الغير،حسب تقاطع المصالح اولا ودون المساس بمصالح الامة.. وهنا يا سادة نحن نتكلم عن الدولة وخطابها، ومن يتبرع بالحديث باسمها "كل ما طق الكوز بالجرة"!
الدولة ايها الواهمون تضرب بيد من حديد إذا لزم الأمر، والدولة تفرض سطوتها وهيبتها بالقانون اولا وآخرا.
الدولة لا تهدّد، ولا تتوعّد.
الدولة ليست "أحدًا" يُستفزّ أو يُستدرج نحو المجهول.
الدولة لا تنفعل ولا تُساق سوقا… الدولة توازن وتراعي مصالحها العليا بالمقام الاول ثم تحاسب المخطيء بالوقت المناسب على قدر خطأه.
ايها الاخوة الاعزاء فلنمارس الفضيلة ، عندما تتجلى بالاعتراف بالذنب وتصويبه، ولنمارس القيادة عندما تكون التراجع عن الخطاء وتعديله، فقد قيل قديما وما يزال " من شرد ورد عده ما شرد".
اللهم احفظ الوطن من الانحرافات المقصودة وغير المقصودة ففي مسيرته كلها سواء.. اللهم آمين