facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إضاءات إجتماعية لتقييم أداء حكومة الدكتور جعفر حسان


د. فاطمة الزبيدي
04-05-2025 10:26 PM

يعكس تقرير تقييم أداء حكومة الدكتور جعفر حسان بعد مرور 200 يوم تحوّلًا ملحوظًا في المزاج العام الأردني، حيث أبدى غالبية المواطنين نظرة إيجابية تجاه سير الأمور، مدفوعين بارتفاع مستويات الثقة بالحكومة والرئيس، وتحسن الإدراك الشعبي بجهود تقديم الخدمات، خاصة في التعليم والصحة.

كما يشير التقرير إلى تحسن نسبي في حرية التعبير وزيادة متابعة المواطنين لأداء الحكومة، إلى جانب ارتفاع كبير في الثقة بالمؤسسات الأمنية. ومع ذلك، لا تزال قضايا الفقر والبطالة وتدني الأوضاع الاقتصادية تتصدر التحديات التي تواجه المجتمع، مما يعكس حاجة ملحة لاستمرار التركيز على العدالة الاجتماعية وتحسين جودة الحياة في مختلف المحافظات، وتعزيز الشراكة بين الدولة والمواطن لضمان استدامة هذا الزخم الإيجابي. وفيما يلي أبرز النتائج الإجتماعية المستخلصة من الاستطلاع:

أولاً: تحولات الإدراك المجتمعي وسير الأمور
الارتفاع الملحوظ في نسبة من يرون أن الأمور تسير في الاتجاه الإيجابي (74%) يمثل تحولًا نفسيًا-اجتماعيًا في المزاج العام. هذا التغير لا يعكس بالضرورة تحسنًا جذريًا في الواقع المعيشي، بقدر ما يشير إلى بروز حالة من الأمل المدعوم بخطاب حكومي أكثر انفتاحًا ونشاطًا ميدانيًا ظاهرًا.

في مجتمع يعاني تاريخيًا من أزمات ثقة مع الحكومات، يشكّل هذا التحول مؤشراً مهمًا على فعالية بعض أدوات الحكومة الرمزية (مثل الزيارات الميدانية والتصريحات العلنية)، والتي أسهمت في إعادة بناء جسور التواصل مع الشارع، ولو بشكل أولي.

ثانيًا: البنية الشعورية العامة تجاه الحكومة
يعكس التفاؤل الذي أبداه أكثر من نصف المستجيبين تجاه الفريق الحكومي بعد مرور 200 يوم، حالة نفسية جماعية تعبّر عن رغبة حقيقية في التغيير والتحسن، خاصة في ظل ما شهده المواطن الأردني من تحديات اقتصادية وضغوط معيشية خلال السنوات الماضية. هذا التفاؤل لا يُعد فقط تقييماً مباشراً لأداء الحكومة، بل يمكن تفسيره كـ استجابة نفسية واجتماعية تساعد الأفراد على التكيّف مع واقع معقد وغير مستقر، وتمنحهم شعورًا بالأمل. ومع ذلك، تبقى هذه المشاعر الإيجابية هشة وقابلة للتراجع بسرعة في حال لم تُترجم إلى تحسينات ملموسة في حياة المواطنين اليومية، مما يفرض على الحكومة مسؤولية مضاعفة في تحويل التوقعات إلى واقع فعلي.

ثالثًا: الخدمات العامة والشعور بالعدالة الاجتماعية
الارتفاع الكبير في نسبة من يعتقدون أن الحكومة تبذل جهدًا في تقديم الخدمات (من 62% إلى 75%) يعكس إدراكًا شعبيًا متناميًا بأن هناك محاولة فعلية لتحسين جودة الحياة، لا سيما في مجالات الصحة والتعليم.

لكن من المهم التمييز بين الإدراك العام والواقع الفعلي. كثير من المواطنين، خاصة في الأطراف، ما زالوا يواجهون نقصًا في الخدمات، ما يشير إلى فجوة جغرافية في الإنصاف الاجتماعي قد تعمّق التفاوت الطبقي والمناطقي على المدى الطويل.

رابعًا: حرية التعبير والثقة بالمؤسسات
التحسن الطفيف في مؤشر حرية انتقاد الحكومة (من 51% إلى 55%) مؤشر إيجابي على توسع مساحات التعبير المجتمعي. هذه النقلة، وإن كانت جزئية، تعزز الثقة في الحوكمة وتقلل من الشعور بالتهميش.

كما أن استمرار الثقة العالية في المؤسسات الأمنية (الجيش، المخابرات، الأمن العام) يعكس أن البنية الاجتماعية الأردنية ما زالت ترتكز على مؤسسات القوة الرسمية كمصدر للثبات في زمن التغيّرات.

خامسًا: التحديات الاجتماعية الكبرى
استمرار الفقر والبطالة كأولويتين شعبيتين يكشف عن وجود أزمة اجتماعية هيكلية لا يمكن للحلول المؤقتة أو التجميلية معالجتها.

غياب الأمان الاقتصادي للشباب يولّد أزمات ثقة وهوية وانتماء، قد تُترجم إلى انسحاب من الفضاء العام أو انخراط في أشكال من التعبير العنيف أو غير المشروع.

هذا يعزز الحاجة إلى نهج شامل في التنمية يدمج البعد الاقتصادي بالتمكين الاجتماعي، خاصة في المحافظات المهمشة.

سادسًا: المجتمع والسياسات الحكومية القادمة
تشير نتائج الأولويات الاجتماعية لدى المواطنين إلى رغبة واضحة في تحقيق الكرامة الاجتماعية من خلال العدالة في التعليم والصحة والفرص، لا من خلال مشاريع استثمارية ضخمة وحدها.

التعليم في صدارة المطالب يعكس قلقًا جماعيًا على مستقبل الأجيال.
الصحة والمواصلات تأتي كنتيجة لتجارب معيشية يومية تعبّر عن اختلالات في البنية التحتية للخدمات الأساسية.

خاتمة: قراءة اجتماعية في دلالات التقرير
رغم التحسن النسبي في المزاج العام، تبقى الحكومة أمام تحدٍّ حقيقي في تحويل الرضا الرمزي إلى أثر ملموس. المجتمع الأردني، الذي يعاني من تراكمات اقتصادية واجتماعية، لن يقبل بوعود دون تطبيق.

إن أهم ما يميّز هذه المرحلة هو وجود نافذة فرص قصيرة يمكن من خلالها ترسيخ الثقة وترجمة التفاؤل إلى شراكة حقيقية بين المواطن والدولة، لا سيما إذا تم التركيز على القضايا الاجتماعية الجوهرية: الفقر، التعليم، الصحة، والبطالة.

* د. فاطمة الزبيدي/ مركز الدراسات الاستراتيجية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :