على سفح تلة وقف زيد يتأمل بساتين قريته، وخيوط أشعة شمس الغروب تغازل عينيه، اللتين تحملان مشاعر الفخر والاعتزاز بما حقق في سنوات عمره الثلاثين. وفي لحظات تَفكُّرٍ وتَذكُّر، قال لنفسه، ونسيم هواء قريته العليل يداعب أنفاسه: هذا أنا ..
في وقفته هذه شاهد مدرسته التي بدأ طريقه منها، بعد أن أيقن أن التعليم هو سبيل النجاح.
ورغم التحديات الاقتصادية التي واجهتها أسرته آنذاك، تمكن من الالتحاق بالجامعة، وتخرج بتخصص إدارة الأعمال، حيث عمل أثناء دراسته في وظائف بسيطة؛ لتساعده على توفير دخل مادي يعينه على تسديد أقساط الجامعة، واكتساب الخبرة العملية لتطوير مهاراته وصقل شخصيته؛ لأنه كان يملك أقصى درجات الطموح للوصول إلى الأفضل وتحقيق حلمه بتأسيس عمله الخاص.
لتحقيق ذلك، ونظرًا لعدم معرفته في كيفية تأسيس الأعمال الخاصة، وعدم توفر المال الكافي، شارك في العديد من الدورات والورش التدريبية، التي توفرها بعض المؤسسات المختصة في تدريب الشباب، على ريادة الأعمال وبناء المشاريع الريادية، ومساعدتهم للتعرف على كيفية البحث عن مصادر التمويل، لتنفيذ أفكارهم الإبداعية.
أسس زيدٌ شركته الناشئة في مجال استغلال مخلفات وبقايا الطعام، وإعادة تدويرها بتحويلها إلى سماد زراعي باستخدام أجهزة خاصه، كرَّس طاقاته وخبراته على ابتكارها وتصنيعها، حيث أصبحت شركته خلال ثلاث سنوات من أبرز الشركات التي توفر العديد من فرص العمل لأبناء قريته، وتساهم في المبادرات الاجتماعية والتنموية في المجال الزراعي.
قصة زيد هي نموذج لكل شاب أردني ينتمي لوطنه وأرضه، واثقًا من نفسه، مؤمنًا بقدراته على البناء والتغيير والتحديث، ومستعينًا بمؤسسات وطنه مثل مؤسسة ولي العهد، التي تساعد الشباب، وتزودهم بالمعرفة والتدريب؛ لتوصلهم إلى النجاح بخطى ثابتة نحو مستقبل مشرق، جاعلين من وطنهم منارة للإبداع والإلهام.
هذا أنا...
تلك البساتين والحقول التي نظر إليها من على تلك التلة المطلة على قريته، وقال بصوت عال: انا ابن الأردن الشامخ، من جيل التجديد والتحديث.
Email; safadi@psut.edu.jo