facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن إلى كأس العالم 2026: إنجاز تاريخي ومسؤولية وطنية


د. منصور المطارنة
12-06-2025 07:56 PM

بحمدالله وتوفيقه، تمّ تأهل المنتخب الوطني الأردني إلى نهائيات كأس العالم 2026، حيث يعتبر إنجاز رياضي تاريخي لم يتحقّق بسهولة، وهو ليس مجرد لحظة فرح رياضية، بل حدث وطني استثنائي بكل ما تعنيه الكلمة، حيث جاء نتيجة عمل دؤوب وجهود طويلة بذلها الإتحاد، اللاعبون، والمدربون، وجماهير آمنت بالحلم. ومع هذا الإنجاز، تبدأ مسؤولية جديدة تتجاوز حدود الملعب، وتفرض علينا جميعًا العمل الجاد والممنهج للاستفادة من هذه الفرصة على الصعيد الرياضي والوطني.

ولا يمكن الحديث عن هذا الإنجاز دون الإشادة بالدور الكبير الذي لعبه الاتحاد الأردني لكرة القدم برئاسة سمو الأمير علي بن الحسين، الذي شكّل على مدى سنوات طويلة مرجعية حقيقية لكرة القدم الأردنية، مؤمنًا بقدرة النشامى على الوصول للعالمية، وداعمًا لمسيرة التطوير والبناء في كل مراحلها. كما أن هذا الإنجاز جاء أيضًا ثمرة للرعاية الملكية الدائمة والاهتمام المتواصل من قبل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين والداعم المتواجد دائما سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، اللذين لم يدخرا جهدًا في تقديم الدعم المعنوي والرسمي للمنتخب الوطني، وتوفير البيئة التي تُمكّن الرياضيين من تمثيل الوطن بأفضل صورة.

المرحلة القادمة تتطلب أن نخرج من التفكير القصير المدى، ونتبنى رؤية استراتيجية بعيدة النظر. لا يكفي أن نتأهل، بل علينا أن نكون حاضرين في كأس العالم بصورة مشرّفة، فنيًا وتنظيميًا وذهنيًا. ولكي نبلغ هذا الهدف، فإن أول ما نحتاج إليه هو تعيين جهاز فني على أعلى مستوى، مع إحترامي الكبير للمدرب السلامي والمدرسة المغربية، وبقيادة مدرب عالمي يمتلك خبرة حقيقية في إدارة منتخبات على أعلى مستوى، يعرف كيف يبني منظومة متكاملة لا تعتمد فقط على الحماس اللحظي، بل على التخطيط والالتزام والانضباط الفني. مدرّب عالمي ينتمي للكرة الحديثة وسبق ان درّب منتحبات عالميّة وصاحب إنجازات.

لكن حتى أفضل مدرب في العالم لن يتمكن من النجاح دون توفر العناصر التي يمكن أن تُنفذ رؤيته. على المدى القريب والبعيد، نحن بحاجة إلى جيل من اللاعبين بعقلية دولية، يمتلكون ثقافة الاحتراف، ويجيدون اللعب تحت الضغط، ويستوعبون متطلبات كرة القدم الحديثة. بناء اللاعب المحترف يبدأ من الأكاديميات، ويُصقل من خلال برامج تدريبية متقدمة، وتغذية رياضية متخصّصة، وتربية ذهنية تعزّز روح المنافسة والالتزام والانضباط داخل وخارج الملعب.

ما نحتاجه الآن هو فريق وطني قادر على بناء جمل تكتيكية واضحة المعالم خلال المباريات، فريق يلعب بذكاء، ليس فقط بروح قتالية وهي أساسيّة بالطبع. وهذا لا يتحقّق إلا من خلال التدريب المنظّم على مستوى عالٍ، والاحتكاك المستمر بمنتخبات ومدارس كروية متقدّمة. لا بدّ من رفع نسق المباريات الودية الدولية لنواجه مدارس متنوّعة، فبهذه الطريقة فقط يمكن أن نتعلّم كيفية مجاراة الإيقاع العالي في بطولات كبرى ككأس العالم.

ولابدّ من الإشارة الى واحدة من أهم الضرورات اليوم وهي دعم احتراف لاعبينا في الخارج. لا يمكن للاعب أن يتطوّر ويصل لمستوى عالمي وهو محصور في دوريات محلية محدودة الإمكانيات. نحتاج إلى خطة وطنية ممنهجة لتسويق المواهب الأردنية في الدوريات الأوروبية والآسيوية المتقدمة، بالتعاون مع وكلاء موثوقين وأندية طموحة. اللاعب الأردني عندما يُمنح الفرصة المناسبة، يثبت قدرته على المنافسة. وهذا الاحتكاك الخارجي هو الطريق الأنجح لصقل الموهبة، وتعزيز ثبات المستوى الفني، والتأقلم مع بيئات كروية عالية التحدي.

كأس العالم ليس فقط بطولة نخوضها، بل هو مشروع وطني بامتياز، يمكن أن يعزّز من صورة الأردن عالميًا كدولة مستقرّة، طموحة، ومؤهّلة لاستضافة الأحداث الكبرى. المنصة الإعلامية التي يوفرها كأس العالم لا تُقدّر بثمن، ويمكن استثمارها لتعزيز السياحة (الترفيهيّة والعلاجيّة والدينية)، وجذب الاستثمار، وترويج مؤسّساتنا التعليميّة والهوية الثقافية الأردنية بطريقة حديثة وفعالّة. هذا يتطلب أيضًا تطوير البنية التحتية الرياضية، وتحسين جودة الملاعب، والمرافق، والنقل، وكل ما يرتبط بتنظيم واستقبال المباريات والمنتخبات والجماهير.

أمامنا فرصة تاريخية يجب ألّا تُهدر. يجب أن نخرج من منطق الفزعة، وأن نتبنى مفهوم العمل المؤسسي المستدام. الدولة مطالبة اليوم بتوفير الدعم المالي والمعنوي والفني، وأن تجعل من هذا الإنجاز بوابة لانطلاقة جديدة للرياضة الأردنية، والمجتمع الرياضي ككل. الإعلام بدوره يجب أن يكون شريكًا في الإنجاز، لا ناقلًا للضغوط أو مستثمرًا في الأخطاء. يجب أن يُسهم في بناء الثقة، ونشر ثقافة التقدير للجهد، وتعزيز الفهم الرياضي لدى الجماهير.

إن ما تحقّق هو بداية لطريق طويل، وليس نهايته. التأهل إلى كأس العالم 2026 يجب أن يكون نقطة انطلاق لمشروع وطني شامل، نعيد فيه تعريف الرياضة كقيمة استراتيجية، ونبني من خلاله منظومة متكاملة يكون فيها اللاعب سفيرًا، والمدرب الحقيقي قائدًا، والدولة حاضنة للموهبة، والجماهير عنصر دعم لا ضغط. وبدعم القيادة الهاشمية واهتمام سمو ولي العهد المفدّى، ودعم الحكومة وجماهير الأردن الوفية، يمكن لهذا الإنجاز أن يتحوّل إلى صفحة ذهبية في تاريخ الوطن الحديث.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :