facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جرش خارج لائحة التراث العالمي: سؤال عالق بين الأعمدة


د. جاسر خلف محاسنه
04-05-2025 10:03 PM

ليست كل المدن تتكلم. بعضها ينظر بصمت منذ ألفي عام، مثل جرش.

المدينة الرومانية الوحيدة في العالم التي ما تزال قائمة بكامل اتساقها وبهائها، لا تطلب الكثير. فقط أن يُعترف بها. أن تُدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو، كما يليق بمدينة بهذا العُمق. لكنها لا تزال تنتظر، في طابور طويل من المرفقات والتواقيع والتقارير التي تُراجع وتُعاد وتُنسى.

ملف جرش يشبه "سيزيف" وهو يدفع صخرته إلى قمة الجبل. كلما اقترب، تدحرج من جديد. لكن هنا، الصخرة ليست لُعنة الآلهة، بل رف من الرفوف العالية في وزارة لم تُقرر بعد إن كان الوقت مناسبًا لتقديمه.

تحتفظ المدينة بهيبتها، لكنها محكومة بجغرافيا القرار. فبعض المدن تعيش في قلب الدولة، وبعضها على أطراف النسيان. وحين لا يكون للمدن صوت سياسي، تصبح ملفاتها مثل لفافة بردى محشورة في درج وزارة؛ موجودة، لكن لا يراها أحد.

في الخلفية، تبتسم "جونو" – آلهة الغيرة والمماطلة. لا تظهر كثيرًا، لكنها تزرع الشك، وتؤخر كل شيء بحجة الحذر والدقة، وتحذّر من "الاستعجال" وكأن إدراج جرش يحتاج إلى أعوام من التأمل.

غير أن التوجيه الملكي واضح. جلالة الملك تحدّث مرارًا عن استثمار إرثنا الثقافي وتعظيم الفائدة الاقتصادية منه. وسمو ولي العهد يربط دائمًا بين السياحة والتراث والفرص. هذا ليس وقت التردد، بل وقت الاعتراف بأن جرش ليست حجارة فقط، بل مشروع وطني واستراتيجي.

جرش كنز. موقع استثنائي، مدينة متكاملة، تقف بأعمدتها وشوارعها وأقواسها كما تركها الرومان، وكما رمّمها الأردنيون مرارًا بصمتٍ جميل. كل حجرة هناك تنطق، لكن بلغتها الخاصة. إدراجها في لائحة اليونسكو ليس فقط حماية دولية، بل اعتراف بأن لدينا ما يستحق أن يُحفظ إلى الأبد.


المدن التي لا ترفع صوتها، في عالم السياسة، تُترك خارج الطاولة. وفي غياب قرار، تبقى جرش أثرًا شاهدًا لا على عظمة روما فحسب، بل على بطء الورق الأردني حين يتورط في الحديث عن الآثار.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :