facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الديناصور وبنت أخته السحلية: قصة رمزية عن الهيمنة وتواطؤ القوة


م. بسام ابو النصر
07-07-2025 11:06 AM

في مشهد تعبيري ساخر لكنه بالغ الدلالة، تُروى قصة "السحلية وخالها الديناصور" لتكشف عن أوجه التواطؤ والهيمنة والعدوانية في النظام العالمي الراهن، حيث تتجسد القوة الغاشمة في صورة رمزية تسخر من الواقع السياسي والعسكري، وتفضح ميزان العدالة المختل. فالقصة، التي تبدو في ظاهرها حكاية طريفة عن حفل زفاف وكلاب ترقص وسحلية تتحدى، ما هي إلا إسقاط دقيق على ما يحدث في منطقتنا، وخصوصًا ما تمارسه المستعمرة الصهيونية من اعتداءات على دول الجوار بدعم وتبرير غربي مطلق.

في هذه القصة، تقرر الكلاب إقامة حفل زفاف لابنها "بندق"، ويدعى إليه كل من في الغابة، وعلى رأسهم الأسد، رمز السلطة. وبينما الجميع في نشوة الفرح والرقص، تدخل سحلية صغيرة تبدو وديعة وضعيفة، لكنها فجأة تبدأ في تحدي الأسد وتطالبه بالنزال. الأسد يستهزئ، ويرسل قطًا من الحضور لمواجهتها، لكن ما إن يدخل معها إلى الخارج حتى يعود والدماء تكسوه. يكرر الأسد الفعل مع كلب ثم مع نمر، والنتيجة واحدة: السحلية تصرع الجميع، وتعود أقوى وأكثر تحديًا، مطالبة الأسد أن يواجهها بنفسه.

في النهاية، وتحت ضغط الهتاف والحرج، يقرر الأسد أن يذهب إلى الحلبة. يخرج لملاقاة السحلية، لكن ما إن تغلق الأبواب خلفه، حتى يسمع الحضور الأصوات نفسها التي سبقت عودة الجرحى. ثم يعود الأسد، مضرجًا بدمائه، وخلفه يظهر الديناصور الهائل، يعلن للجميع أن من يقترب من بنت أخته السحلية سيكون خصمه، وأنه لن يسمح لأحد أن يمس شعرة منها، مهما كانت هي المعتدية.

هذه القصة، رغم غرابتها الظاهرة، تعبر بدقة عن مشهد الهيمنة الذي نراه في السياسة الدولية، وخاصة في ما يتعلق بإسرائيل. فالسحلية الصغيرة، التي تعتدي شمالًا على لبنان، وشرقًا على سوريا، وجنوبًا على اليمن، وغزة، لا تكفّ عن القتال والتحرش والضرب، ثم ما إن يرد أحد أو يدافع، حتى يهبّ الديناصور الضخم من وراء البحار، مسخرًا صوته وقنابله وطائراته للدفاع عنها، بل ولقمع كل من تسوّل له نفسه الاعتراض أو المقاومة.

السحلية هنا تمثل المستعمرة الصهيونية، التي رغم حجمها، تتصرف كقوة طاغية بفضل من يحميها ويبرر أفعالها. أما الديناصور، فهو الولايات المتحدة، أو الغرب الاستعماري بوجه عام، الذي يرى في إسرائيل قاعدة متقدمة لمصالحه، فلا يسمح بالمساس بها، ولو كانت هي البادئة والمعتدية. الإعلام الغربي، والمؤسسات السياسية، وحتى المنظمات الدولية، تغض الطرف عن القتل والتدمير، وتصر على الرواية ذاتها: أن السحلية "تدافع عن نفسها".

هكذا، يتحول النزال إلى مسرحية عبثية، حيث يُحاكم الضعيف إذا دافع عن نفسه، وتُبرَّر المجازر إذا صدرت عن "بنت أخته" المدللة. وتصبح العدالة مجرد صوت مكتوم في زوايا الحفل، لا يجرؤ أحد على رفعه خشية أن يظهر الديناصور، مهددًا ومتوعدًا.

لكن القصة، رغم سوداويتها، تلمّح أيضًا إلى بداية تشقق في الجدار. فالحضور – الذين صفقوا للأسد، ثم ذُهلوا بعودته مكسورًا – بدأوا يرون الحقيقة، ويدركون أن السحلية ليست وحدها، وأن المعركة ليست عادلة. ربما لا يملكون القوة الكافية حتى الآن، لكن الوعي يبدأ دائمًا من الأسطورة، من الحكاية، من الرمز الذي يكشف ما لا يُقال.

إن قصة السحلية وخالها الديناصور ليست فقط سردًا طريفًا، بل هي صرخة تعبيرية ضد واقع تتحكم فيه القوة لا الحق، وحكاية رمزية تكشف كيف تصنع الطائرات والصواريخ والأساطير الحديثة من المعتدي ضحية، ومن الضحية إرهابيًا. وفي هذا الزمان، لا بد من أن نروي الحكاية كما هي، ونشير بوضوح: هذا هو الديناصور، وتلك هي السحلية، ونحن لم نعد نضحك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :