facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التشاركية ضرورة وطنية (نواب وحكومة)


د. هاشم احمد بلص
13-07-2025 07:43 PM

في إطار الرؤى الملكية السامية التي عبّر عنها جلالة الملك عبد الله الثاني في مناسبات متعددة، تُعد التشاركية بين السلطات الدستورية، وعلى رأسها مجلس الوزراء ومجلس النواب، ركيزة أساسية لتحقيق الإصلاح السياسي والإداري وتعزيز دولة القانون والمؤسسات، وقد دعا جلالته إلى تعاون فعّال ومتكامل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، يقوم على الحوار والاحترام المتبادل والعمل من أجل المصلحة الوطنية العليا، حيث يرتكز الفكر السياسي لجلالة الملك على ضرورة بناء شراكة حقيقية بين مجلس الوزراء ومجلس النواب، بحيث يكون البرلمان سلطة رقابية وتشريعية فاعلة، لا مجرد جهة للموافقة الشكلية أو للعرقلة السياسية، وأن يمارس مجلس الوزراء صلاحياته التنفيذية بروح المسؤولية والشفافية، وقد شدد جلالته في أوراقه النقاشية، لا سيما الورقة النقاشية الثالثة، على أهمية تطوير الممارسة الديمقراطية من خلال برلمانات قوية وحكومات تستمد شرعيتها من أداءها لا من موقعها فقط.

رغم وضوح التوجيهات الملكية السامية، إلا أن الواقع يكشف عن فجوة بين النظرية والممارسة، فالعلاقة بين مجلس الوزراء ومجلس النواب ما تزال في كثير من الأحيان تتسم بالتوتر أو التنافر، بدلًا من التعاون البناء، نلحظ أحيانًا استخدام الأدوات الدستورية – كالأسئلة والاستجوابات وطرح الثقة – لأغراض شعبوية أو تصفية حسابات سياسية، لا لتحقيق الرقابة البنّاءة، لقد بات ضعف الحضور النيابي في الجلسات، وقلة المبادرات القادرة على إحداث تغيير ملموس، علامة بارزة تعكس تراجع الالتزام بالمهمة الوطنية التي اختارها الشعب، كما أنّ غياب الرقابة الحقيقية على الحكومة، أفرغ السلطة التشريعية من قوتها المفترضة، وفتح الباب أمام تغوّل السلطة التنفيذية في بعض الملفات، ولعلّ أحد أبرز أسباب هذا التراجع هو تركيز بعض النواب على إرضاء قواعدهم الشعبية من خلال الشعارات الشعبوية غير المنتجة، التي تستهدف كسب الرضا اللحظي بدلًا من الانخراط في عمل مؤسسي فعّال يعالج جذور المشاكل، فتتحول المنصة النيابية إلى وسيلة للخطابات العاطفية بدل أن تكون أداة للتشريع والرقابة، وتغيب عن المشهد النيابي الرؤية الاستراتيجية والسياسات المدروسة، لتحل محلها المطالب الفئوية، والمزايدات السياسية، التي وإن بدت رنانة، إلا أنها لا تصنع حلولًا حقيقية.

من جهة أخرى، تتخذ الحكومة في بعض الأحيان قرارات مصيرية دون التشاور المسبق أو الكافي مع البرلمان، أو حتى إشراكه في مراحل مبكرة من صنع القرار. وهذا ما يُضعف الثقة بين السلطتين ويكرّس عقلية العمل المنفرد، وهو ما يتعارض مع جوهر النظام النيابي الملكي الوراثي القائم على مبدأ الفصل المرن بين السلطات.

غياب التشاركية الحقيقية بين السلطتين يؤدي إلى تدنّي فعالية السياسات العامة، وتعثر مشاريع القوانين، وتراجع ثقة المواطنين بالمؤسسات، كما أن هذا الخلل يعزز الانطباع بأن القرارات لا تُصنع ضمن حوار وطني شامل، بل تُفرض من أعلى دون مراعاة لنبض الشارع أو لمتطلبات العدالة الاجتماعية.

مما يدفعنا الى المطالبة بالعودة إلى التوجيهات الملكية كمرجعية أساسية التي تعد السبيل الحقيقي لتصحيح المسار، ويتطلب ذلك تعزيز قنوات الحوار والتنسيق بين الحكومة والبرلمان قبل طرح السياسات الكبرى، وتمكين النواب من أداء دورهم الرقابي والتشريعي ضمن بيئة خالية من التهديد أو الإقصاء، والابتعاد عن الشعبوية والتجاذبات الضيقة التي تعيق العمل المشترك وتحرفه عن هدفه، وتحقيق الشفافية في اتخاذ القرار ومصارحة الرأي العام بشأن التحديات والخطط.

التشاركية بين مجلس الوزراء ومجلس النواب ليست ترفًا ديمقراطيًا، بل هي جوهر الاستقرار السياسي وأداة فاعلة لتحقيق التنمية الشاملة، والرؤية الملكية قد وضعت الأساس النظري السليم، لكن التحدي اليوم هو في إرادة التطبيق، آن الأوان لتغليب المصلحة العامة على الحسابات الضيقة، والارتقاء بالأداء السياسي بما يتسق مع طموحات الأردنيين وثقة قيادتهم، وان حل اي خلاف لا يكون بالمواقف المتصلبة أو بتسجيل النقاط، بل بترسيخ قواعد الحوار المؤسسي المبني على احترام الدستور وتكامل الأدوار، المطلوب اليوم شجاعة سياسية من الطرفين لوضع خلافاتهما جانبًا والانخراط في مسار تشاركي حقيقي يخدم الأردنيين ويترجم الرؤية الملكية إلى واقع ملموس.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :