العزيمة والتصميم يكتبان النجاح
د. جاسر خلف محاسنه
06-06-2025 05:26 PM
تحقق الحلم الذي راود الأردنيين لعقود. ففي لحظة طال انتظارها، أزاح المنتخب الوطني لكرة القدم الستار عن زمن الصبر الطويل، وأعلن تأهله التاريخي إلى نهائيات كأس العالم، في إنجاز غير مسبوق يُعد مفترقًا في مسيرة الرياضة الأردنية الحديثة. لم يكن هذا التأهل مجرّد فوز رياضي، بل هو ثمرة إرادة جماعية تشكلت عبر سنوات، ونتاج رؤية قيادية احتضنت الطموح الوطني ورافقته بثبات وثقة حتى لحظة التتويج.
منذ توليه سلطاته الدستورية، أولى جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين اهتمامًا خاصًا بالرياضة، واعتبرها أداة للتنمية، ومنصة لتوحيد الصفوف، ومجالًا لصناعة الأمل بين الشباب. وقد حظيت كرة القدم تحديدًا برعاية خاصة، تجلّت في الدعم المؤسسي لاتحاد الكرة، والاهتمام بالبنية التحتية، وتشجيع المواهب، ومتابعة مسيرة المنتخب في أدق محطاتها. كلمات جلالته كانت دائمًا محفّزة، وتوجيهاته واضحة: "آمنوا بقدرتكم، واصنعوا الفارق."
رحلة التأهل لم تكن سهلة، بل جاءت عبر مسار طويل من التحديات، عبر جولات التصفيات المختلفة، وفي مواجهة منتخبات تملك تاريخًا وخبرة طويلة. ومع كل مباراة، كانت الروح الأردنية هي العنوان، فالنشامى قاتلوا من أجل الشعار الذي يحملونه، ولأجل وطن لا يرضى إلا بالمكانة التي يستحقها. لم تكن الأعوام الماضية إلا مرحلة تأسيسية لزرع الثقة والانضباط، وإعداد منتخب يعكس طموح الأمة وكرامة شعبها.
ما تحقق اليوم يتجاوز الجانب الرياضي، فهو إعلان واضح بأن الأردن قادر على المنافسة والظهور في كبرى المحافل الدولية، متى ما توفرت الرؤية والدعم والإرادة. لقد تضافرت الجهود بين القيادة، والمؤسسات الرياضية، والمدربين، واللاعبين، والجمهور، ليصبح الحلم حقيقة. وقد بدا جليًا أن التأهل لم يكن إنجاز فريق فحسب، بل إنجاز وطن بأكمله.
مع رفع العلم الأردني في المونديال، ترتفع مكانة الأردن في عيون العالم، ويُعزف النشيد الوطني على مسارح كانت حلمًا بعيد المنال. لحظة كهذه لا تأتي كثيرًا، لكنها حين تأتي، تكتب تاريخًا جديدًا، يليق بوطن لطالما صبر، وانتظر، واستحق.