في لحظة تختزل معاني الكرامة والمسؤولية التاريخية، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني في قاعة البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ، مخاطبًا العالم بلغة الحكمة والحق. لم يكن الخطاب مجرد موقف سياسي أو دبلوماسي، بل كان نداءً إنسانيًا من قلب قائدٍ يحمل همّ أمته، وينطق بلسان شعبه، ويعبّر عن ضمير أمة ما زالت تنشد العدل في زمن التنازلات.
كلمات جلالته كانت واضحة، صادقة، وحازمة. حملت في طياتها رسالة أخلاقية قبل أن تكون سياسية، وأكد فيها أن السلام لا يمكن أن يُبنى على الخوف، ولا أن يُفرض بالقوة، وأن العدالة هي الأساس لأي استقرار دائم.
الملك عبدالله الثاني، الذي لطالما عبّر عن مواقف ثابتة تجاه القضية الفلسطينية، أعاد أمام أوروبا التأكيد على حق الفلسطينيين في نيل حريتهم وإقامة دولتهم المستقلة. تحدث عن معاناة غزة، والانتهاكات المستمرة في الضفة الغربية، وذكّر العالم بأن الإنسانية لا يمكن أن تتجزأ، ولا أن تخضع لمعايير مزدوجة.
كما شدد جلالته على أهمية حماية القدس ومقدساتها، مجددًا دور الأردن التاريخي كوصي على الأماكن المقدسة، وكمصدر للتوازن والاعتدال في محيط مضطرب.
خطاب الملك لم يكن دفاعًا عن قضية واحدة، بل دفاعًا عن القيم التي يجب أن توحد الشعوب: الحرية، الكرامة، والعدل. كانت كلماته بمثابة مرآة تعكس واقعًا مؤلمًا، لكنها أيضًا تزرع الأمل بأن صوت العقل لا يزال حاضرًا، وأن المبادئ لا تموت مهما اشتدت العواصف.
لقد عبّر جلالته عن الأردنيين جميعًا، وعن كل عربي حر، وعن كل إنسان يؤمن بالحق والعدالة. ولأننا نعرف من هو مليكنا ، نرفع رؤوسنا فخرًا ونقول:
نحن نفاخر بك الدنيا يا سيدي، لأنك صوت من لا صوت له، وضمير من سكت عنهم العالم.
حمى الله الأردن، وحمى مليكه المفدى.