لم يقنع بيان حزب جبهة العمل الإسلامي عددا من المراقبين على خلفية الاحداث الأخيرة، وبالرغم من ان الحزب أكد ادانته لضلوع عدد من منتسبي جماعة الاخوان المسلمين في حيازة مواد متفجرة وتصنيع أسلحة من خلال الاعلان عن جهله بذلك وان ما حصل لا يعبر عن توجه الحزب وقناعاته واعتبره عملا فرديا على خلفية دعم المقاومة، الا ان بعض المراقبين شككوا فيه واعتبروه ردا غير كاف ولا يرقى الى هول الصدمة التي صعقت الأردنيين عشية الثلاثاء 15 نيسان 2025، واذا كان ليس من المفاجئ ان يستنكر الحزب وهو الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين هذا العمل المشين وتأكيده على الالتزام بالثوابت الوطنية الأردنية وانه جزء من الحياة السياسية في الأردن يؤمن بالوصول الى السلطة بالمشاركة السياسية ويتوسل اليها بأدوات سلمية مشروعة تنبذ العنف، فان إنصاف الحزب يقتضي ان نميز بين جانبين في بيانه المثير للجدل:
فمن جانب فان حرص الحزب على قطع صلته بما حصل وإعلان جهله بهذا الحادث واعتباره عملا فرديا يعبر بوضوح عن الإدانة والاستنكار لما حصل، وينبغي قراءته على انه إحساس بالمسؤولية الوطنية وهو موقف غير مستغرب من حزب بحجم جبهة العمل الإسلامي ويشكل تفاعلا سياسيا إيجابيا مع الحدث إن لم يستوجب الإشادة به لبداهته فلا ينبغي ان يغدو موضوعا للوم والتشكيك.
ومن جانب آخر فان ربط البيان ما حدث بدعم المقاومة لا يصمد أمام منطق الملابسات التي تم الكشف عنها من جهة، ومن جهة ثانية يتناقض حد الصدام مع فهم المشاركة السياسية في الدولة والتي قبل الحزب بقواعدها واستحقاقاتها الدستورية، ولجوء البيان الى عبارة "على خلفية دعم المقاومة" لا يمكن فهمه الا على انه خيارا يضج بالإغراء لتطهير المتورطين من عار استهداف الداخل الأردني والعبث بالأمن الوطني وتزيين صنيعهم كعمل لصالح المقاومة بدلا من ذلك، لكن هذه المحاولة اليائسة والبائسة أوقعت البيان في ربط مفخخ بالانحياز الأيديولوجي الخفي الذي يخالف المفهوم المستقر للدولة وقدرتها على احتكار حيازة السلاح وتنظيم اقتناءه او كما قال (ماكس ويبر) بان وجود الدولة يرتبط بقدرتها على الاستخدام الشرعي للقوة، والتناقض الي يخلقه البيان بهذه العبارة يسوغ تبرير مخالفة هذا المفهوم على نحو لا يمكن قبوله تحت أي ذريعة، وكان على من صاغ البيان الا ينزلق الى هذا الربط، وان يدرك ان دعم القضية الفلسطينية يجب ان يتم من خلال الدولة وبأدواتها، وان يستحضر خطورة استنساخ تجارب الميليشيات المسلحة في الإقليم التي لا يختلف اثنان على انها جرّت ندما وأعقبت سدما، وتركت الدول التي ابتليت بها ضعيفة مستباحة غير قادرة على مساعدة نفسها ناهيك عن مساعدة الآخرين، واورثتها حالا مزرية لا تسر صديق ولا تغيظ عدو.