facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مشاريع الشرق الأوسط والخرائط الممزّقة


د. نعيم الملكاوي
03-07-2025 07:24 PM

"من طهران إلى غزة… ومن إسطنبول الى عدن ... الشرق الأوسط في قبضة المشاريع المتصدّعة "

منذ عقود ، ظل الشرق الأوسط ساحةً لتزاحم المشاريع الكبرى : المشروع الإيراني الممتد عبر محور المقاومة؛ المشروع التركي الذي يعيد توظيف إرثه العثماني وفق مصالحه؛ المشروع الصهيو أمريكي القائم على إعادة هندسة الخرائط عبر «الفوضى» ، «التطبيع» و «الازدهار» ؛ والمشروع العربي الذي بقي شبحاً بلا ملامح مكتملة.

اليوم ، وبعد حرب إسرائيلية إيرانية ضربت فيها المنظومة الصاروخية وثلاث مفاعلات نووية مركزية واشتباكات استنزفت وكلاء طهران من غزة إلى لبنان واليمن في حين غاب عن المشهد وكلاءها في سوريا والعراق ، باتت الأرقام تفضح ما أخفته الشعارات لترتسم ملامح جديدة لهذه المشاريع في ضوء التحولات الجارية.


أولاً : المشروع الإيراني — محورٌ يتصدّع بالأرقام

* إجمالي عدد الميليشيات المرتبطة بطهران في العراق وسوريا ولبنان واليمن يُقدّر بـ أكثر من 120 فصيلاً مسلّحاً ، بميزانية دعم تتراوح بين 15 إلى 20 مليار دولار سنوياً وفق تقديرات مراكز أبحاث غربية.

* في الحرب الأخيرة ، تكبّد حزب الله وحده خسائر بشرية تُقدّر بنحو 1,500 عنصراً وفقد قيادة الصف الأول خلال أشهر المواجهة مع إسرائيل ، وسط تقديرات بتراجع جاهزية ترسانته الصاروخية واللوجستية بنسبة 30% بفعل الضربات الجوية التي تلقاها .

* في اليمن ، رغم أن الحوثيين ما زالوا يسيطرون على نحو 70% من شمال البلاد ، إلا أن الانقسامات الداخلية جعلت بعض الألوية تتصرف خارج توجيهات طهران .
وعليه فإن المشروع الإيراني لم يعد متماسكًا كما كان ، إذ أصبح نفوذه رهين استنزاف ميداني وضغوط مالية وسط بيئة إقليمية أشد صرامة وتهديد امريكي بالعودة الى العمليات العسكرية .


ثانياً : المشروع التركي — ترويض الفوضى عبر الحدود

* منذ 2016 ، نفّذت تركيا ما يزيد عن 4 عمليات عسكرية كبرى في شمال سوريا ، وسيطرت فعلياً على جيب حدودي يقطنه أكثر من 3 ملايين نسمة .
* صادرات تركيا إلى دول الشرق الأوسط ارتفعت من 35 مليار دولار عام 2020 إلى أكثر من 50 مليار دولار عام 2024 ، ما يعكس كيف صار الاقتصاد نافذة نفوذ أنقرة الأهم اتجاه الاقليم .

* ميزانية الدفاع التركية سجلت ارتفاعاً بنسبة 40% خلال السنوات الثلاث الأخيرة ، معظمها لتطوير برامج الطائرات المسيّرة التي تلعب دوراً مركزياً في فرض التوازنات على الساحة.

أنقرة تمارس ضبط إيقاع للفوضى لا بهدف توسع إمبراطوري مباشر ، بل لحماية حدودها وأمنها الاقتصادي ، عبر إدارة المشهد لا الانغماس فيه وبدون تبني تبعاته .



ثالثاً : المشروع الصهيوـ أمريكي — هندسة الخرائط بالتطبيع والفوضى والازدهار تارة اخرى

* تزامنت الضربة الإسرائيلية لإيران مع أكبر موجة تطبيع أمني ـ اقتصادي مع دول عربية منذ 2020 ضمن المسار الابراهيمي ؛ إذ وقّعت إسرائيل مؤخراً اتفاقيات «شراكة دفاعية» مع 3 دول خليجية جديدة ، وبلغت التجارة الإسرائيلية الخليجية ما يزيد عن 5 مليارات دولار سنوياً .

* تمتلك إسرائيل أكثر من 200 رأس نووي وفق تقارير غير رسمية ، فيما زادت واشنطن مساعداتها العسكرية لتل أبيب إلى 4 مليارات دولار سنوياً.
* في غزة وحدها ، تشير التقديرات إلى أن الحرب الأخيرة دمّرت أكثر من 60% من البنية التحتية ، ما يخلق فراغاً إنسانياً وأمنياً يُعاد توظيفه ضمن سياسة « السلام القلق ».
ان المشروع الصهيوـ أمريكي لم يعد يكتفي بالقوة الصلبة ، بل يحاول ان يزرع سلاماً هشّاً يبقي المنطقة رهينة صفقة أو ضربة مسيّرة او تدخل عسكري في أي وقت.



رابعاً : المشروع العربي — حضور رقمي بلا مشروع جامع

* وفق أرقام البنك الدولي ، أنفقت الدول العربية مجتمعة أكثر من 100 مليار دولار على التسلح في عام 2024 وحده ، لكن دون وجود تحالف دفاعي مشترك فعال .
* تسجّل نسبة التعاون الاقتصادي البيني العربي أدنى مستوياتها عالمياً ، إذ لم تتجاوز 10% من إجمالي التجارة الخارجية للدول العربية.

* في المقابل ، يُقدّر عدد القواعد العسكرية الأجنبية في المنطقة بأكثر من 40 قاعدة أمريكية وفرنسية وبريطانية وتركية ، في مؤشر على الفراغ الاستراتيجي الذي يملأه الآخرون.

المشروع العربي يبقي أرقاماً متفرّقة بلا ملامح استراتيجية واحدة ، كثيراً ما يتماهى البعض مع المشاريع الاخرى أو يقف في منطقة رمادية خلف ظلالها.

اما في غزة ، تتناوب الفصائل على البقاء في المشهد رغم الحصار والقصف ، لكن غياب حاضنة إقليمية ( عربية / إسلامية ) مستقرة يزيد من هشاشة أوراق المقاومة ويزيد من عناء الغزيين.


من يكتب الخرائط ومن يُمحى منها ؟ هكذا ، لا تكتمل خريطة الشرق الأوسط إلا إذا قُرِئت من فجواتها . مشروعٌ إيراني يترنّح بين طموح التوسع وكلفة الوكلاء ؛ مشروعٌ تركيٌ يداوي أمنه عبر ضوابط مصلحية ؛ مشروعٌ صهيوـ أمريكيٌ يتقن تدوير الفوضى وتصدير «السلام القلق» ؛ ومشروعٌ عربيٌ غائبٌ ينتظر خرائط غيره ليُعيد تعريف نفسه.

في شرقٍ لا يحترم الفراغ ، قد يولد مشروعٌ عربيٌّ ذات يومٍ من رماد الخسارات ، أو قد نبقى لعقود أخرى نقرأ خرائط الآخرين ونحصي الخسائر... بالأرقام متفرجين غير فاعلين.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :