البطوش: إيذاء الحيوانات مؤشر خطير قد يمتد للعنف ضد البشر
29-06-2025 08:18 PM
عمون - قالت الاستشارية النفسية الأسرية والتربوية حنين البطوش، إن سلوك إيذاء الحيوانات يُعد من المؤشرات النفسية والسلوكية المثيرة للقلق، نظرًا لما يحمله من دوافع خفية واضطرابات داخلية قد تكون أكثر تعقيدًا مما تبدو عليه في ظاهرها.
وأوضحت البطوش لعمون، أن هذا السلوك لا يحدث بمعزل عن السياق النفسي أو البيئي للفرد، مشيرة إلى أن البعض يلجأ لإيذاء الحيوانات كوسيلة لتعويض مشاعر النقص أو العجز، في محاولة للسيطرة على كائن أضعف، بينما يستخدمه آخرون كتنفيس عن الغضب أو الإحباط الناتج عن ضغوط حياتية أو أسرية، فيُسقطون مشاعرهم السلبية على كائنات لا تمتلك القدرة على الدفاع عن نفسها.
وأضافت أن الأخطر من ذلك هو ارتباط هذا السلوك باضطرابات نفسية أعمق، كاضطراب الشخصية المعادية للمجتمع، والذي يتميّز بغياب الشعور بالندم والتعاطف، أو ببعض أنماط الاضطراب السلوكي التي تتشكل في بيئات يغيب فيها الوعي بالقيم والحدود.
وبينت البطوش أن ما يُعرف بـ”مثلث ماكدونالد” – الذي يربط بين ثلاثة سلوكيات في مرحلة الطفولة، وهي: التبول اللاإرادي، إشعال الحرائق، وإيذاء الحيوانات – يشير إلى أن هذه الأفعال قد تكون مقدمات لسلوك إجرامي أو عدواني في المستقبل.
وتابعت: عندما يغيب التعاطف في سن مبكرة، ويُطبع العنف ضد الحيوان دون مساءلة، فإن احتمالية انتقال هذا السلوك لاحقًا إلى البشر تصبح واردة جدًا، خصوصًا إذا لم يُعالج مبكرًا.
وأكدت البطوش أن الألم النفسي غير المُعالج في الطفولة، كالتعرض للإيذاء أو الإهمال، قد يدفع الطفل إلى “إزاحة العدوان” على الحيوان، في محاولة غير واعية للسيطرة على مشاعر القهر أو العجز، ومع تكرار هذا النمط، يتحوّل الفعل إلى عادة وجدانية خالية من الرحمة، يصعب كسرها لاحقًا.
كما شددت على أن البيئة التربوية والثقافية تلعب دورًا بالغ الأهمية في تشكيل وعي الطفل تجاه الكائنات الأضعف، مضيفة: “حين يُعرض على الطفل مشهد إيذاء للحيوان بوصفه أمرًا ترفيهيًا أو استعراضًا للقوة، يتبرمج عقله الباطن على قبول العنف كأداة للتفوق، لا كجريمة تستحق الرفض.”
وعزت جزءًا من المسؤولية إلى وسائل الإعلام والألعاب الإلكترونية، التي وصفتها بأنها تسهم أحيانًا في “تطبيع العنف”، من خلال تصوير الأذى على أنه مضحك أو بطولي، مما يُفقد الطفل حساسيته تجاه الألم، ويجعله أقل قدرة على التعاطف بمرور الوقت.
وعن البعد القيمي والديني، أشارت إلى أن الرفق بالحيوان سلوك نبوي نابع من رقة القلب وكمال الرحمة، وهو خلق ينبغي أن يُزرع في النفوس المؤمنة اقتداءً برسول الله ﷺ، وهو ما يرسّخ أن الرفق بالحيوان مظهر من مظاهر إنسانية الفرد والمجتمع، وغيابه دليل على خلل أخلاقي أعمق.
وأضافت أن المؤسسات التعليمية والمجتمعية مطالبة بلعب دور فعّال في غرس مفاهيم الرحمة والرفق بالحيوانات في المناهج والأنشطة، وتشجيع الأطفال على التفاعل الإيجابي مع الكائنات الحية. كما دعت إلى تفعيل برامج التدخل المبكر التي تراقب السلوكيات المقلقة، وتوفّر الدعم النفسي والسلوكي قبل أن تتفاقم.
وختمت البطوش حديثها بالتأكيد على أن إيذاء الحيوانات ليس مجرد تصرف طائش، بل مؤشر خطر يستدعي التحرك الجاد من كافة الجهات: الأسرة، المدرسة، القانون، والإعلام، موضحة أن معالجة هذا السلوك تبدأ من الاعتراف بخطورته، وليس التهاون معه.