facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الانحدار الأخلاقي .. كما رآه الملك من منصة البرلمان الأوروبي


يحيى الحموري
18-06-2025 08:36 PM

في مشهدٍ مهيب جمع السياسة بالأخلاق، والموقف بالكلمة، وقف جلالة الملك عبدالله الثاني، كصوت ضميرٍ إنسانيّ عالميّ، يخاطب برلمان أوروبا بقلبٍ مثقلٍ بالحقيقة، وعقلٍ مشبعٍ بالحكمة، ووجدانٍ لا يحتمل الصمت أمام الظلم المتغطرس.

قالها الملك بحزمٍ عارم: “إن العالم يتجه نحو انحدار أخلاقي، إذ تنكشف أمامنا نسخة مخزية من إنسانيتنا.”

ليست جملة عابرة، بل هي صرخة بحجم التاريخ، وصفعة بوجه من يعتقد أن التقدم التكنولوجي والاقتصادي يغني عن جوهر القيم الإنسانية. إنها إدانة أخلاقية شاملة لنظام دولي بات عاجزاً – أو متواطئاً – عن ردع آلة القتل، أو حتى الاعتراف بضحاياها.

في هذه العبارة القصيرة، تلخّصت مأساة العالم.

لقد كشف الملك عن جرح الإنسانية المفتوح، حيث يتكالب الأقوياء على الضعفاء، وتُداس الكرامات في ردهات المصالح، وتُشطب القيم من أجندات الدول العظمى، بينما يُساق الملايين نحو العذاب بصمت دولي خانق.

أيُّ انحدارٍ أعظم من أن تغدو الحقيقة عبئاً، والعدل تهمة، والمظلومية جريمة؟
أيّ زمنٍ هذا الذي تُشرعن فيه المجازر، وتُجمل فيه البشاعة تحت مسمّيات “الدفاع المشروع” و”حقّ الأمن”، بينما تُنسى الحقوق، وتُنسف المواثيق الدولية تحت أقدام الهيمنة؟!

الملك لم يأتِ ليطلب تعاطفاً، بل جاء ليهزّ الضمائر.

جاء ليقول إن ما يجري اليوم ليس اختباراً لقوة القانون، بل امتحاناً لقيم العالم:
هل لا زال للعدالة معنى؟
هل بقي للإنسان قيمة؟
هل يستطيع العالم أن ينظر في المرآة دون أن يشعر بالخزي؟

لقد حوّل جلالته خطابه إلى وثيقة أخلاقية، تضع العالم أمام نفسه، وتعرّيه من زيف الشعارات. كشف التواطؤ الناعم، والانتقائية القاسية، والتناقض بين ما يُقال في المؤتمرات، وما يُفعل على الأرض، في غزة، في فلسطين، وفي كل زاوية يئن فيها المظلوم.

إن هذا الانحدار الأخلاقي ليس سقوطاً عابراً… بل هو بداية الانهيار الحقيقي لمفهوم “العالم المتحضّر”، إن لم يستيقظ الضمير العالمي، ويعيد تصويب البوصلة نحو إنسانيةٍ عادلة لا تخضع للمعايير المزدوجة، ولا تتجزأ باللون أو الدين أو الجغرافيا.

كلمة الملك عبدالله الثاني لم تكن مجرد خطاب رسمي، بل كانت بياناً إنسانياً يحمل في طيّاته تحذيراً واضحاً: “إذا تخلّت الأمم عن الأخلاق، فإنها تتخلى عن نفسها.”

ولعلّ أكثر ما نحتاجه اليوم هو ألا تمرّ كلماته مرور الكرام، بل أن تُدوَّن في دفاتر السياسة والأخلاق، وتُقرَأ في الجامعات والمنابر، وتُترجم إلى مواقف، لا إلى بيانات دبلوماسية باردة.

لقد نطق قائد عربي، باسم الإنسانية كلها… فهل من سامع؟.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :