هذه الخلطة لن تجدها إلا في الأردن .
الوطن هذا البيت الكبير الذي يحتوي الكبير والصغير وحتى عابر السبيل، يحتوي المبصر ومن يضع الغشاوة ويدّي العمى والضرير.
كيف لا أحبه وعجباً لمن لا يهواه ويعبر عن سخافته بسخريات أكثرها وجهٌ ساخر وبعض كلماتٍ معيبات يكتبها على استحياءٍ ما وراء الشاشات.
كانت تلك مقدمة لأروي لكم كيف كانت بداية يومي في بضع اسطرٍ وكلمات.
في العادة يكون الوقت الذي أودع فيه وسادتي اشبه بارتقاء روحٍ إلى السماء ولكنها كانت ليليةً مختلفة كنت اكذب ما اسمع من أصوات لصواريخ ومسيرات.
كان الصوت مرعباً يشعرك بحدثٍ جلل، نغمات لم تعتد عليها أذناك حتى ان شعبي يتعامل معها كانّها العابٌ نارية المبدع من يصورها هنا وهناك.
نظرت إلى أبنائي وهم نيام، كلٌ يتغطى ويعانق أحلام نومه بسلام.
هواءٌ يداعب الستائر تسلل من النوافذ معانقاً ضوء الصباح.
وعندها فقط استذكرت الوطن ودائماً فخري بأنه الأردن.
لمعت عيناي فخراً بالقائد، ويا عزوتي ايها العسكر: "ألا شكراً والف شكر".
هذا الأمان لم يولد في ليلتي هذه فهو صنيعكم وانجازكم وابنائكم ورثناه جيلاً بعد جيل فأصبح كعاداتنا وتقاليدنا ليس بقابلٍ للتبديل، رغم كثرة الهراء والتأويل.
وها أنا أغادر المنزل الأن، ذاهبةً لطلب الرزق الحلال، رأيت الطبيب والممرض، الخباز والعجان
رأيت الطالب والمعلم، رأيت النشامى.
كلٌ يسعى في طلب رزقه ويعمر الأردن بسواعده، كلهم كانوا يشكرون الوطن بطريقتهم، وأقلها السعي في العمار وكلمة حقٍ لمن حمى الدار.
كان وما زال لقب النشامى هو الأجمل ولكنه لم يولد عبثاً:
هي المواقف والإنجازات.
هي الصبر والثبات.
هي اغاثة المحتاج ولا يهمنا كيف يقيم أهل الشاشات.
يا وطني:
دعك منهم فنحن أبناء دمك نقدر لك الإنجازات ونتغاضى ونتعاون لنصلح الزلات، انت الحبيب ننصحك ونساعدك ولكننا لا نجعلك حديثاً لكل مارٍ في الطريق، ونسقيك من ماء عيوننا فأنت الصديق.
وهكذا وبعد أن خطر ببالي تحية شكرٍ صباحية بناءً على تلك الليلة الهمجية وكيف استطاع الوطن والقائد والعسكر وما زالوا يحمون حمى الدار، تراقصت بين عيناي "قلاية البندورة" مع خبز الطابون ليكون إفطاراً بنكهة الحب والعرفان، فنحن نأكلها بحب ونهديها بحب، ولا نذكر أحداً بطعمها، ورغم أنها واحدة ولكنها في كل مرةٍ تتذوقها ستهديك شعوراً مختلفا أهمه الكرامة.