facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"إرادة البقاء" .. كرامة الأردني وبوصلة الدولة


د. جاسر خلف محاسنه
24-04-2025 03:12 PM

في زمن تتسارع فيه التحولات، وتشتد فيه الضغوط على الأفراد والدول على حد سواء، يصبح من الضروري أن نُعيد قراءة مفهوم البقاء، لا بوصفه مجرد صمود، بل كإرادة واعية تُعيد تعريف العلاقة بين المواطن والدولة، وتفتح الطريق نحو مستقبل أكثر عدالة وإنصافًا.

إرادة البقاء، بالنسبة للأردني، لم تكن يومًا فعلًا اضطراريًا. إنها خيار نابع من الانتماء، ومن إيمان عميق بأن لهذا الوطن قيمة، ولهذا الإنسان كرامة. وقد أثبت الأردني مرارًا أنه قادر على الصبر والتجاوز، لكن آن الأوان لأن تتحول هذه القدرة إلى ثمرة، وهذه الإرادة إلى مشروع وطني جامع.

لكي تكون هذه الإرادة فعّالة ومثمرة، لا بد من بيئة تحتضنها. وهنا تبرز الحاجة إلى تعزيز الفرص الاقتصادية والتنموية والإنسانية للأردنيين، عبر رؤية عملية تفتح آفاق العمل والعدالة الاجتماعية، وتعيد الاعتبار لدور المواطن في تشكيل مستقبله.

المواطن الأردني لا يطلب امتيازًا، بل يريد فقط ما يليق بكرامته، وما يتناسب مع إيمانه بوطنه: تعليمًا متقدمًا، رعاية صحية محترمة، وسوق عمل لا ينهك طاقته ولا يغلق أبوابه في وجهه.

وفي هذا السياق، فإن الولاء للدولة الأردنية يشكل الأساس الذي تُبنى عليه إرادة البقاء. فليس من استقرار دون انتماء حقيقي، ولا من تقدم دون وحدة مرجعية. وقد كشفت التجارب الإقليمية القريبة أن الولاءات المتعددة تمزّق المجتمعات وتغيب معها فكرة الدولة الجامعة.

إن الولاء للدولة الأردنية لا يتناقض مع التنوع، بل يؤطره في إطار من الانتماء المشترك، ويمنع تحوّله إلى أدوات فرقة أو استقطاب. وهذا يتطلب من الدولة أن تبقى على عهدها مع المواطن، حارسة لكرامته، ضامنة لحقوقه، شريكة له في الحلم والعمل معًا.

نحن أمام فرصة تاريخية لصياغة ميثاق وطني جديد، يؤمن بأن كرامة الأردني ليست بندًا مؤجلًا، بل نقطة البدء والنهاية في أي مشروع نهضوي. ميثاق يضع الإنسان الأردني في قلب المعادلة، لا على هامشها، ويؤمن أن بناء الدولة لا يكتمل إلا بشراكة كل فئات المجتمع في صنع القرار وتحمل المسؤولية.

إن إرادة البقاء الأردنية يجب أن تتحول من حالة دفاعية إلى حالة بناء.

بناء دولة تستمد قوتها من مؤسساتها، وعدالتها من قوانينها، وكرامتها من احترامها لأبنائها.

دولة لا تساوم على هويتها، ولا تتخلى عن دورها في حماية نسيجها الوطني، ولا تتراجع عن مشروعها في تقديم نموذج عربي يحتذى به في التماسك والاستقرار والنهضة.

وختامًا، فإننا مدعوون جميعًا—دولة ومجتمعًا—إلى تجديد العهد مع هذه الأرض، ومع هذا الإنسان.

لنجعل من إرادة البقاء بوابة للمستقبل، لا مجرد وسيلة للنجاة.

ولنصنع معًا وطنًا يُفتخر بالانتماء إليه، ويُصان فيه الأردني، لا فقط كمواطن، بل كقيمة، وكشريك، وكأمل.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :