عاشوراء بين نصر اليقين وتيه التخاذل
م. عبدالله الفاعوري
05-07-2025 06:51 PM
يصادف اليوم العاشر من شهر محرّم، المعروف بيوم عاشوراء، وهو اليوم الذي نجّى الله فيه سيدنا موسى عليه السلام من فرعون وقومه، ليكون هذا اليوم شاهدًا ومبشّرًا بانتصار الحق، ولو بلغ الأمر حدّ اليأس.
إنّ هذا اليوم، الذي شهد زوال أحد كبار الطغاة في الأرض، يحمل معاني عظيمة، تؤكّد أنّ عاقبة الظلم وخيمة، وأنه مهما علا واستكبر، فمصيره الخضوع للحق. فعندما تسلّل اليأس إلى نفوس من آمنوا مع سيدنا موسى، وقالوا: "إنّا لمدركون" – إذ كان فرعون من ورائهم والبحر من أمامهم – ظهر الإيمان الحقيقي عند سيدنا موسى عليه السلام، بيقين راسخ، حين قال كما ورد في كتاب الله تعالى: (كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)، فتحقّق نصر الله لعباده عندما تحقق اليقين والاعتقاد الجازم بأنّه الناصر المعين.
ومن دروس هذا اليوم العظيم، أنّه بعد نجاة بني إسرائيل ومشاهدتهم لهذه المعجزة الربانية، أمرهم نبيّ الله بدخول الأرض المباركة، فرفضوا وقالوا: "إن فيها قومًا جبارين"، فظهر التردد والشك في نفوسهم، وبرزت علامات الذلّ التي ترسّخت فيهم طوال سنوات استعبادهم عند فرعون. فجاء الأمر الإلهي بأن يتيهوا في الأرض أربعين سنة، علّه يخرج من أصلابهم جيل يحمل معاني اليقين والإيمان الحسن بالله، ويدخل الأرض المباركة متسلّحًا بيقين النصر الإلهي.
وها هو التاريخ يعيد نفسه اليوم. فأمّتنا تعيش حالة من التيه: تيه عن أهدافها، وآمالها، وتطلّعاتها، وتيه عن مقدّساتها، وتيه عن نصرة المستضعفين، ونصرة إخوة الدم والرابطة المتينة.
إنّ هذه المفارقة التاريخية ليست عبثية، بل سُطّرت لشحذ الهمم، وبثّ العزيمة في النفوس. فاللهم أعزّ الأمّة، واحفظها من كل شرّ.