التوجيهي .. طعم الفرحة العادل! * علي أحمد الدباس
02-08-2011 02:22 AM
يوم السبت الماضي مارست نفس عاداتي في كل عام عند صدور نتائج الثانوية ، فقد اعتدت أن أستيقظ باكرا في ذلك اليوم ، أترقب النتائج حتى لو لم يكن لي طالب قريب أو يخصني من قريب أو بعيد ، و بعد اعلان النتائج أحرص على الانضمام لزفات الناجحين في الشوارع و لحالة الفوضى العارمة التي تجتاح مدننا في ذلك اليوم كما أزور مدرستي لاستقراء نتائجها.
هي عادة نتجت عن إيماني العميق أن فرحة النجاح في التوجيهي لا تعادلها أية فرحة ، فقط لكونها الفرحة الوحيدة في الأردن التي تكون مقرونة بالشعور بالعدالة لدى الجميع من الناجحين. فهذا الامتحان يقيس فعليا مدى الاستعداد لتقديمه و تنطبق عليه القاعدة الافلاطونية " إن تدرس تنجح " !
استغرب حين تعلو الدعوات من الناس لإلغاء امتحانات التوجيهي ، و أشعر أننا انتقلنا الى العيش في سويسرا ، حيث لا واسطة و لا محسوبية و لا رشاوي و لا تجاوزات و لا أحد فوق القانون . هل يريدون فعلا أن نلغي الامتحان الوحيد الذي يكفل العدالة للجميع و الذي يتعامل مع مئة ألف طالب كأرقام بلا أسماء و لا هويات و لا قرابات و لا صداقات؟ هل يريدون حتى أن يسلبوا الفقير حقه في أن يكون له فرحة يحققها ب "ذراعه " ؟ هل يريدون أن يحولوا نجاح المدرسة ليكون حكرا على الأغنى و الأقوى و ربما الأكثر سندا؟
أجمل ما في التوجيهي هو هذه العدالة الغائبة عن كل مراحل الحياة في مجتمعنا، فقبل التوجيهي لا يشعر المرء بطعم العدالة ، لا في البيت بين إخوته و تعامل الأهل المختلف مع كل منهم ، و لا في المدرسة حيث يميز المعلم بين الطلاب على قاعدة " و لن تعدلوا " ، و لا في الشارع حيث تكون الغلبة للأقوى .... أما بعد التوجيهي فلن يشعر الطالب بالعدالة لا في الجامعة حيث المحسوبيات و الرشاوي التي أفشلت نظامنا التعليمي ، و لا في العمل حيث الفساد وصل في الشركات الخاصة أكثر مما نسمع في القطاع الحكومي ، و لا حتى في المنظومة الاجتماعية التي تحولت الى العمل بقاعدة " معك قرش بتسوى قرش"!
التوجيهي مرحلة مختلفة تماما... يشعر فيها الجميع بمعنى العدالة ، حيث الجميع سواسية أمام أوراق الامتحان ، و حيث الجميع سواسية أمام المصلحين ، و حيث الجميع سواسية أمام من يقرأ النتائج و بعلنها . و نستكثر على أنفسنا أن نشعر يوما واحدا في العام بطعم العدالة الجميل؟
مبروك لكل الناجحين الذين سهروا و تعبوا ، لكل من درس ، و لكل من اجتهد ، و تذكروا أن تتمسكوا بحقكم بحياة عادلة ، تفرحوا بنتائجها عند كل منعطف ، أما من يحالفهم الحظ و لم يجدوا أي شماعة يعلقوا عليها كبوتهم لأنهم لا يستطيعون القول بظلم التوجيهي فتذكروا أن الحياة إن أغلقت في وجهكم بابا ، فهي عادة ما تفتح في نفس الوقت أبوابا كثيرة أخرى لكننا نبقى محدقين في الباب المغلق و لا نستطيع رؤية الأبواب المفتوحة .
أتمنى أحيانا أن تصبح حياتنا كلها إمتخانا للتوجيهي فقط لنشعر كل يوم بمعنى العدالة المريح