facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




القيم في زمن الانهيار الأخلاقي نداء الملك عبد الله الثاني من البرلمان الأوروبي


فادي زواد السمردلي
19-06-2025 01:10 PM

في واحدة من أكثر اللحظات تأثيرًا على الساحة الدولية، أطلق جلالة الملك عبد الله الثاني صرخة أخلاقية مدوية من منبر البرلمان الأوروبي، محذرًا من الانهيار القيمي الذي يهدد المجتمع العالمي بأسره فلم يكن الخطاب مجرد تحليل سياسي لأزمات متلاحقة، بل كان رسالة عميقة تعكس إدراكًا حادًا للاتجاه الخطير الذي يسلكه العالم، حيث لم تعد القوة العسكرية ولا التكتلات السياسية قادرة على ضبط الفوضى المتزايدة، بل غابت عن المشهد المرجعيات الأخلاقية التي كانت في يوم من الأيام الضمان الحقيقي للسلام والاستقرار.

جلالته لم يتحدث عن الأزمات بمعناها التقليدي، بل قدمها كعرض لحالة إنسانية فقدت بوصلتها، بدءًا من الحروب الممتدة في أوكرانيا والشرق الأوسط، مرورًا بانتشار الكراهية والتضليل، وصولًا إلى التراخي الدولي في مواجهة المآسي التي يتعرض لها الأبرياء، وعلى رأسهم الشعب الفلسطيني وكانت غزة، كما وصفها، المثال الأوضح على هذا الانهيار فكيف يمكن للعالم أن يصمت، بل أن يعتاد، على تجويع الأطفال، واستهداف المستشفيات، وقصف المدنيين؟ كيف تتحول الوحشية إلى مشهد يومي عادي؟ هذا السؤال الأخلاقي الكبير هو جوهر الخطاب الملكي، وهو ما يجعل منه أكثر من مجرد خطاب سياسي، بل وقفة ضمير شاملة.

لقد أبرز الملك أن الحروب ليست دائمًا صراعًا على الأرض، بل كثيرًا ما تكون حربًا على القيم، على الحق والعدالة والرحمة. وهذا ما يجعل الصراع في فلسطين مسألة مبدئية لا تخص الفلسطينيين وحدهم، بل تمس العالم كله لأن الصمت عن هدم القيم هناك يعني القبول بانهيارها في كل مكان وتساءل جلالته بمرارة إذا ما استمرت الجرافات الإسرائيلية في تدمير منازل الفلسطينيين، ألا تهدم أيضًا الحدود الأخلاقية لما يقبله الضمير العالمي؟

في هذا الخطاب، وضع الملك القيم في موقعها الحقيقي هي ليست مجرد شعارات أخلاقية، بل أساس للأمن العالمي، وأداة لضمان كرامة الإنسان، مهما كان دينه أو عرقه وذكّر بأن السلام الذي يُفرض بالقوة أو يُولد من رحم الخوف، لا يمكن أن يدوم، وإنما السلام الحقيقي لا يصنعه سوى الإيمان المتبادل، والعدالة، واحترام الآخر وهنا تتجلى أهمية المرجعية الأوروبية، والتي أعادت بعد الحرب العالمية الثانية بناء نفسها على قواعد أخلاقية واضحة، واختارت الكرامة عوضاً عن الهيمنة، والقانون بديلاً عن القوة فهذا النموذج الأوروبي، كما بيّن الملك، هو ما يحتاجه العالم اليوم أكثر من أي وقت مضى.

كما ربط جلالته هذه القيم بتجربة الأردن التاريخية، وبالوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس مؤكدًا أن الدفاع عن التعددية الدينية وحماية الأماكن المقدسة هو جزء لا يتجزأ من رسالة الأردن، التي تقوم على التسامح والعيش المشترك والاحترام المتبادل.

في ختام خطابه، لم يترك الملك المستمعين أمام المأساة فحسب، بل دعاهم لتحمل مسؤوليتهم، وطرح خيارًا أخلاقيًا واضحًا إما الاستمرار في الانحدار والصمت، أو استعادة الضمير العالمي والوقوف إلى جانب القيم مهما كانت التحديات فالرسالة كانت حاسمة لا يمكن أن نكون محايدين أمام المعاناة، ولا يحق لنا أن نقف على الهامش بينما تُهدم المبادئ التي تشكل جوهر إنسانيتنا.

إن خطاب الملك عبد الله الثاني لم يكن دفاعًا عن قضية واحدة، بل دفاعًا عن الإنسان في كل مكان، في وجه عالم يوشك أن يفقد ملامحه الأخلاقية وفي زمن تغيب فيه الأصوات التي تدعو للحق، جاء صوته ليذكرنا أن القيم ليست رفاهية فكرية، بل هي الطريق الوحيد لإنقاذ عالم يوشك أن يغرق في ظلامه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :