facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أفول الإسلام السياسي: من الفعل إلى ردّ الفعل


المحامي الدكتور فـــارس المجالي
19-07-2025 03:11 PM

في لحظة تاريخية فارقة، يبدو تيار الإسلام السياسي وقد فقد بريقه، وتراجع عن موقعه كفاعل محوري في الحياة السياسية العربية والإسلامية، إلى مجرد مكونٍ هامشي، يتحرك بردود أفعال أكثر من كونه مبادِرًا، ويبحث عن مكان في مشهد لم يعد مهيأً لاستقباله بنفس القبول القديم.
هذا التيار، الذي كان يُنظر إليه في العقود الماضية باعتباره "المشروع البديل" للدولة الوطنية أو الأنظمة القائمة، نجح في فترات متفرقة بتحقيق مكاسب شعبية وانتخابية، بل واعتلى سدة الحكم في أكثر من دولة بعد ثورات ما يُعرف بـ"الربيع العربي". غير أن هذه الفرصة الذهبية سرعان ما تحوّلت إلى عبء ثقيل، كشف عن ضعف البنية الفكرية والتنظيمية، وغياب الرؤية الواقعية لإدارة الدولة، وعدم القدرة على الموازنة بين الخطاب الديني ومتطلبات الحكم العصري.
فشل الإسلام السياسي لم يكن فقط نتاج ضغوط محلية أو إقليمية، بل كان أيضًا انعكاسًا لفجوة داخلية عميقة بين الشعارات والتطبيق، بين الحديث عن "الحكم الراشد" وبين الواقع المليء بالتناقضات والمحسوبيات. التجربة أوضحت أن التيار لم يكن مهيأً لتحمل مسؤوليات الحكم، بل ظل أسيرًا لمنطق المعارضة والتجييش الجماهيري، دون أن يطور أدواته السياسية والاقتصادية والإدارية.
ومع تغير المشهد الإقليمي، ودخول المنطقة في مرحلة إعادة التشكيل على أسس جديدة، وجد الإسلام السياسي نفسه على الهامش. التنظيمات الكبرى تفككت أو تم تقييدها، القواعد الشعبية تراجعت، والحاضنة المجتمعية تآكلت، إما بسبب القمع، أو بسبب خيبة الأمل في تجربة الحكم.
اليوم، لم يعد الإسلام السياسي في موقع الفعل. بل باتت ردود أفعاله مشتتة، ومواقفه مرتبكة، وسلوكه أقرب إلى الدفاع عن الذات منه إلى تقديم أي مشروع بديل. هذا الانكفاء الواضح يؤشر إلى مرحلة أفول حقيقي، لا مجرد تراجع مؤقت.
لكن هذا لا يعني أن الإسلام السياسي قد انتهى تمامًا. بل يعني أن شكله القديم – كقوة صاعدة ومهيمنة – قد ولى، وأن المرحلة المقبلة إن شهدت عودته، فستكون بشروط جديدة، قد تتطلب منه التخلي عن الخطاب العقائدي الجامد، والانخراط في الحياة السياسية المدنية بأدوات أكثر واقعية، وتحت مظلة وطنية لا أيديولوجية.
ختامًا، فإن نهاية الإسلام السياسي ليست ناتجة عن مؤامرة خارجية فحسب، بل نتيجة أخطاء داخلية بنيوية عجز التيار عن تصحيحها، وتغييبه للتحديث الفكري والتنظيمي، ورفضه لمغادرة عقلية الجماعة نحو أفق الدولة.
والسؤال الذي يُطرح الآن: هل سيتعلم هذا التيار من دروس الفشل؟ أم سيبقى يراوح في مكانه، إلى أن يطويه التاريخ كحالة عابرة في مسار تحولات المنطقة؟





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :