facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جرائم المخدرات .. أرقام مقلقة وجهود أمنية استثنائية


عقيد متقاعد محمد الخطيب
30-04-2025 01:37 PM

* الموقع الجغرافي... بين النار والحدود

تشير الإحصائيات الأخيرة إلى تصاعد ملحوظ في جرائم المخدرات في الأردن، حيث تم تسجيل 25260 جريمة مرتبطة بالمخدرات في عام 2024، بزيادة نسبتها 10.4% عن العام السابق، وبارتفاع إجمالي نسبته 36% خلال عامين فقط. هذه الأرقام لا تمثل مجرد إحصائيات، بل ناقوس خطر يتطلب مواجهة شاملة، وهو ما تقوم به مؤسسات الدولة، وعلى رأسها القوات المسلحة الأردنية ومديرية الأمن العام، بجهد غير اعتيادي يستحق التقدير والدعم.

إن الموقع الجغرافي للأردن يجعله خط تماس حساساً مع بؤر إنتاج وتهريب المخدرات، وخصوصاً الحدود الشمالية مع سوريا، التي أصبحت في السنوات الأخيرة مصدرًا رئيسيًا لتدفق المخدرات، لا سيما مادة الكبتاغون التي تُنتج وتُهرب على نطاق واسع. وفي هذا السياق، تبرز القوات المسلحة الأردنية، خاصة حرس الحدود، كخط الدفاع الأول، حيث تقوم بعمليات نوعية يومية لمنع تسلل المهربين وضبط كميات ضخمة من المواد المخدرة، غالباً ما تكون موجهة للداخل الأردني أو للعبور نحو دول الخليج.

ولا يمكن الحديث عن مواجهة المخدرات دون الإشادة بالدور الفاعل والحاسم الذي تلعبه إدارة مكافحة المخدرات، التي تنفذ عمليات استخباراتية وميدانية دقيقة، أسفرت عن ضبط شبكات تهريب واتجار محلية ودولية، وتقديم مرتكبيها للعدالة. كما أن الإدارة لا تكتفي بالجانب الأمني، بل تبذل جهوداً توعوية ووقائية واضحة، تشمل تنظيم ورش ومحاضرات تثقيفية في المدارس والجامعات والمجتمع المحلي، وتكثيف حملات الإعلام والتحذير من آفة المخدرات.

أما فيما يتعلق بالدور العلاجي، فقد قدمت إدارة مكافحة المخدرات نموذجًا رائدًا من خلال مركز العلاج المتخصص، الذي يُعد الأول من نوعه على مستوى الدول العربية. هذا المركز يقدم خدمات علاجية وتأهيلية مبتكرة ومتكاملة، تسهم في إعادة دمج الأفراد الذين تأثروا بالمخدرات في المجتمع. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى توسيع نطاق هذه الخدمات باتت ملحة، إذ ندعو القطاع الخاص والجهات الحكومية إلى المساهمة في إنشاء مراكز علاجية أخرى في كافة المحافظات وليس في عمان فقط، بهدف توفير الدعم والرعاية الصحية اللازمة في جميع أنحاء المملكة، وضمان وصول العلاج والتأهيل لجميع المتأثرين دون استثناء.

وقد ارتفعت جرائم الاتجار بالمخدرات من 3739 جريمة في 2020 إلى 7762 جريمة في 2024، ما يدل على تصاعد وتيرة الشبكات الإجرامية، لكنه يعكس أيضاً نجاح الأجهزة الأمنية في اكتشافها ومواجهتها، الأمر الذي يتطلب دعمًا شعبيًا ومؤسساتيًا مستمرًا.

وفي مواجهة هذا التحدي، ينفذ الأمن العام، بالتعاون مع جهات رسمية ومجتمعية متعددة، الاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات، والتي جاءت بتوجيه مباشر من جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي أكد مراراً على ضرورة التصدي لهذا الخطر الذي يهدد أمن واستقرار المجتمع. وتقوم هذه الاستراتيجية على ثلاثة محاور متكاملة: الأمني، الوقائي، والعلاجي، مما يعكس وعياً رسمياً متقدماً بطبيعة المشكلة وضرورة التعامل معها بمنهج شمولي طويل الأمد.

ولا يقتصر تنفيذ هذه الاستراتيجية على جهاز الأمن العام وحده، بل تشارك فيها وزارات التربية والتعليم، والصحة، والتنمية الاجتماعية، والشباب، والإعلام، إلى جانب الجامعات، ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص والهيئات الدينية، كلٌ في مجاله. وفي هذا السياق، ندعو جميع هذه الجهات إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية وتنفيذ ما يتعلق بها من بنود الاستراتيجية بجدية وفاعلية، من خلال تطوير البرامج الوقائية، وتعزيز التوعية المجتمعية، وتقديم الدعم العلاجي والتأهيلي للمصابين، بما يضمن تكامل الجهود وتحقيق الأثر الحقيقي على أرض الواقع.

تشير البيانات إلى تركز جرائم المخدرات في المناطق الجنوبية والحدودية؛ فقد سجلت محافظة العقبة أعلى معدل بواقع 490 جريمة لكل 100 ألف مواطن، تلتها البادية الوسطى بـ 420، ثم معان بـ 340 جريمة. هذا التركز الجغرافي يؤكد أن المناطق الحدودية ليست فقط ممرات للتهريب، بل باتت أيضًا مناطق استهداف من قبل العصابات، مما يستدعي مزيدًا من الدعم اللوجستي والبشري للأجهزة الأمنية في هذه المناطق.

وختامًا فان المعركة مستمرة وتتطلب التكاتف، ورغم خطورة الأرقام وارتفاع المعدلات، فإن الجهود المبذولة على الأرض تبعث على الثقة. وما تقوم به إدارة مكافحة المخدرات، بدعم من القوات المسلحة والأمن العام، يمثل خط الدفاع الأول عن شباب الأردن ومستقبلهم. ومع التوجيهات الملكية السامية والدعم الشعبي والمؤسساتي، يمكن تعزيز هذه الجهود، والانتقال من حالة رد الفعل إلى هجوم استباقي شامل على مصادر الخطر.

وفي هذا المقام، لا بد من توجيه التحية والتقدير للقوات المسلحة الباسلة ولإدارة مكافحة المخدرات، على ما يبذلوه من جهود نوعية متقدمة في الكشف والضبط والوقاية، مؤكدين أن المعركة مع المخدرات هي معركة وطن، ومسؤولية الجميع.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :